تصعيد عسكرى وسياسى فى سوريا.. الاحتلال الإسرائيلى يقصف محافظات دمشق والسويداء ودرعا.. الدروز يعلنون الحداد العام ويؤكدون: السويداء مدينة منكوبة.. أحمد الشرع: إسرائيل تسعى لتحويل الأرض السورية إلى ساحة فوضى

تشهد بعض المدن السورية تصعيدا غير مسبوق على المستويين العسكري والسياسي مع شن طيران الاحتلال الإسرائيلي غارات جوية على مواقع عسكرية وأهداف مدنية في محافظات دمشق والسويداء ودرعا، ما أسفر عن تسجيل عشرات القتلى والجرحى بينهم مدنيون وعناصر أمن.
وأطلقت الإدارة الأمريكية تحركاً دبلوماسياً واسع النطاق، قاده الرئيس دونالد ترمب ووزير الخارجية الأمريكى ماركو روبيو، بهدف التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في مدينة السويداء السورية.
فيما أعلنت الحكومة السورية عن التوصل إلى اتفاق لتهدئة الأوضاع في السويداء، إلا أن شخصيات دينية محلية سورية سارعت إلى نفي وجود أي تفاهم، مؤكدين استمرار القتال ضد ما سموه "الانتهاكات والاعتداءات".
بدورها، أعلنت الرئاسة الروحية لطائفة الدروز الموحدين في سوريا السويداء مدينة منكوب وإعلان الحداد العام بعد سقوط عدد من الشهداء، متهما "تنظيم إرهابي مجرم" لا يمت للإنسانية بصلة.
دعت الرئاسة الروحية للدروز في بيان صحفي أبناء الطائفة إلى رصّ الصفوف، ومواساة أهالي الشهداء بالصبر والوقوف بجانبهم، ولملمة الجراح بوعي ومسؤولية ومحبة، التخفيف من الزيارات في هذه المرحلة، احترامًا لحالة الحداد، فسح المجال للفرق الطبية وفرق توثيق الانتهاكات.
ودخل جيش الاحتلال الإسرائيلي على خط الأزمة بالتدخل عسكريا في سوريا باستهداف أهداف عسكرية تتبع القوات الحكومية، منها قصف مقر رئاسة الأركان في العاصمة دمشق واستهداف محيط قصر الشعب، بالإضافة للغارات المكثفة على السويداء ودرعا.
وعلى الصعيد الدولي، انهالت الإدانات الإقليمية والدولية للعدوان الإسرائيلي من دول عربية وإقليمية، فيما دعت سوريا إلى جلسة عاجلة في مجلس الأمن الدولي اليوم الخميس، محمّلة إسرائيل المسؤولية الكاملة عن التصعيد وتداعياته، ومتمسكة بحقها في الدفاع عن سيادتها.
وفي الوقت الذي بدأت فيه وحدات من الجيش السوري بالانسحاب الجزئي من بعض المواقع داخل المدينة، أفادت وزارة الصحة السورية بالعثور على عشرات الجثث في مستشفى السويداء، بينهم مدنيون وعناصر أمن، وسط اتهامات متبادلة حول الجهة المسؤولة. وتزامناً مع هذه التطورات، دخلت قوى أمنية محلية لتثبيت الحواجز ومتابعة تنفيذ الإجراءات الأمنية، إلا أن حالة الانقسام الداخلي وعدم الثقة ما تزال تُهدد بانفجار جديد في أي لحظة.
في دمشق، أكد الرئيس السورى أحمد الشرع، في كلمة تليفزيونية، الخميس، أن الشعب السوري خرج في ثورة من أجل نيل حريته، فانتصر فيها وقدم تضحيات جسيمة، ولا يزال على أهبة الاستعداد للقتال من أجل كرامته في حال مسّها أي تهديد، مشيرا إلى تكليف الفصائل المحلية ومشايخ العقل بحفظ الأمن في السويداء تجنباً لحرب واسعة.
وأشار الشرع إلى أن الكيان الإسرائيلي، الذي اعتاد استهداف استقرار سوريا وخلق الفتن بين أبنائها منذ إسقاط النظام البائد، يسعى مجدداً لتحويل الأرض السورية الطاهرة إلى ساحة فوضى غير منتهية، تهدف إلى تفكيك وحدة الشعب وإضعاف قدراته على المضي قدماً في مسيرة إعادة البناء والنهوض، مؤكداً أن هذا الكيان لا يكفّ عن استخدام كلّ الأساليب في زرع النزاعات والصراعات، غافلاً عن حقيقة أن السوريين، بتاريخهم الطويل، رفضوا كلّ انفصال وتقسيم.
وأوضح الشرع أن أبناء سوريا يدركون جيداً من يحاول جرّهم إلى الحرب، ومن يسعى إلى تقسيمهم، مشدداً على أن الشعب السوري لن يمنح أحداً الفرصة لتوريطه في حرب لا هدف لها سوى تفتيت الوطن وتشتيت الجهود نحو الفوضى والدمار، مؤكداً أن سوريا ليست ساحة تجارب للمؤامرات الخارجية، ولا مكان لتنفيذ أطماع الآخرين على حساب أطفالها ونسائها.
وأضاف أن الدولة السورية هي دولة الجميع، وهي كرامة الوطن وعزته، وحلم كلّ سوري في أن يرى وطنه يعيد بناء نفسه من جديد، ومن خلالها يتّحد الجميع دون تفرقة، من أجل إعادة الهيبة لسوريا ووضعها في مقدمة الأمم التي تعيش في أمن واستقرار.
وشدد الرئيس السوري على أن بناء سوريا جديدة يتطلب من الجميع الالتفاف حول الدولة والالتزام بمبادئها، وتقديم مصلحة البلاد على أي اعتبارات فردية أو محدودة، داعياً إلى الشراكة في هذا البناء والعمل يداً بيد لتجاوز جميع التحديات، ومؤكداً أن "الوحدة هي سلاحنا، والعمل الجاد هو طريقنا، وإرادتنا الصلبة هي الأساس الذي سنبني عليه هذا المستقبل الزاهر".
وتابع الشرع: "لقد تدخلت الدولة السورية بكلّ مؤسساتها وقياداتها، وبكلّ إرادة وعزم، من أجل وقف ما جرى في السويداء من قتالٍ داخلي بين مجموعات مسلحة من السويداء، ومن حولهم من مناطق، إثر خلافات قديمة، وبدلاً من مساعدة الدولة في تهدئة الأوضاع، ظهرت مجموعات خارجة عن القانون اعتادت الفوضى والعبث وإثارة الفتن، وقادة هذه العصابات هم أنفسهم من رفضوا الحوار لشهور عديدة، واضعين مصالحهم الشخصية الضيقة فوق مصلحة الوطن."
بدوره، أدان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش الغارات الإسرائيلية التصعيدية ودعا إلى الوقف الفوري لجميع الانتهاكات لسيادة سوريا وسلامة أراضيها وإلى احترام اتفاق فض الاشتباك لعام 1974.

Trending Plus