صراع فى «السويداء».. سوريا على شفا الطائفية!

التطورات الميدانية التى تشهدها سوريا فى السويداء أو مناطق الدروز، تأتى ضمن تحولات كبرى ما بعد تولى نظام الرئيس أحمد الشرع للسلطة، فى أعقاب سقوط النظام السابق، ووجود عدد من التنظيمات والمقاتلين الأجانب فى سوريا من انتماءات ومذاهب متنوعة، حيث كانت هذه التنظيمات تخوض حربا بالوكالة على مدى سنوات، ولكل منها نظام يدعمها وأجهزة توجهها، وحتى لو كانت موحدة تحت راية واحدة شكلا فإنها تعبر فى النهاية عن مصالح إقليمية ودولية وأيضا مصالح وأهداف إسرائيلية، حيث أعلن الرئيس السورى عن مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل، كما أكد أن لسوريا وإسرائيل أعداء مشتركين، كما أعلن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، عن رفع العقوبات المفروضة على دمشق خلال جولته الخليجية فى شهر مايو الماضى، بعد أن التقى ترامب خلالها بالرئيس الشرع، وحثه على التطبيع مع إسرائيل.
كل هذه التطورات تكشف عن ترتيبات تجرى وفى وسطها هذه الصدامات أو الصراعات، والتقاطعات والتشابكات بين أطراف إقليمية، ومنه هنا يمكن النظر إلى الاشتباكات التى تشهدها سوريا بين قوات تابعة للنظام ومقاتلين أجانب من جهة، وبين والدروز فى مدينة السويداء جنوب سوريا من جهة أخرى.
الاشتباكات أو الاعتداءات نتاج طبيعى لتطورات وتراكمات وتفاعلات مستمرة تجعل الصدام أمرا واردا طوال الوقت طالما تسيطر تنظيمات وجماعات غير قادرة على تقبل البشر باعتبارهم مواطنين.
وحسب موقع السويداء 24 المحلى للأنباء، فإن السويداء المدينة والقرى المجاورة لها تعرضت لقصف كثيف بالمدفعية بينما أصدرت وزارة الدفاع السورية بيانا نشرته الوكالة السورية للأنباء «سانا»، حملت فيه من أسمتهم جماعات خارجة عن القانون فى السويداء مسؤولية انتهاك الهدنة، وحسب تقرير للزميل أحمد جمعة، مدير التحرير فى «اليوم السابع» فقد أفاد المرصد السورى لحقوق الإنسان بمقتل 12 مدنيا درزيا فى عمليات «إعدام ميدانية» نفذتها قوات الأمن السورية بمدينة السويداء فى 6 يوليو الجارى، بينما جرى تداول مقاطع لعمليات إذلال عبر «قص شوارب» عدد من الرجال عنوة، وهو مشهد أثار غضبا واسعا بين السكان، وحسب المرصد فقد أقدم عناصر من وزارتى الدفاع والداخلية على تنفيذ إعدامات ميدانية عقب اقتحام مضافة آل رضوان فى مدينة السويداء.
وأظهر مقطع مصور انتشر على منصات التواصل الاجتماعى أشخاصا يرتدون ملابس مدنية مضرجين بالدماء داخل المضافة، طرح بعضهم أرضا وآخرون على أرائك، وبجانبهم صور لمشايخ دروز ملقاة على الأرض وأثاث مخرب ومبعثر.
وتأتى هذه التطورات عقب مقتل 116 شخصا خلال 48 ساعة من القتال الذى نشب عقب حادثة اعتداء تعرض لها شاب من أبناء السويداء قادت لسلاسل من العنف، وأيضا تعرضت كنيسة مار ميخائيل، الواقعة فى قرية الصورة بريف محافظة السويداء جنوبى سوريا، لأضرار وتخريب، من جراء حريق أضرمته فيها مجموعة مسلحة بشكل متعمد، فى الوقت الذى طالب معارضون سوريون الرئيس السورى أحمد الشرع، بإصدار أوامره بوقف الحرب الدائرة فى السويداء، ومنع استباحة منازل الدروز وسرقة منازلهم وحرق المحال التجارية ونفذت عمليات إعدام ميدانية، مع تقارير عن وجود كارثة إنسانية فى السويداء مع عدم توافر المياه والطعام أو الحليب للأطفال.
وأرجعت بعض التقارير قتل الدروز إلى أنه يتم من قبل مقاتلين أجانب فى صفوف القوات الحكومية السورية ضمن عمليات تصفية عرقية، فى الوقت الذى اعتبرت فيه الخارجية السورية هجمات طائرات الاحتلال الإسرائيلى، على مناطق متفرقة فى محافظة السويداء، دعم إسرائيل لما وصفتها بـ«المجموعات الخارجة عن القانون» فى الجنوب، فى محاولة لضرب الاستقرار وتقويض وحدة الأراضى السورية.
وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، عن قلقه البالغ إزاء استمرار العنف فى محافظة السويداء جنوبى سوريا، والذى أسفر عن عشرات الضحايا، بمن فيهم مدنيون، وفى الوقت نفسه يبدو أن هذه الصدامات والتصفيات العرقية والجرائم الطائفية تأتى ضمن تطورات طبيعية لوجود العديد من العناصر الأجنبية ضمن الجيش والشرطة، تمثل مصالح وقوى وأجهزة، ولكل منها أهداف ناهيك عن طائفية تحكم عقول الكثير من التنظيمات الدينية المسلحة، تضع هذا الصدام ضمن خطوط بارزة على تطورات ترتبط بما يجرى منذ 7 أكتوبر، بل ربما قبلها على خلفية نضوج مراجل الغليان طوال أكثر من عقد فى إقليم ما زال يسفر عن تطورات تتوالد وتتداخل.


Trending Plus