كيف انتبهت الدولة المصرية لملف التغيرات المناخية؟.. إعادة هيكلة المجلس الوطنى للتغيرات المناخية وإضافة فصل تغير المناخ فى تعديلات قانون البيئة.. وإطلاق الاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية 2050

وضعت الدولة المصرية ملف التغيرات المناخية على رأس أولوياتها على مدار السنوات الماضية، حيث شهد ملف التغيرات المناخية اهتماماً كبيراً من وزارة البيئة خلال الـ 11 سنة الماضية ، ليحتل هذا الملف جزءً كبيراً من اهتمامات الحكومة المصرية ،ويقع على رأس أولوياتها ، نظراً لما تمثله هذه القضية من أخطار كبيرة على دول العالم وعلى بقاء كوكب الأرض، وهو ما جعل هذا الملف يحظى بإهتمام كافة الجهات والمنظمات الدولية ، و قد قامت وزارة البيئة بجهود كبيرة للتصدى للتغيرات المناخية والتي شهدت زخمًا كبيرًا ، خاصةً بعد استضافة مصر لمؤتمر المناخ COP27 عام 2022.
جهود مواجهة التغيرات الوطنية
من أبرز الجهود لمواجهة التغيرات المناخية يجب الإشارة إلى أنه خلال عام 2019 تم إعادة هيكلة المجلس الوطني للتغيرات المناخية ليصبح برئاسة دولة رئيس مجلس الوزراء وعضوية كافة الوزارات المعنية وممثلين عن القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني والمراكز البحثية. وهذد تعد خطوة هامة تعكس التزام مصر الداخلي بالعمل المناخي والوفاء بالتزماتها.
كما إضافة فصل تغير المناخ فى تعديلات قانون البيئة رقم 4 لسنة 1994 الجارى إعدادها؛ حيث يتم التنسيق المستمر مع اللجان المتخصصة بمجلسي الشيوخ والنواب والعمل على تعديل قانون البيئة وادراج بُعد تغير المناخ بمواده؛ حتى يتكامل العمل بكافة قطاعات التنمية بالدولة وفي إطار توجهات اهداف التنمية المستدامة؛ بحيث تشتمل المحاور الرئيسية تحقيق تنمية منخفضة الانبعاثات وزيادة المرونة لتقليل التعرض لمخاطر تغير المناخ ،وسرعة الاستجابة من خلال رفع القدرة على التكيف. ووقف استخدام المواد المستنفدة لطبقة الأوزون والتحول الى استخدام بدائل صديقة للأوزون وللمناخ.
إطلاق الإستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية 2050
وأيضا تم إطلاق الإستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية 2050 NCCS؛ والتي تضمنت الأهداف الخمسة: تحقيق نمو اقتصادي مستدام، وبناء المرونة والقدرة على التكيف مع مخاطر تغير المناخ، وتحسين حوكمة وإدارة العمل في مجال تغير المناخ، وتحسين البنية التحتية لتمويل الأنشطة المناخية، وتعزيز البحث العلمي ونقل التكنولوجيا وإدارة المعرفة والوعي.
كما تحديث خطة المساهمات المحددة وطنياً 2030 "NDC" في يوليو 2022 ، وقد تم تعديلها لرفع الطموح وزيادة الطاقات الجديدة والمتجددة في يونيو 2023 ،وتم اعتماد التقرير وتقديمه إلى سكرتارية اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ من أجل تحقيق الأهداف الطموحة لخطة خفض الانبعاثات الوطنية. وجاري تحديثها للمرة الثالثة لتقديمها موتمر المناخ القادم COP30.
وشهد تنفيذ خطة المساهمات الوطنية نتائج متميزة، في قطاعات الكهرباء والبترول والنقل لعام ٢٠٢٢، خاصة فيما يخص النسب المستهدفة لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري حتى عام 2030، حيث تم تحقيق نسبة 92% من الخفض المستهدف في قطاع الكهرباء، ونسبة 88% من المستهدف في قطاع البترول والغاز، حيث تجاوز قطاع النقل النسب المُستهدفة بشكل ملحوظ.
وتقديم تقرير الشفافية الأول المعزز لفترة السنتين ( 1st BTR) إلى سكرتارية اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ، والمنفذ من قبل وزارة البيئة وبالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، وبتمويل من مرفق البيئة العالمي ، وهو تقرير يسهم في حصر الانبعاثات الصادرة عن القطاعات المختلفة، ويعظم قدرة مصر على التكيف مع التغير المناخي ويستعرض تقييم التقدم المحرز في تنفيذ خطة المساهمات الوطنية. ويأتى التقرير فى إطار جهود الدولة المصرية وكجزء من التزامها الدولي، ضمن اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ.
تم الانتهاء من المرحلة الأولى من مشروع تطبيق الخريطــة التفاعليــة لمخاطــر ظاهــرة التغيــرات المناخيــة علــى جمهوريـة مصـر العربيـة حتى عام 2100، وجارى الانتهاء من المرحلة الثانية ، والبدء فى المرحلة الثالثة، بــهدف مســاعدة متخــذي القــرار علــى تحديــد المناطــق المعرضــة للمخاطــر المحتملــة مــن تغيـر المنـاخ؛ لاتخـاذ التدابيـر اللازمة في القطاعــات التنمويــة المختلفــة؛ وكــذا اقتنــاص فــرص تمويليــة للتكيــف مــن الجهــات الدوليــة.
ومن بين الجهود أيضاً إطلاق مشروع "صياغة وتطوير عملية خطط التكيف الوطنية في مصر" (NAP) والذي يهدف إلى تعزيز القدرات الوطنية والبشرية والمؤسسية للتكيف مع التغيرات المناخية وتحديد الأولويات ودمجها في الموازنة والتخطيط، كما يسعى إلى الشمولية والتكامل لتستوعبها كافة الجهات داخل خططها وإستراتيجيتها .
كما تم البدء مشروع "تحويل الأنظمة المالية للمناخ في مصر" باعتباره لبنة هامة في بناء نظام تمويل المناخ في مصر وخطوة فارقة في العمل المناخي وتنفيذ الإستراتيجية الوطنية لتغير المناخ ٢٠٥٠ . حيث ترأست الوزيرة الاجتماعين الأول والثاني للجنة تسيير للمشروع تحويل الأنظمة المالية المتعلقة بالمناخ في مصر، بحضور شركاء التنمية وممثلى الوزارات المعنية، وإعداد إستراتيجية التنمية منخفضة الإنبعاثات 2050 (LEDS)، والتى تتناول خطط التنمية الوطنية الطموحة على المدى القصير والطويل و الإجراءات الوطنية المناسبة لمجابهة تغير المناخ في إطار متسق ومتناغم لرسم مسارا طموحا وذو مصداقية نحو الإقتصاد منخفض الإنبعاثات، والتآزر مع أهداف التنمية المستدامة.
وتم الانتهاء من المراجعة النهائية لتقرير الإبلاغ الوطني الرابع والعمل على تقديمه إلى سكرتارية اتفاقية الأمم المتحدة الاطارية لتغير المناخ، والذى يشتمل على الظروف الوطنية، وأهداف التنمية المستدامة الرئيسية ، والجهود الوطنية المبذولة لمكافحة تغير المناخ في مصر، ومعالجة التأثيرات في مختلف القطاعات ، والجهود المبذولة للحد من انبعاثات غازات الإحتباس الحرارى في مختلف القطاعات، وكذا آليات التنفيذ المطلوبة (التمويل ، بناء القدرات ، نقل التكنولوجيا).
ومن ضمن الجهود إطلاق النسخة الأولى من التقرير القطري للمناخ والتنمية، "CCDR" بالتعاون مع وزارة التعاون الدولي، كنتيجة لرحلة متواصلة من الجهود الوطنية بالتعاون مع البنك الدولي من أجل تعزيز الإجراءات التنفيذية والفرص الاستثمارية بالتعاون مع شركاء التنمية، والتصديق على خطوات إدراج تعديل كيجالي من أجل وضع الخطة الوطنية للحد من استخدام وسائط التبريد التي تنطبق عليها مواصفات غازات الاحتباس الحراري من مجلس النواب المصري، ومتابعة أنشطة وأعمال وضع وإنشاء نظام المراقبة والرصد والتحقق MRV من خلال التدريب القطاعي، والمشاركة في في إعداد وإطلاق المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية والمشاركة في تنفيذ الدورات الثلاثة الأولى للمبادرة.
مبادرة «المدن المستدامة - أطلس المدن المصرية»
كما تم التنسيق لتفعيل مبادرة "أولويات التكيف للمرأة الأفريقية" (CAP) بين وزارة البيئة، والمجلس القومي للمرأة، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة ، وتهدف هذه المبادرة إلى دعم جهود التكيف مع تغير المناخ في أفريقيا مع التركيز على دور المرأة، كما أطلقت وزارة البيئة بالتعاون مع وزارة التنمية المحلية، المرحلة الأولي من مبادرة «المدن المستدامة - أطلس المدن المصرية»، ضمن جهود وزارة التنمية المحلية ووزارة البيئة لدفع استدامة المدن والمجتمعات المحلية بما يتماشى مع رؤية مصر 2030 واستراتيجية المناخ الوطنية 2050.
وأشار التقرير إلى مشروعات وزارة النقل لمواجهة التغيرات المناخية منها التوسع فى خطوط مترو الأنفاق
ومشروع القطار الـكهربائى السريع العين السخنة – العاصمة الإدارية الجديدة – العلمين الجديدة، وخطى الـمونوريل العاصمة الإدارية – ومدينة 6 أكتوبر) ، ومشروعات الطاقة الجديدة والمتجدّدة وكفاءة الطاقة (إقامة محطات كهرباء بطاقة الرياح بخليج السويس ومحطات توليد كهرباء بالخلايا الفوتوفولطية، مثل مشروعات بنبان، والزعفرانة، والغردقة)، ومشروع تحويل شرم الشيخ إلى مدينة خضراء مما يساهم فى تشجيع حركة السياحة العالمية للمدينة.
اطلاق السوق الطوعية للكربون
ومن أبرز الجهود في هذا الملف يأتي إطلاق السوق الطوعية للكربون كأحد وسائل التمويل المبتكرة التى تستخدم للتصدى للأثار السلبية للتغيرات المناخية ، وهو أحد ثمار مؤتمر المناخ COP27، حيث أصدر السيد الدكتور رئيس مجلس الوزراء قرار رقم (464) لسنة 2022 بشأن تعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال، والذي تضمن إنشاء سوق طوعية لتداول شهادات خفض الانبعاثات الكربونية بالبورصة المصرية، والذي يهدف إلى:
كما تم إتاحة نافذة تمكن المشروعات التي تحقق خفض في الانبعاثات من تسجيل وعرض ما لديهم من شهادات كربون بما يسهل من إمكانية بيعها للجهات التي تحتاج إليها (مثل الشركات التي تحتاجها للوفاء باشتراطات تصدير المنتجات الصديقة للبيئة)، وتحقيق عوائد مالية إضافية للشركات المصدرة للشهادات تمكن المشروعات من خفض تكاليف المشروع، ووجود كيان تنظيمي يمكن من خلاله متابعة تجميع وترتيب الفوائض من الشهادات وإتاحتها للمستثمرين لتصبح مصر منصة دولية في هذا المجال.
جهود مصر في ملف التغيرات المناخية إقليميا ودوليا
ولعبت مصر على مدار السنوات الماضية دورا فاعلا ومهما في قيادة العمل المناخي على المستويين الاقليمي والدولي، واتضح ذلك من خلال، تولت جمهورية مصر العربية رئاسة مؤتمر وزراء البيئة الأفارقة 2015-2017 لتقوم بدورها الريادي في خدمة القارة الأفريقية في القضايا البيئية، وتوحيد الرؤى الأفريقية للتحدث بصوت واحد في مفاوضات اتفاق باريس في ٢٠١٥، ورئاسة مصر المجموعة الأفريقية في مفاوضات اتفاق باريس في ٢٠١٥.
تولت مصر رئاسة لجنة رؤساء حكومات أفريقيا المعنية بتغير المناخ (CAHOSCC) برئاسة فخامة السيد رئيس الجمهورية لتقوم بتمثيل القارة الأفريقية في الإجتماعات الدولية، كما تم إعداد وإطلاق مبادرة الطاقة المتجددة فى أفريقيا، ومبادرة تعبئة الدعم الدولي لأنشطة التكيف لأفريقيا.
ومن ضمن الجهود الإقلمية والدولية، رئاسة مصر وبريطانيا لتحالف العمل نحو التكيف والمرونة إزاء آثار تغير المناخ خلال مؤتمر COP26، ولقد نجح التحالف في الخروج ببعض المبادرات وحشد الزخم للاهتمام بالتكيف، واطلاق مبادرة الشراكة العالمية لتعزيز دمج الحلول القائمة على الطبيعة ENACT كأحد ثمار استضافة مصر لمؤتمر المناخ COP27 لربط تغير المناخ والتنوع البيولوجي بالشراكة مع المانيا والاتحاد الدولي لصون الطبيعة، والمشاركة فى أسبوع المناخ ضمن فعاليات الدورة الـ ٧٩ للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، والمشاركة فى اجتماعات إنشاء وتوطين مركز التميز الأفريقى للمرونة والتكيف مع تأثيرات تغير المناخ بالتعاون مع وكالة الإتحاد الأفريقي للتنمية (NEPAD)، الذى يهدف إلى المساهمة في تزويد أفريقيا بالقدرة اللازمة على المرونة والتكيف لتطوير قطاعاتها الإنمائية، والمشاركة في اجتماعات الهيئات الفرعية ، والدورة 60 لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ؛ الهيئة الفرعية للتنفيذ والهيئة المعنية بالنواحي العلمية والتكنولوجية ، المشاركة فى جلسة الهيئة الحكومية الدولية لتغير المناخ رقم 60 و61 للوقوف على الإطار العام للتقرير التجميعي السابع والمزمع إصداره في 2029 وتقاريره الخاصة حول تغير المناخ والمدن وتقرير المنهجية حول الانبعاثات الكربونية قصير الأجل ، المشاركة فى الدورة ١٥ من حوار بيتسبرج للمناخ بألمانيا.
التمويل الدولي للمناخ
وعلى المستوي الدولي للمناخ حصلت مصر وعدد من الدول على تمويل ٣ مشروعات من صندوق المناخ الأخضر لمصر "مشروعات تخضير الأنظمة المالية وصندوق استثمار الزراعة المرنة الذكية ومرفق توسيع البنية التحتية المرنة للمياه" كأحد ثمار جهود وزارة البيئة في خلق مناخ داعم لتمويل المناخ من خلال شركا ء التنمية والقطاع الخاص بحزمة تمويلية تقدر 2.687 مليار دولار
وتسعى وزارة البيئة من خلال العديد من الشركاء وآليات التمويل الدولية لتمويل المشروعات القومية ، ومنها التى تدعم إستراتيجية الطاقة فى مصر، كمشروع توسيع نطاق الطاقة المتجددة في مصر من خلال تكامل الطاقة المتجددة والاستثمارات المعززة والذى يهدف الى دعم إطار تمويل الطاقة المتجددة في مصر لتحقيق هدفها المتمثل في توليد 20٪ من الطاقة المتجددة بحلول عام 2022؛ وزيادة الاستثمارات لدعم تطوير وبناء مشروعات الطاقة المتجددة، بالإضافة الى برنامج مساعدة فنية شامل لتعزيز تكامل الطاقة المتجددة والسياسات والتخطيط.
وتم تنفيذ مشروع تعزيز التكيف مع تغير المناخ في الساحل الشمالي ومناطق دلتا النيل في مصر، ( منحة) بهدف إعداد خطة إدارة متكاملة للمناطق الساحلية بشمال مصر (ICZM)، وإنشاء نظام إنذار مبكر (EWS) لدرجات الحرارة المرتفعة في شمال مصر، وحماية خمس مواقع فى دلتا النيل قابلة للتأثر بشكل كبير بارتفاع مستوى سطح البحر، وتنفيذ مرحلتى مشروع مرونة الغذاء بمحافظات صعيد ( منحة) بغرض تحسين القدرة على التكيف فى صعيد مصر لمواجة الإنخفاض المتوقع فى الإنتاج الغذائى فى مصر.
كما تم تنفيذ مشروع ( تحويل نظم تمويل المناخ لتكثيف التدفقات المالية نحو المشروعات التي تخدم التحول البيئي، وتعزيز قدرة الشركاء المحليين ( منحة)، بهدف الوصول إلى الأهداف المحددة في المساهمات المحددة وطنيًا والرؤية المصرية 2030، من خلال دعم المؤسسات المالية المصرية في تبني استراتيجية وأدوات تمويل المناخ.؛ تحسين القدرة التنافسية ونمو فرص العمل الأنظف في المجال البيئي للحفاظ على العمليات التجارية وتنميتها وربطها بخلق فرص العمل.

Trending Plus