دراسة حديثة تزعم: جذور الديانة الفرعونية نشأت من طقوس دفن شعبية

كشفت دراسة أثرية حديثة شملت أكثر من 500 مقبرة مصرية قديمة، أن أسس الديانة الفرعونية لم تفرض من الأعلى عبر الملوك والكهنة كما كان يعتقد سابقًا، بل نشأت تدريجيا من ممارسات دفن محلية شائعة في المجتمعات الريفية.
وركزت الدراسة التى نقلها موقع ancient origin عن مجلة المنهج والنظرية الأثرية، على مقبرة "أدايمة" الواقعة في وادي النيل جنوب مصر، والتي استخدمت بين عامي 3300 و2700 قبل الميلاد، أي قبل قرون من بناء الأهرامات.
وقاد الدراسة فريق دولي برئاسة العالمة أميلين ألكوف من جامعة تولوز الفرنسية، حيث أظهرت نتائجهم أن العادات الجنائزية الشعبية، مثل محاذاة المدافن مع الأجرام السماوية وممارسة طقوس رمزية، تطورت مع الزمن لتصبح جزءًا من العقيدة الدينية الرسمية للدولة الفرعونية.
رمزية فلكية وتضحيات طقسية
من أبرز الاكتشافات مقبرة S166، التي احتوت على رفات فتاة مراهقة قطعت ذراعها اليسرى لأسباب طقسية، ووضعت على صدرها، وقد وجهت جثتها بدقة نحو غروب الشمس في يوم الانقلاب الشتوي، بينما صمم قبرها ليحاذي شروق نجم الشعرى اليمانية، ألمع نجوم السماء، والذي ارتبط ظهوره السنوي تقليديًا بفيضان النيل.
مقبرتان أخريان دعمتا هذا النمط السماوي؛ الأولى (S837) احتوتا على امرأة مدفونة مع حلي ثمينة وإناء خزفي مكسور يحمل رموزًا ظهرت لاحقًا في نصوص الأهرام، أما الثانية (S874) فدفنت فيها امرأة مع عصا وشعر مستعار من الألياف، بتوجيه دقيق نحو شروق الشمس عند الانقلاب الصيفي، ما يعكس تطورا مستمرا في الارتباط بالظواهر الفلكية.
من الطقوس إلى الأسطورة
تشير الدراسة إلى أن ممارسات مثل "التقطيع الرمزي"، التي بدأت في أوساط القرى، تحولت لاحقًا إلى أساطير دينية شهيرة مثل قصة إيزيس وأوزوريس، كما تحول نجم الشعرى اليمانية من مؤشر زراعي إلى رمز إلهي مرتبط بالخصوبة والبعث والسلطة الملكية.
يعد موقع "أدايمة" من أقدم المواقع الجنائزية في مصر، حيث يمتد على مساحة 30 هكتارًا ويضم أكثر من 900 مقبرة، وقد سمحت الدراسة بتحليل شامل جمع بين علم الآثار الميداني، والديموغرافيا، وعلم الفلك الأثري، ضمن إطار أنثروبولوجي شامل.
الذكاء الاصطناعي يدخل الميدان الأثري
استخدم الباحثون تقنيات تعلم آلي لتحليل أنماط الدفن، ما أتاح الكشف عن علاقات خفية في الممارسات الروحية القديمة، ويظهر هذا المنهج كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعيد رسم ملامح تطور الديانات الكبرى من خلال تتبع الجذور الشعبية التي شكلت ملامح واحدة من أقدم وأطول الحضارات بقاءً في التاريخ.

Trending Plus