فات الميعاد

في دراما «فات الميعاد»، لا شيء يحدث مصادفة، المسلسل الذي جمع أسماء بارزة مثل أسماء أبو اليزيد، أحمد مجدي، أحمد صفوت، ولاء الشريف، ومحمود البزاوي، جاء بتوقيع تأليف محمد فريد، وسيناريو إسلام أدهم، في تركيبة درامية تلامس الوجدان وتُحرّك المخبأ في الذاكرة، عمل لا يقدّم الحكاية، بل يعرّيها من كل ما هو سطحي، ويضعها أمام مرآة النفس.
تدور القصة من نقطة طلاق عادية، لكن لا شيء يبقى عاديًا في هذا العمل، فكل مشهد يقود إلى آخر، وكل قرار يصنع مصيرًا، يتحول الطلاق إلى كرة ثلج تدهس ما في طريقها، وتكشف عن هشاشة الروابط أحيانًا، وعن قوتها في أحيان أخرى.
نعيش مع الشخصيات صراعاتها التي تبدأ في المحاكم وتنتهي في القلب، بين أوراق النفقة ودموع الحضانة، وبين عُقد الميراث وتشابك الأجيال.
"فات الميعاد" لا يعظ ولا يُدين، بل يعرض، بجرأة وصدق، تفاصيل حياتية نمر بها دون أن نتوقف كثيرًا عندها، يكشف كيف يمكن لقرار لحظة أن يُعيد تشكيل حياة كاملة، وكيف تؤثر كلمة قيلت في غضب على مصير أسرة بأكملها، لا يُقدّم حلولًا مباشرة، بل يُلقي الضوء على زوايا معتمة، ويدع المشاهد يبحث عن النور بنفسه.
يتميّز المسلسل بقدرته على الجمع بين الرومانسية والواقعية، بين الحب كما نتمناه، والحياة كما نعيشها، فتارةً نجد أنفسنا نحلم مع الشخصيات، وتارةً نصطدم بحقائقهم، فنعود إلى ذواتنا بأسئلة مؤجلة.
نجاح العمل لا يعود فقط إلى قصته المتماسكة، بل إلى الأداء الهادئ والقوي في آن، الذي جعل كل ممثل يبدو وكأنه لا يؤدي دورًا، بل يعيش حقيقته، الحوار متقن، الإيقاع محسوب، والإخراج ترك للمشاهد متسعًا للشعور قبل الحكم.
"فات الميعاد" ليس مجرد مسلسل عن الطلاق والزواج والنفقة، بل عن الإنسان حين يُفاجأ بأن الحياة ليست دائمًا عادلة، لكنه يُجبر نفسه على الاستمرار، لأن الحب، مهما تأخر، لا يفقد أثره، حتى لو فات الميعاد.

Trending Plus