"الوطنية للانتخابات" تحدد ضوابط صارمة للدعاية الانتخابية وضبط المال السياسى.. ارتفاع التكاليف الدعائية يدفع الأحزاب لاستراتيجيات جديدة لمواجهة تحديات التمويل.. حماة الوطن: تقليص النفقات لصالح العمل المجتمعى

ـ الشعب الجمهوري: لا نواجه تحديات تمويل.. ونركز على التواصل المباشر مع الناخبين

ـ المصري الديمقراطي: نعتمد على التبرعات المحدودة ومنصات السوشيال ميديا وسط منافسة غير متكافئة

ـ حزب المؤتمر: خطة دعائية متكاملة تجمع بين اللقاءات الشعبية والمنصات الرقمية مع الالتزام بالقانون

في محاولة لضبط المال السياسي وضمان النزاهة وتكافؤ الفرص بين المرشحين، أصدرت الهيئة الوطنية للانتخابات القرار رقم 17 لسنة 2025، الذي يضع ضوابط صارمة لحملات الدعاية الانتخابية في انتخابات مجلس الشيوخ المقبلة، مع تحديد سقف واضح للإنفاق، وآليات مشددة لرصد مصادر التمويل وضبط الحسابات البنكية المخصصة للدعاية، في خطوة تهدف إلى تجفيف منابع الفساد المالي داخل العملية الانتخابية، والحد من محاولات شراء الأصوات عبر الحملات الدعائية الممولة بلا رقابة.

ويأتي هذا القرار في ظل جدل متزايد حول تأثير المال السياسي في المشهد الانتخابي، خاصة مع لجوء بعض المرشحين إلى تجاوز السقوف القانونية للإنفاق دون رقابة فعالة، بما قد يؤدي إلى تشويه مسار التنافس الديمقراطي لصالح أصحاب النفوذ المالي.

ووفقا للقانون يشترط أن يمول كل مرشح دعايته الانتخابية من أمواله الخاصة، ويجوز له قبول تبرعات نقدية أو عينية من أي شخص طبيعي مصري أو من الأحزاب المصرية، بشرط ألا تتجاوز نسبة التبرع 5% من الحد الأقصى المسموح به للإنفاق على الحملة. كما يلزم إخطار الهيئة الوطنية بأسماء المتبرعين وقيمة التبرعات.

ويحظر القرار تلقى أي تبرعات من الأشخاص الاعتباريين المصريين أو الأجانب، أو من الدول أو الجهات الأجنبية أو المنظمات الدولية، أو الكيانات التي يساهم في رأسمالها أشخاص أو جهات أجنبية، وكذلك من أي شخص طبيعي أجنبي.

وألزم القرار كل مرشح أو ممثل قائمة بفتح حساب بنكي بالعملة المحلية في أحد فروع البنك الأهلي المصري أو بنك مصر أو مكاتب البريد، تودع فيه كافة أموال الدعاية من أموال خاصة أو تبرعات، ولا يجوز الإنفاق إلا من خلال هذا الحساب، مع إخطار اللجنة المختصة أولاً بأول بتفاصيل أوجه الإنفاق.

ويلتزم كل من البنك أو مكتب البريد والمترشح بإبلاغ اللجنة المختصة دوريًا بما يتم إيداعه أو صرفه من الحساب خلال 24 ساعة.

ويجب على كل مرشح أو قائمة إمساك سجل محاسبي معتمد يتضمن مصادر التمويل وتفاصيل المصروفات والتبرعات، مع إبلاغ اللجنة المختصة يوميًا بهذه التفاصيل. كما يجوز للجنة تكليف مكاتب الخبرة بوزارة العدل بمراجعة حسابات المرشحين عند الحاجة.
وفيما تكشف تفاصيل القرار أطر تنظيم العملية الدعائية ماليًا وإعلاميًا، تؤكد الأحزاب الكبرى من جانبها التزامها بهذه الضوابط، رغم التحديات الاقتصادية وارتفاع تكاليف الحملات الانتخابية، مع تباين استراتيجياتها ما بين التركيز على التواصل الميداني والاستعانة بالسوشيال ميديا لتقليل النفقات.

حماة الوطن: توجيه النفقات الزائدة في الدعاية إلى دعم المشروعات ومحدودي الدخل

وفي هذا السياق قال عمرو سليمان، المتحدث الرسمي باسم حزب حماة الوطن، إن قيادات الحزب عقدوا اجتماع هام عبر تطبيق "زوووم" مع أمناء المحافظات على مستوى الجمهورية، لبحث الترتيبات الخاصة بشأن الدعاية الانتخابية لمرشحي الحزب على المقاعد الفردية في انتخابات مجلس الشيوخ 2025، وتناولوا محاور رئيسية تتعلق بالدعاية الانتخابية لمرشحي الحزب في المرحلة المقبلة.

وأوضح سليمان في تصريح لـ"اليوم السابع " أن التوجيهات كانت واضحة بشأن ترشيد الإنفاق الدعائي، التزامًا بالتوصية التي سبق أن أعلنها الحزب، والتي تؤكد على توجيه النفقات الزائدة في الدعاية إلى دعم المشروعات التنموية أو تقديم المساعدة لمحدودي الدخل بالمحافظات، في إطار الدور المجتمعي الذي يضطلع به الحزب باستمرار.

وأضاف أن الاجتماع شدد أيضًا على أهمية تنظيم المؤتمرات الشعبية كوسيلة للتواصل المباشر بين المرشحين والمواطنين، والتعريف بالبرنامج الانتخابي لكل مرشح باسم "حماة الوطن"، لافتًا إلى أن التفاعل الميداني مع الشارع سيكون عاملًا حاسمًا في الفترة المقبلة.

وأشار المتحدث باسم حزب حماة الوطن إلى أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في الدعاية الانتخابية حظي باهتمام خاص، من خلال توجيه المرشحين نحو الإعلان عن برامجهم عبر صفحاتهم الرسمية، بما يتيح مساحة أكبر للوصول إلى مختلف شرائح المجتمع، وهو ما بدأ بالفعل خلال الأيام الماضية، حيث قدم عدد من مرشحي الحزب رؤيتهم بخصوص قضايا الصحة، والصناعة، والتنمية المجتمعية وغيرها من الملفات المهمة.

وأكد المتحدث الرسمي أن الحزب يعمل وفق خطة دعائية منظمة، تستند إلى وضوح الرسالة، وملامسة احتياجات المواطن، وتقديم مرشحين يعبرون عن رؤية وطنية مسؤولة.

الشعب الجمهوري: لا نواجه تحديات في تمويل الدعاية الانتخابية للمرشحين
فيما أكد النائب محمد أبو هميلة، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الشعب الجمهوري بمجلس النواب، أن الحزب أطلق حملته الانتخابية من خلال جلسة موسعة للتعرف على المرشحين عن قرب، ووضع خطة للتنسيق المركزي بين الأمانة العامة ومرشحي الحزب، تلاها عدد من الاجتماعات التنظيمية لوضع خطط الدعاية والإشراف عليها ميدانيًا.
وشدد على أن الحزب لا يواجه أي مشكلات تتعلق بالتمويل، موضحًا أن الحملة تعتمد على التبرعات الذاتية من أعضاء الحزب والنواب والمرشحين، وهو ما يوفر التمويل اللازم لتنظيم الفعاليات والدعاية الانتخابية دون وجود أعباء، كما يعزز من قدرته على الانتشار والتواصل المباشر مع المواطنين في كافة المحافظات.
وأشار إلى أن الحزب أنشأ غرفة عمليات مركزية، إلى جانب غرف عمليات فرعية في كل محافظة، لمتابعة العملية الانتخابية منذ انطلاقها، وضمان توحيد الرسائل الإعلامية والدعائية بالتنسيق مع مرشحي الحزب، وكذلك توحيد التحرك داخل القائمة الوطنية، بما يعكس صورة جادة ومنظمة تعكس جاهزية الحزب واستعداده للاستحقاق الانتخابي.
وأضاف "أبو هميلة" أن الحزب يتطلع إلى تحقيق نجاح كبير خلال هذه الانتخابات، داعيًا جموع المواطنين، وبخاصة الشباب والمرأة، إلى المشاركة الإيجابية والنزول إلى لجان الاقتراع، في مشهد وطني يليق بالدولة المصرية في هذه المرحلة الدقيقة التي تواجه فيها تحديات جسيمة، ويؤكد أن الشعب المصري على قدر المسؤولية ويؤدي دوره الوطني الواعي.

المصري الديمقراطى: نعتمد على تبرعات الأعضاء ووسائل التواصل في الدعاية الانتخابية وسط منافسة غير متكافئة

وبدوره قال باسم كامل، نائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، إن الدعاية الانتخابية للحزب خلال انتخابات مجلس الشيوخ المقبلة ستعتمد على مسارين متوازيين: الأول يتمثل في الدعاية الجماعية للقائمة الوطنية، سواء على مستوى القائمة ككل أو قوائم الدوائر والمحافظات بشكل منفصل، حيث ستُنفذ حملات ترويجية موحدة تجمع المرشحين، سواء عبر المؤتمرات الجماهيرية أو المواد الدعائية المطبوعة والمرئية. أما المسار الثاني، فهو الدعاية الخاصة لكل مرشح على حدة، سواء من مرشحي القوائم أو الفردي، والتي ستتضمن حملات مستقلة عبر الوسائل التقليدية، كالبنرات والملصقات، إلى جانب أدوات الدعاية الحديثة على منصات التواصل الاجتماعي من بوسترات وفيديوهات مسجلة للتعريف بأفكار الحزب وبرامج المرشحين.

وأضاف "كامل"، في تصريح لـ "اليوم السابع"،  أن ارتفاع الأسعار والتحديات الاقتصادية انعكس بشكل مباشر على تكاليف الدعاية، التي وصفها بأنها باتت مرتفعة للغاية، مشيرًا إلى أن الحزب يعتمد بشكل رئيسي على تبرعات الأعضاء في تمويل الحملة الانتخابية، حيث يساهم كل عضو تبرعًا طوعيًا لدعم الحملة، بينما يُطلب من الزملاء المرشحين ضمن القوائم تبرعات أكبر بعض الشيء لمساندة الحملة الانتخابية للحزب ككل، ولزملائهم المرشحين على المقاعد الفردية.

وأكد نائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي أن سقف الإنفاق المحدود يظل أحد التحديات أمام الأحزاب الجادة التي تخوض المنافسة بشفافية، مشددًا في الوقت ذاته على أن القانون ينص على سقف إنفاق لا يتجاوز 500 ألف جنيه لكل مرشح، غير أن الواقع العملي يشهد خروقات واضحة لهذا الحد القانوني دون رقابة فعلية، حيث أشار إلى أن بعض المنافسين ينفقون ملايين الجنيهات في حملاتهم الانتخابية دون تطبيق حقيقي للقانون.

واختتم باسم كامل تصريحاته بالتأكيد على تمسك الحزب بالاعتماد على أدوات دعائية نظيفة، ترتكز على نشر الأفكار والبرامج بدلاً من شراء الأصوات، موضحًا أن الهدف الأساسي هو الوصول للناخبين عبر تقديم رسائل واضحة تعكس مبادئ الحزب وأولويات مرشحيه.

المؤتمر: خطة دعائية متكاملة تجمع بين اللقاءات الشعبية والسوشيال ميديا مع الالتزام بضوابط الإنفاق

وفي ذات الصدد، قال الدكتور رضا فرحات، نائب رئيس حزب المؤتمر، إن خطة الدعاية الانتخابية التي يعتمدها الحزب لمرشحيه في انتخابات مجلس الشيوخ هذا العام تقوم على مجموعة من المحاور الأساسية التي تستهدف تحقيق تواصل مباشر وفعّال مع المواطنين، إلى جانب إيصال الرسائل السياسية للحزب بشكل منظم ومدروس، موضحا أن الحزب يركز بشكل كبير على التفاعل الميداني مع الناخبين من خلال الجولات واللقاءات الشعبية، باعتبارها الوسيلة الأهم لتعريف المواطنين بالمرشحين وبرامجهم الانتخابية، مع تعزيز هذا التوجه باستخدام وسائل الإعلام التقليدية، كالصحف والإذاعة والتلفزيون، بجانب الاهتمام المتزايد بمنصات التواصل الاجتماعي، لما لها من تأثير ملموس في تشكيل الرأي العام، خاصة بين الشباب.

وأكد نائب رئيس حزب المؤتمر ، أن الحزب يولي أهمية كبيرة لتوحيد الرسالة الإعلامية في كافة أدوات الدعاية، حيث يتم إعداد مواد دعائية موحدة تعكس توجهات الحزب وتعبر عن مواقفه من القضايا الوطنية الكبرى، لضمان إيصال رؤية واضحة للمواطنين حول أهداف الحزب وبرامج مرشحيه، مضيفا أن الحزب يحرص على تدريب المرشحين على مهارات الخطاب السياسي والظهور الإعلامي، بهدف تحقيق تواصل فعّال مع الجمهور ونقل صورة إيجابية عن الحزب ومرشحيه، وبما يعزز ثقة المواطنين في قدراتهم على تمثيلهم تحت قبة المجلس.

وفيما يتعلق بضوابط الدعاية، شدد "فرحات" على التزام الحزب الكامل بالقواعد التي وضعتها الهيئة الوطنية للانتخابات، سواء فيما يخص سقف الإنفاق أو فترات الصمت الانتخابي، مؤكداً رفض الحزب لأي ممارسات قد تخل بقواعد المنافسة الشريفة، مشيرًا إلى أن تركيز الحزب ينصب على تقديم رسائل إيجابية وبرامج واقعية قابلة للتطبيق، تعكس طموحات المواطنين في مجلس شيوخ قوي وفاعل.

وبشأن التحديات المتعلقة بتكاليف الدعاية في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية، أوضح نائب رئيس حزب المؤتمر أن الحزب يتعامل مع هذه التحديات بقدر كبير من الواقعية، مع الحرص على إدارة الموارد المتاحة بشكل رشيد، موضحًا أن الحملات الميدانية المحددة، واللقاءات المباشرة، وصفحات التواصل الاجتماعي الرسمية للحزب والمرشحين، تعد من الأدوات الفعالة والأقل تكلفة التي يعتمد عليها الحزب للوصول إلى الناخبين دون أعباء مالية كبيرة.

وأشار فرحات إلى أن الحزب يعتمد كذلك على جهود المتطوعين وشباب الحزب في إدارة جزء كبير من الحملة الدعائية، سواء في التصميم أو النشر أو التوزيع، وهو ما يسهم في خلق حالة من التفاعل الحقيقي مع المواطنين، ويقلل من النفقات، مؤكداً أن هناك تنسيقاً بين المرشحين داخل الدوائر المختلفة لتقاسم الجهود والموارد الدعائية، بما يسهم في تحقيق الكفاءة وتقليل التكاليف دون التأثير على فعالية الحملة.

واختتم فرحات تصريحاته بالتأكيد على التزام الحزب الكامل بالضوابط القانونية لسقف الإنفاق، معتبرًا أن احترام هذه الضوابط يمثل مسؤولية سياسية وأخلاقية للحزب، مشيرًا إلى أن نجاح الدعاية الانتخابية لا يقاس بحجم الإنفاق بل بصدق الرسالة ومدى تعبيرها عن هموم المواطنين وواقعهم اليومي.