سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 16يوليو 1970.. الزعيم السوفيتى بريجنيف يعلن فى آخر اجتماعاته مع عبدالناصر قرار القيادة بالموافقة على معظم طلبات الأسلحة لمصر بتخفيض 50 % من ثمنها

انتهى الاجتماع الرابع والأخير بين الوفد المصرى برئاسة جمال عبدالناصر، والقادة السوفييت، بعد ساعتين ونصف الساعة من المباحثات يوم 16 يوليو، مثل هذا اليوم، 1970، حسبما تذكر جريدة «الأهرام» فى عددها 17 يوليو 1970، وذلك خلال زيارة عبدالناصر إلى موسكو منذ يوم 29 يونيو 1970، وكانت هى الأخيرة له، والخامسة فى لقاءاته مع القادة السوفييت منذ هزيمة 5 يونيو 1967، حسبما يذكر الفريق أول محمد فوزى وزير الحربية وقتئذ فى مذكراته «حرب الثلاث سنوات - 1967، 1970».
كان يرافق عبدالناصر، على صبرى عضو اللجنة التنفيذية للاتحاد الاشتراكى، والفريق أول محمد فوزى، والكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل وزير الإعلام، ورئيس تحرير الأهرام، ومحمود رياض وزير الخارجية الذى يصف هذه الزيارة بأنها «أكثر الجولات حسما فى المباحثات مع الاتحاد السوفيتى» وفقا لمذكراته «البحث عن السلام والصراع فى الشرق الأوسط»، وشهدت الزيارة اجتماعا لعبدالناصر مع القادة السوفييت يوم 30 يونيو 1970، وجلسة ثانية فى الأول من يوليو، ويذكر الفريق فوزى: «كان الاتحاد السوفيتى مشغولا فى هذه الفترة باللقاءات والاجتماعات الحزبية النصف السنوية لمجلس السوفييت الأعلى واللجنة المركزية، واستأذن القادة السوفييت من الرئيس عبدالناصر لانعقاد الجلسة التالية يوم 11 يوليو 1970، وفضل الرئيس عبدالناصر تمضية هذه الفترة فى مستشفى ومركز نقاهة «بربيخا» على بعد نحو 30 كيلومترا غرب موسكو، ورافقه على صبرى وأنا».
تناولت هذه الزيارة عدة قضايا أهمها «مباردة روجرز» التى تقدم بها وزير الخارجية الأمريكية وليام روجرز، وإبلاغ عبدالناصر للقادة السوفييت أنه سيوافق عليها، كما تناولت الزيارة مطالب بتزويد مصر بأسلحة سوفيتية جديدة حددها الفريق فوزى الذى يكشف أنه فى اجتماع 16 يوليو، مثل هذا اليوم، 1970، قرأ بريجنيف قرار القيادة السوفيتية، وفيما يتعلق بالجانب العسكرى قال: «إن الاتحاد السوفيتى قرر من جانبه الاستجابة لمعظم الطلبات التى تقدم بها الفريق محمد فوزى، ويصل ثمنها إلى نحو 400 مليون دولار، وأنه قرر إجراء تخفيض فى القيمة عند الدفع تصل إلى 50 %، وأن الأسلحة والمعدات الإلكترونية سوف تصل إلى مصر طبقا لجدول زمنى اتفق عليه بين الجانبين، أما باقى المعدات والأسلحة ستصلكم قبل نهاية 1970، أما تواجد الطائرات قاذفة القنابل «ت، ى، 16 س» فيحسن تأجيل إرسالها حاليا لأنه قد يسبب مضاعفات دولية».
يكشف محمود رياض، تفاصيل أخرى فى هذه الجلسة، ومنها إشارة بريجنيف إلى ما وصلهم من معلومات عن قيام وزارة الإعلام فى مصر باستطلاع رأى الشعب فى وجود الخبراء السوفييت بمصر، ورد عبدالناصر قائلا: «هذه المعلومات غير صحيحة، والذى يحدث عندنا هو أن مصلحة الاستعلامات التابعة لوزارة الإعلام، وغيرها من الأجهزة ترسل إلىّ بناء على طلبى تقارير دورية عن مشاعر الرأى العام بالنسبة لمختلف الموضوعات الجارية، ومن الطبيعى أنه يوجد فى مصر أشخاص يرفضون وجود أى علاقة معكم، كما يوجد لديكم هنا فى الاتحاد السوفيتى حسب ما نسمعه من إذاعات الغرب عدد من الكتاب والمثقفين المنشقين ضدكم».. رد بريجنيف: «أثرت هذا الموضوع لكى يكون واضحا أنه بانتهاء مشكلة الشرق الأوسط سوف يرحل مستشارنا وخبراؤنا وطيارونا من مصر مباشرة لأننا لا نرضى أن نُتهم باحتلال أراضى الغير، وهى الصورة التى تحاول الدعاية الأمريكية المضادة رسمها لنا».
يتذكر رياض: «هنا جاء دور الرئيس عبدالناصر لينفعل قائلا بشىء من الحدة: «إننى غير سعيد بسماع هذا الكلام، فلم أكن لأرضى لنفسى بالحضور أساسا إلى موسكو لو أننى تشككت لحظة واحدة فى شبهة وجود ما يسمى باحتلال سوفيتى، فأنا الذى طلبت من الاتحاد السوفيتى الخبراء والطيارين، وأنا الذى سأطلب منكم استردادهم حينما تنتهى مهمتهم التى جاءوا لأجلها، والذى يتحدث عن «احتلال سوفيتى» لمصر هم جولدا مائير ونيكسون وكيسنجر».. يؤكد رياض: «قال بريجنيف ضاحكا: عموما أيها الصديق عبدالناصر، لا بأس من أننا تبادلنا تلك التوضيحات بهذه الصراحة، لأن تلك الشائعات المضادة تؤلمنا بقدر ما تؤلمكم».
يؤكد الفريق فوزى: «انتهى لقاء القمة بإمداد القوات المسلحة المصرية بنظام كامل لأجهزة الحرب الإلكترونية المتطورة لمنطقة القناة، وأخرى للمنطقة المركزية ووصلت على التوالى فى خلال أغسطس 1970، كما تم توريد لواء كامل سام 6 بأطقم سوفيتية وأجهزة إدارة نيرانه الإلكترونية وأجهزة رادار إنذار وتوجيه خاصة به، ووصل هذا اللواء كاملا بأفراده السوفييت جوا إلى أسوان للدفاع عن السد العالى، وخزان أسوان ضد هجوم طائرات العدو متوسطة الارتفاع والمنخفضة، وتم توريد 4 طائرات ميج 25 حديثة، وهى أول مرة تصل إلى مصر لدعم الاستطلاع التعبوى والاستراتيجى لقدرة هذه الطائرات على الاستطلاع على ارتفاعات عالية جدا، وتمركزت فى قاعدة غرب القاهرة، بالإضافة إلى طائرات استطلاع استراتيجية بهدف إمدادنا والأسطول السوفيتى فى البحر المتوسط بالمعلومات الاستراتيجية فى المنطقة وتمركزت فى مرسى مطروح، وبدأ توريد بعض معدات العبور من الكبارى المتحركة والمنقولة جوا على عربات بواقع كوبرى كل شهرين حتى نهاية 1970».

Trending Plus