الجانب المظلم لجمعيات التمويل متناهى الصغر.. «اليوم السابع» تخوض مغامرة داخل مافيا القروض.. كيف يتم استدراج الفقراء إلى فخ الديون باسم التمكين الاقتصادى؟ أموال حرام وقوانين منتهكة.. شيكات على بياض نهايتها الحبس

-
سيدة مقترضة: إذا جلبت عميلة جديدة أحصل على 500 جنيه «أتعاب»
-
إعادة تدوير القروض وتسريب بيانات العملاء دون إذنهم
-
عميد حقوق طنطا: ممارسات الجمعيات غير المرخصة تشكل جريمة «الربا الفاحش»
بعد سلسلة التحقيقات التى استهدفت البحث عن حقيقة الجمعيات التى تمارس دورًا مشبوهًا لا لبس فيه، قررت «اليوم السابع»، خوض تجربة حقيقية للحصول على قرض من إحدى جمعيات القروض المنتشرة فى القرى والمناطق المهمشة، تلك الجمعيات التى تدعى دعم الفقراء وتخفيف أعبائهم، لكنها فى الحقيقة تخفى وراء واجهتها الإنسانية منظومة استغلال معقدة، تبدأ بقرض بسيط وتنتهى بديون متضاعفة وابتزاز صريح، وأحيانًا تهديدات تتجاوز المال.
الهدف الأسمى من خوض التجربة هو توعية أهالينا من خطورة الوقوع فريسة لهذه «المافيا»، وفضح الممارسات غير الأخلاقية التى تتبعها هذه الجمعيات التى تبحث حصرًا عن حفنة أموال هى فى حقيقة الأمر «أموال حرام»، وفقًا للعرف الدينى والقانونى.
لم يكن الهدف من هذه المغامرة مجرد إثبات التجاوزات، بل الوقوف على الطريقة الكاملة التى تدار بها هذه القروض، خطوة بخطوة، من أول مكالمة تليفون، إلى لحظة توقيع الضحية على عقد قد لا تفهم تفاصيله، لكنها تبدأ بعده رحلة سقوط طويلة، غالبًا بلا عودة.
ولأن ما تمارسه تلك الجمعيات من جرائم بحق المجتمع المصرى يجب التصدى لها بكل قوة، سواء على المستوى الرسمى أو الشعبى، عبر تشريعات صارمة وحازمة فضلا عن الحد من الثغرات القانونية التى تتسلل من خلالها تلك الجمعيات، بالإضافة إلى أهمية دور التوعية المجتمعية مع التأكيد على أهمية نزول قوافل تثقيفية للمناطق الفقيرة والمهمشة للتعريف بخطورة أعمال تلك الجمعيات، وعدم الوقوع فريسة فى فخ الديون. لم نكتف بالروايات، بل توغلنا داخل المنظومة بأنفسنا، لنكشف كيف تدار هذه الشبكة من الداخل، وكيف يستدرج المواطن الفقير إلى فخ الديون باسم التمكين الاقتصادى.
داخل إحدى الجمعيات
«اليوم السابع» دخلت اللعبة بنفس القواعد، واستدرجنا إحدى المسؤولات من داخل هذه الجمعيات، لتكشف لنا المستور، «بداية من التوقيع على إيصال أمانة، وفوائد مضاعفة مرورا بتوريط ممنهج للنساء وصولا إلى الحبس.
اقتربت من مسؤولة فى إحدى الجمعيات موهمًا إياها بأننى «أرزقى على باب الله» أبحث عن فرصة لتحسين دخلى من خلال قرض صغير.
لم أواجه أى تعقيدات تذكر فى البداية، بل تجاوبت معى بسهولة مريبة، لكن المفاجأة كانت فى أول شرط غريب: «القرض مش باسمك.. هيبقى باسم مراتك، وانت تبقى ضامنها».
رغم دهشتى من الطلب، وافقت على مضض، فأين المشكلة فى حصولى على القرض باسمى؟ خصوصًا أن القانون ينص بوضوح على أن الجمعيات تقدم القروض للرجال والسيدات على حد سواء.
لكن المخالفات لم تتوقف عند ذلك الحد، حين سألتها عن الإجراءات، فوجئت بطلبها توقيع شيكات على بياض، وهو ما يعد مخالفة صريحة للقانون رقم 141 لسنة 2014، الذى يمنع تمامًا توقيع العملاء على شيكات غير محددة القيمة.
وعندما سألتها عن الاحتمالات حال تأخرى فى السداد لأسباب قهرية، جاء الرد صادمًا: «الجنيه بجنيه.. يعنى الفايدة هتزيد، ومش هتعرف تسدد».
مخالفة أخرى تضاف إلى السجل، فالقانون ذاته يلزم الجهات المقرضة بإفصاح واضح عن نسب الفائدة الفعلية، ويمنع تمامًا فرض فوائد غير معلنة أو مفرطة.
الأدهى من ذلك، كان أسلوب التهديد الذى اعتمدته المسؤولة حين قالت: «لو اتأخرت فى السداد، هنجيلك لحد باب بيتك، وسكان منطقتك هيعرفوا إنك واخد قرض ومش بتسدد».
ثم تابعت: «وفى الآخر هتروح المحكمة ونيابة.. يعنى حبس»، هذا الأسلوب يحمل تهديدًا صريحًا وتشهيرًا، وهو أيضًا ممنوع قانونًا وفقًا لنصوص قانون تنظيم التمويل متناهى الصغر.
لكنها عادت لتهدئتى بأسلوب غير متوقع، قائلة: «لو حصلت لك ظروف، فيه جمعية تانية ممكن تاخد منها قرض وتسدد ده، وأنا هظبطلك الموضوع».
ما يعنى إعادة تدوير القروض بطريقة تؤدى إلى الدوار المالى، ومخالفة صريحة أخرى تتعلق بتسريب بيانات العملاء دون إذنهم.
سألتها عن المستندات المطلوبة، فقالت ببساطة: «ولا حاجة.. بطاقة ورقم موبايل بس».
ولما سألت عن قيمة الفائدة على مبلغ 15 ألف جنيه، الذى يسدد عبر أقساط لم تكن تملك إجابة واضحة لكنها أضافت: بص هتدفعلى كل أسبوعين 1050 جنيهًا لمدة 9 أشهر، ، بس «خلى بالك، لو اتأخرت، فيه غرامة كمان».
بحسبة بسيطة، بلغت الزيادة على القرض حوالى 26% فى 9 شهور، أى ما يعادل 4 آلاف جنيه تقريبًا فوق المبلغ الأصلى، ترتفع إلى 34.6% سنويًا إذا احتسبت بشكل مباشر، دون الغرامات.
ثم فاجأتنى بطلب إضافى: نروح نشوف السكن اللى انت فيه.. لازم تكون مالك مش إيجار».
سألتها بدهشة: «ليه لازم أكون مالك؟»..فجاء الرد مباشرًا وصادمًا: «علشان نعرف نجيبك.. إنت لو ساكن إيجار ممكن تسيب الشقة وتختفى.. إنما لو مالك مش هتبيع الشقة وتهرب علشان قرض».
بهذه الطريقة انتهى اللقاء، لكنه كشف بوضوح عن فلسفة السيطرة والضمانات القسرية التى تنتهجها بعض الجمعيات، والتى تتجاوز الإجراءات القانونية إلى شروط مجحفة ومعايير غير مكتوبة تصل إلى توريط الضحايا وزجهم إلى غياهب السجون.
جمعيات غير مرخصة
الدكتور أسامة أحمد بدر، عميد كلية الحقوق جامعة طنطا، قال فى تصريحات لـ«اليوم السابع»، إن هذه الجمعيات غير المرخصة تمنح قروضا مالية خارج النظام المصرفى مقابل فوائد مرتفعة جدا، ولا توجد أى ضمانات قانونية مع وجود تهديد أو ابتزاز عند التأخير فى السداد.
وأكد عميد حقوق طنطا، أن ما تفعله هذه الجهات يخالف القانون ويشكل جريمة «الربا الفاحش» خاصة إذا اقترنت بتهديد أو استغلال، كاشفا عن أن المادة 227 من القانون المدنى المصرى تمنع الفوائد المفرطة.
وشدد بدر على أن هذا الفعل يشكل جريمة قانونية وهى ممارسة نشاط تمويلى بدون ترخيص، فضلا عن مخالفة قانون تنظيم التمويل الاستهلاكى أو التمويل متناهى الصغر أو قانون البنك المركزى وذلك من الجرائم الاقتصادية والتى يعاقب عليها بالحبس والغرامة.
وتابع بدر: «إذا استخدم المقرضون التهديد أو الضغط فذلك يعد بمثابة سلوك إجرامى طبقا للمادتين 326 و 327 من قانون العقوبات.
كما أكد بدر أن ما يحدث فى بعض القرى ليس مساعدة، بل استغلالا، ومن يتستر وراء شعارات اجتماعية ليمارس الضغط على الفقراء، لا يختلف كثيرا عمن يمارس النصب المقنن، لذا التحرك الآن أصبح واجبا، تشريعا، ورقابة، وتوعية.
وحذر بدر من غياب الرقابة الكافية على الجمعيات الأهلية الصغيرة، حيث إن القانون منح الجمعيات والمؤسسات الأهلية الحق فى مزاولة التمويل متناهى الصغر، بشرط التسجيل لدى الهيئة العامة للرقابة المالية، لكن لا توجد آلية فعالة للرقابة اليومية على هذه الجهات، خاصة فى القرى والنجوع، بالإضافة إلى أن بعض الجمعيات تعمل دون ترخيص أو تتحايل على القانون تحت غطاء العمل الخيرى.
وأشار «بدر» إلى أن القانون لا يلزم جهات التمويل بنشر تفاصيل الفوائد الحقيقية أو طريقة احتسابها للمستفيدين، ما يسمح بتطبيق فوائد مركبة أو مبالغ فيها دون علم العميل، وهذا يعد بيئة غير شفافة تسمح بالاستغلال المالى من جانب بعض الجهات.
واستطرد بدر أن العقوبات على المخالفات غالبا إدارية أو غرامات بسيطة، فلا توجد نصوص واضحة لتجريم الابتزاز المالى، ما سمح لكيانات غير مرخصة بممارسة الإقراض دون خوف حقيقى من الملاحقة الجنائية.
كما حذر بدر من الفجوة فى متابعة أو تقنين دور الوسطاء الذين يجمعون بيانات المواطنين ويمررونها لشركات أو جمعيات مقابل عمولات.
وقال بدر إن هؤلاء يعملون خارج الإطار الرسمى، ويشكلون خطورة حقيقية على أمن البيانات واستغلال الفقراء، فلا يوجد نظام شكاوى فعال وملزم يتيح للمتضررين التظلم أو تقديم شكاوى ضد الجهات المخالفة، كما لا يوجد نص واضح يمنع التهديد أو التشهير أو إجبار العميل على التوقيع على شيكات على بياض، فضلا عن كون القانون لم ينص على وجود إلزام للجهات المانحة بعمل توعية قانونية ومالية للمستفيدين، والنتيجة، آلاف العملاء يوقعون على عقود وقروض دون معرفة حقوقهم أو التزاماتهم.
مقترحات
وأوضح عميد كلية الحقوق بجامعة طنطا، بأن القانون رقم 141 لسنة 2014، المنظم لنشاط التمويل متناهى الصغر، يمنح الهيئة العامة للرقابة المالية صلاحيات الإشراف الكامل على الجمعيات والمؤسسات المانحة للقروض الصغيرة ومتناهية الصغر، ومع ذلك، لا تزال هناك ثغرات تستدعى المعالجة لضمان الحوكمة الفعالة وحماية المستفيدين.
وفى هذا السياق، قدم عميد حقوق طنطا عددا من المقترحات التى من شأنها تعزيز منظومة الرقابة وتنظيم السوق، وتشمل ما يلى:
إصدار قانون ولائحة تنفيذية جديدة تتسم بمزيد من الصرامة والوضوح، تحدد بدقة التزامات الجهات المانحة وآليات الرقابة والإفصاح.
فرض رقابة ميدانية دورية على الجمعيات والمؤسسات المانحة للقروض، لضمان الالتزام بالقانون والتصدى للممارسات غير المشروعة.
تشديد العقوبات الجنائية على كل من يمارس نشاط التمويل دون ترخيص رسمى، أو يقدم قروضا بفوائد غير معلنة أو غير قانونية.
إطلاق منصة قومية رقمية موحدة لتسجيل ومتابعة جميع القروض متناهية الصغر، بما يسهم فى ضبط السوق ومنع حالات التكرار أو الاستغلال.
تفعيل حملات توعية مجتمعية موسعة لتعريف المواطنين بحقوقهم، وتوضيح الجهات المرخص لها بتقديم هذا النوع من التمويل، بهدف الحد من الانخداع بالكيانات الوهمية أو غير القانونية.
من جانبها، حذرت الدكتورة نسرين صلاح، عضو مجلس النواب، من التوسع غير المدروس فى اللجوء إلى بعض الجمعيات التى تمنح قروضا مالية بشكل سريع، مؤكدة أن هذه الحلول المؤقتة قد تتحول إلى عبء مالى طويل الأمد على المواطن، خاصة فى ظل غياب الوعى بكيفية إدارة القروض أو حساب الفوائد المترتبة عليها.
وقالت النائبة فى تصريحات لـ«اليوم السابع»: انتشرت فى الآونة الأخيرة هذه الجمعيات بحثا عن حلول سريعة لمشكلات مالية آنية، دون الالتفات إلى ما يترتب عليها مستقبلا، حيث تكمن خطورتها فى سهولة الحصول على القرض دون إدراك حقيقى لحجم الفائدة، ما يؤدى إلى صعوبات كبيرة عند مرحلة السداد.
وشددت نسرين على أن اللجوء إلى القروض يجب أن يكون فى إطار استثمارى مدروس، مثل تمويل مشروع واضح المعالم، سبق تقييمه اقتصاديا بشكل جيد.
وأضافت نسرين: إن أخطر ما يواجه مجتمعنا اليوم هو غياب ثقافة إدارة الدخل والراتب، وهو ما يجعل الكثيرين فريسة للحلول السهلة التى تفتقر للدراسة والتخطيط.
ودعت نسرين، المواطنين الراغبين فى تحسين دخولهم الشهرية إلى التوجه إلى جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر التابع لرئاسة مجلس الوزراء، مؤكدة أنه يمثل أحد الحلول الآمنة التى توفر خدمات مالية وغير مالية للمواطنين، إضافة إلى حاضنات أعمال تمكن الشباب من تأسيس مشروعاتهم الصغيرة.
بدورها، أكدت النائبة هالة أبوالسعد، وكيل لجنة المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر بمجلس النواب، أن قطاع التمويل متناهى الصغر له دور بالغ الأهمية فى تحفيز الاقتصاد المصرى، نظرا لارتباطه المباشر بفرص العمل وتحسين دخل الأسر، مشيرة إلى أن نجاح هذه المشروعات يخفف من حدة الفقر ويوفر مصدر دخل مستدام للعديد من الفئات المهمشة.
وأشارت هالة إلى وجود خطة لتوعية المواطنين، موضحة أن بعض الجمعيات غير المرخصة تستغل ضعف وعى الناس، الذين غالبا لا يعلمون تفاصيل القرض أو الفوائد المستحقة عليه.
ولفتت هالة إلى أهمية تطبيق ما يعرف بـ«التسعير المسؤول»، أى وضع نسبة فائدة فى حدود واضحة ومعلنة بناء على حجم المخاطر، وليس ترك الأمور لعشوائية السوق.
وذكرت هالة أن هناك آلية تم إقرارها لتحديد مؤشرات هذا التسعير، كأداة لحماية المواطن وضمان شفافية التعاملات.
وتواصلت «اليوم السابع» مع عدد من الضحايا، تقول السيدة «أ- ر»: إن مبلغ القرض لا يتجاوز 10 آلاف جنيه، ويسدد على 12 شهرا، وبقسط شهرى 1299 جنيها، أى بفائدة تخطت الـ50 %، حيث يتطلب سداد مبلغ 15 ألفا و600 جنيه، فى حال عدم التأخير عن السداد الشهرى، وفى حال التأخير تضاف نسب الفوائد المركبة التى قد تصل فى بعض الأحيان إلى 100 % من مبلغ القرض الأصلى.
وتقول «ه. م»: يلجأ مندوبو هذه الكيانات للتواصل معنا عبر أرقام هواتف يتم الحصول عليها وتبادلها بطرق غير شرعية، بين الجمعيات والكيانات المشابهة، وهنا يجب أن نشير إلى خطورة هذا الفعل الذى يجرمه القانون، حيث يعد تسريب بيانات العملاء والتواصل غير القانونى، اختراقا للخصوصية وبالتبعية مجرم قانونا.
تلتقط سيدة أخرى «ر.ج» أطراف الحديث، لتروى شهادتها قائلة: إنها إذا جلبت عميلة جديدة، تحصل على 500 جنيه «أتعاب» وفقا لوصفها، لكن النتيجة المأساوية التى تم استنتاجها أن هذه العميلة تتورط فى نهاية المطاف فى دوامة القروض ولا تستطيع السداد، وبالتالى تواجه مشاكل لا حصر لها، تبدأ بزيادة الفائدة على القرض والدين، وتنتهى بالحبس.
ابتزاز جنسى
هذه الشهادات توضح كيف يتم استغلال حاجة الناس للمال «الـ500 جنيه» ليصبحوا جزءا من شبكة التوريط هذه، وتروى إحدى السيدات التى رفضت ذكر اسمها تعرضها «لابتزاز جنسى» من مسؤول فى إحدى الجمعيات لتجنب الملاحقة القضائية والحبس.
تروى الضحية مأساتها بقولها: كانت هناك تسهيلات كثيرة من أجل صرف القرض، ولكن اكتشفت فى النهاية أنه كان فخا، لم أدرك عواقبه إلا بعد التعثر، وأضافت: «عملوا من البحر طحينة»، وكانت الإجراءات سهلة للغاية للحصول على القرض، حيث لم يتعد الأمر سوى تجهيز صورة بطاقة رقم قومى ورقم هاتف، ليتم صرف قيمة القرض خلال أسبوع فقط.
تواصل الضحية حديثها لـ«اليوم السابع»: «من أول شهر تأخرت فى السداد، تغيرت على الفور لهجة القائمين على الجمعية، فانهالت علىّ المكالمات الهاتفية التى حملت بين جنباتها تهديدات صريحة ومباشرة، حيث توعدتنى مسؤولة عن القرض:«هنعملك جُرسة فى الشارع وهنفضحك»، وبالفعل نفذت تهديدها مصطحبة معها عددا من المسجلين، ووقفت أمام منزلى وأبلغتنى بأنها لن تتحرك من أمام المنزل حتى سداد القسط.
واصلت الضحية حديثها: «فضحونى فى الشارع»، فلجأت إلى بعض الجيران حتى استطعت تجهيز مبلغ القسط الشهرى، ليمر الشهر الأول بفضيحة أمام كل الجيران.
تقول الضحية: «كنت لا أنام الليل حتى أستطيع جمع المبلغ الشهرى لسداده، إلا أن الحياة مليئة أيضا بالأعباء، فكنت أتأخر عن السداد، بين الحين والآخر، حتى رن هاتفى يوما بعدما فشلت كل محاولاتى فى جمع مبلغ القسط الشهرى، وكان أحد الأشخاص المسؤولين عن القرض، وتحدث معى بلطف غير مسبوق، وعرض علىّ بعض الخدمات ومنها سداد قسط هذا الشهر، فسألته مين اللى هيدفع القسط وليه؟، فرد: «أنا هدفعهولك بس نروح نقضى يوم حلو فى أى مكان تختاريه».
كاد يغشى علىّ من الصدمة، حذرته بلهجة شديدة من اللجوء إلى قسم الشرطة لعمل محضر ابتزاز إن هاتفنى مرة أخرى وأغلقت الهاتف فى وجهه.
الشعور باليأس الشديد دفع أخريات للتفكير فى حلول مروعة ويجرمها القانون مثل بيع الأعضاء للتخلص من الديون المتراكمة، تقول «ش.م»: «فكرت أبيع كليتى علشان أتخلص من الديون الكتير اللى علىّ ومش عارفه أسددها منين وإزاى؟».
شهادات هذه الجمعيات، تكشف جانبا مظلما من ممارسات بعض هذه الجمعيات التى تستغل حاجة الفقراء، وتستخدم أساليب غير قانونية وغير أخلاقية، بما فى ذلك آلية الإغراء بالمال «500 جنيه» لجلب عملاء جدد، ويقع المقترضون فى فخ الديون ذات الفائدة المرتفعة جدا، ما يتسبب فى عواقب وخيمة على حياتهم المالية والاجتماعية والنفسية.
ورغم محاولات «اليوم السابع» التواصل مع «الرقابة المالية» للحصول على تعليق وتوضيح، لم نحصل على ردود على التساؤلات الخاصة التى وجهتها «اليوم السابع» حتى لحظة النشر.
وبناء على ما سبق من شهادات موثقة، يؤكد خبراء وقانونيون أنه يجب على المُشرع أن يسد الثغرات التى تستغلها وتتسلل من خلالها تلك الكيانات، وذلك عبر الرقابة الصارمة والتشريعات الرادعة، بالإضافة إلى التوعية الشعبية والمجتمعية خاصة فى القرى والنجوع، وعبر وسائل الإعلام والسوشيال ميديا، والمؤسسات الدينية «مساجد وكنائس».


Trending Plus