صوم السيدة العذراء 2025.. 15 يومًا من الزهد والمحبة فى حياة الأقباط.. شهر أغسطس يتحول إلى أيقونة للتسبيح اليومى.. والأديرة تتحول لمحج شعبى والعذراء قصد للآلاف.. زهد اختيارى ونذور شخصية تجسد محبة خالصة

مع بداية شهر أغسطس، تستعد الكنيسة القبطية الأرثوذكسية لبدء أحد أكثر الأصوام الروحية انتظارًا ومحبة لدى الأقباط، بل والمصريين عمومًا، وهو صوم السيدة العذراء مريم. صومٌ لا يُعد فريضة كنسية ملزمة، بل هو تعبير عميق عن محبة خاصة للعذراء، التي تحظى بمكانة فريدة في الوجدان الشعبي، تتجاوز الانتماءات الدينية.
ويبدأ صوم العذراء هذا العام الميلادي يوم الخميس 7 أغسطس 2025، ويستمر حتى يوم الخميس 21 أغسطس، وفقا لتقويم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، ليُختتم بعيد صعود العذراء في 22 أغسطس، وفقًا للتقويم القبطي. ورغم أن مدة الصوم الرسمي هي 15 يومًا، إلا أن كثيرًا من الأقباط يبدأونه اختياريًا من أول الشهر، تقديسًا لـ"شهر العدرا" بأكمله.
نهضات وصلوات وتسابيح.. طقس يومي في حب العذراء
خلال هذا الصوم، تتزين الكنائس القبطية في جميع المحافظات، وتنشط فيها النهضات الروحية اليومية، حيث تُقام القداسات صباحًا، وتُخصص صلوات العشية مساءً لرفع التسابيح والتماجيد الخاصة بالسيدة العذراء. كما تُلقى العظات الروحية التي تتناول فضائلها وحياتها، وسط حضور شعبي كبير يزداد خصوصًا في الأيام الأخيرة من الصوم.
وتتحول بعض الأديرة الكبرى إلى محج شعبي، مثل دير السيدة العذراء بجبل درنكة بأسيوط ودير المحرق في القوصية، حيث يتوافد آلاف الزائرين من مختلف المحافظات للمشاركة في النهضات والتبرك من الأماكن التي تحمل رمزية خاصة للعدرا.
لماذا يصوم الأقباط هذا الصوم بزهد؟
رغم أن صوم العذراء يُصنّف ضمن أصوام الدرجة الثانية التي يُسمح فيها بتناول الأسماك، إلا أن آلاف الأقباط يختارون الصوم بدرجة أعلى من الزهد، كأصوام الدرجة الأولى، فيمتنعون تمامًا عن أكل الأسماك، أو حتى من يمتنع عن الزيوت، ويكتفون بأطعمة بسيطة كـ"الملح والماء". ويأتي هذا من منطلق نذور شخصية، أو لطلب شفاعة العدرا في شفاء، أو طلب معين.
يذكر أن الزهد في هذا الصوم لا يُفرض، وإنما يُمارس بدافع محبة صادقة وتقدير خاص للعذراء مريم، التي تلقبها الكنيسة بـ"السماء الثانية" و"أم النور".
مكانة العذراء تتجاوز الطوائف والحدود
ورغم أن طقس صوم السيدة العذراء يختلف في مدته بين الكنائس المختلفة، إلا أن الجميع يشترك في المحبة والتوقير لها. فالكنيسة القبطية الأرثوذكسية تصومه 15 يومًا، وكذلك الروم الأرثوذكس. أما السريان والأرمن الأرثوذكس فيصومونه 5 أيام فقط، بينما الروم الكاثوليك يصومون يومي جمعة فقط في بداية أغسطس، وتكتفي بعض الطوائف الأخرى مثل الكلدان الكاثوليك بيوم واحد تكريمًا لها.
العذراء مريم رمز محبة تتوحد حوله القلوب
ليست السيدة العذراء مجرد شخصية دينية في المسيحية، بل تُعد رمزًا روحيًا وإنسانيًا كبيرًا لدى المصريين، بمسلميهم ومسيحييهم. فكثير من المسلمين يحرصون على زيارة كنائسها، أو الصلاة في أديرتها، وطلب شفاعتها في الشدائد.
ويأتي صوم السيدة العذراء هذا العام وسط اهتمام شعبي وروحي واسع، ويتحول إلى فرصة سنوية لتجديد العلاقة بالله، والسير على خُطى العذراء مريم في الاتضاع والخدمة والطاعة. خمسة عشر يومًا تحمل في طياتها عبق القداسة، وروح الرجاء، ونداءً مفتوحًا لجميع الطلبات.

Trending Plus