متى يتحمل الكبار مسؤولية إنقاذ الكوكب؟.. صرخات تحذيرية عبر المتوسط.. "القبة الحرارية" تضرب أوروبا.. لماذا يهمنا ما يحدث هناك فى معركة التغيرات المناخية؟.. مؤشر مقلق على تسارع الأزمة

درجات الحرارة
درجات الحرارة
كتبت أسماء نصار

تشهد القارة الأوروبية حاليًا موجة حر غير مسبوقة فى مستهل صيف 2025، حيث حطمت درجات الحرارة، التى تجأوزت 40 درجة مئوية فى دول مثل إنجلترا وإسبانيا والبرتغال وألمانيا وفرنسا وإيطاليا، أرقامًا قياسية تاريخية. وقد تسببت هذه الموجة فى خسائر بشرية، واندلاع حرائق غابات واسعة، وتعطيل للحياة اليومية عبر إغلاق المدارس وفرض قيود على الأنشطة، هذه الظواهر، المرتبطة بـ"القبة الحرارية" وارتفاع غير اعتيادى فى حرارة سطح البحر الأبيض المتوسط، تعد مؤشرات مقلقة لتسارع وتيرة التغير المناخى وآثاره المدمرة.

أوروبا إنذار مبكر لمستقبل المناخ


ما يحدث فى أوروبا اليوم يتجأوز كونه حدثًا مناخيًا عابرًا، إنه يمثل إنذارًا مبكرًا وواضحًا لما قد يواجه منطقتنا، ومصر على وجه الخصوص، فى المستقبل القريب، تؤكد الهيئة الأوروبية "كوبرنيكوس" المعنية بتغير المناخ أن أوروبا هى القارة الأسرع ارتفاعًا فى درجات الحرارة على مستوى العالم، حيث تضاعفت وتيرة ارتفاع حرارتها مقارنة بالمتوسط العالمى، هذا الارتفاع ليس بمعزل عن منطقة البحر الأبيض المتوسط، التى تلعب دورًا حيويًا فى تشكيل الظواهر الجوية للمنطقة بأسرها.


إن مفاهيم مثل "القبة الحرارية" وارتفاع درجات حرارة سطح البحر ليست بالظواهر الحديثة، إلا أن خبراء المناخ يشيرون إلى أن شدتها وتكرارها الحاليين يمثلان تطورًا خطيرًا ناتجًا عن التغيرات المناخية التى يسببها النشاط البشري، فمع ارتفاع درجة حرارة أوروبا بمقدار درجتين مئويتين عما كانت عليه فى عصر ما قبل الثورة الصناعية، فإن أى ظاهرة قبة حرارية باتت تنذر بموجات حر أشد قسوة وتأثيرًا.
مصر فى قلب التحدى المناخي


مصر، بحكم موقعها الجغرافى ألفريد فى قلب منطقة معرضة لتأثيرات التغير المناخي، تواجه تحديات كبيرة تتطلب استجابة استباقية وحاسمة، فالموجة الحارة التى تضرب أوروبا دعوة مباشرة لمصر لتعزيز استعداداتها، وذلك لعدة أسباب وتأثيرات متوقعة على قطاعاتها الحيوية:
- مشاركة مصر فى حوض البحر الأبيض المتوسط يعنى تأثرها المباشر بارتفاع درجات حرارة سطح البحر، مما يزيد من احتمالية التعرض لظواهر جوية متطرفة.


- ارتفاع منسوب سطح البحر، والذى يهدد بغرق مساحات واسعة من الأراضى الزراعية الخصبة فى دلتا النيل، مما ينذر بتشريد السكان، وفقدان الإنتاج الزراعى، وزيادة ملوحة التربة.


- يؤثر ارتفاع منسوب سطح البحر والعواصف الشديدة على تآكل الشريط الساحلي، مهددًا البنية التحتية والمناطق السياحية.

الزراعة والأمن الغذائي:

- ارتفاع درجات الحرارة يؤدى إلى انخفاض إنتاجية المحاصيل، خاصة تلك التى تحتاج إلى درجات حرارة معتدلة، كما يزيد من الإجهاد الحرارى على الثروة الحيوانية.


- تغير أنماط هطول الأمطار والذى يؤثر على توفر المياه للري، ويزيد من مخاطر الجفاف فى بعض المناطق والسيول فى مناطق أخرى.


- ارتفاع درجات الحرارة يوفر بيئة مناسبة لانتشار الحشرات والآفات والأمراض التى تضر بالمحاصيل


- تشير بعض الدراسات إلى أن التغير المناخى قد يؤدى إلى انخفاض الإنتاج الزراعى بنسبة 8% وارتفاع أسعار الغذاء بشكل كبير بحلول عام 2060.

الموارد المائية:

ارتفاع درجات الحرارة يزيد من تبخر مياه النيل والمصادر المائية الأخرى، مما يقلل من كمية المياه المتاحة.

فى المناطق الساحلية، يؤدى ارتفاع منسوب سطح البحر إلى تداخل المياه المالحة مع المياه الجوفية العذبة، مما يقلل من صلاحيتها للاستخدام.

تغير أنماط ألفيضان، قد يؤثر على إدارة موارد المياه فى نهر النيل.

الصحة والسكان:

موجات الحر الشديدة، تزيد من مخاطر الإجهاد الحرارى وضربات الشمس، خاصة بين ألفئات الضعيفة مثل كبار السن والأطفال.


قد يؤدى تغير المناخ إلى انتشار بعض الأمراض المنقولة بالنواقل مثل الملاريا وحمى الضنك.


يؤدى غرق المناطق الساحلية إلى نزوح أعداد كبيرة من السكان، مما يضع ضغطًا على البنية التحتية والخدمات فى المناطق المستقبلة.

البنية التحتية:


تسبب السيول المفاجئة أضرارًا جسيمة للطرق والجسور والمباني، خاصة فى المناطق غير المخططة.

تؤثر درجات الحرارة المرتفعة على كفاءة شبكات الكهرباء، وتزيد من الأحمال عليها، وقد تؤدى إلى انقطاعات.

التنوع البيولوجي:


يؤدى ارتفاع درجات الحرارة إلى تغيير توزيع الكائنات الحية وفقدان مواطنها الطبيعية، وقد يؤدى إلى اختفاء بعض الأنواع.

مسئولية الدول الكبرى: دعوة للعدالة المناخية


وفى هذه المعركة المصيرية، لا يمكننا أن نغفل الدور المحورى الذى يجب أن تضطلع به الدول الصناعية الكبرى، فتاريخياً، كانت هذه الدول هى المساهم الأكبر فى الآنبعاثات التى أدت إلى تفاقم أزمة المناخ العالمية، لذا، يقع عليها واجب أخلاقى ومسئولية تاريخية لدعم الدول النامية، مثل مصر، فى جهودها للتكيف مع الآثار المدمرة للتغير المناخى والتخفيف من حدتها، لذلك آن الأوان أن تفى هذه الدول بالتزاماتها وتعهداتها المالية والتقنية، فالمعركة ضد تغير المناخ هى معركة عالمية تتطلب تضامنًا حقيقيًا وعدالة مناخية، فبدون الوفاء بهذه الالتزامات، ستظل الجهود الوطنية، مهما عظمت، تواجه عقبات هائلة، وسيبقى عالمنا بأكمله فى خطر.

مبادرات الحكومة المصرية لمواجهة التغير المناخي


تدرك الحكومة المصرية خطورة التغير المناخى وتعمل على تنفيذ استراتيجية وطنية شاملة للتكيف والتخفيف من آثاره، تتضمن عدة محأور ومبادرات:


- الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ فى مصر 2050، والتى تهدف إلى تحقيق نمو اقتصادى مستدام ومنخفض الآنبعاثات، وبناء قدرات التكيف مع تغير المناخ، وتعزيز البحث العلمى ونقل التكنولوجيا.

التحول نحو الطاقة النظيفة والمتجددة:


- زيادة استخدام الطاقة المتجددة، حيث تستهدف مصر توليد 42% من الكهرباء من الطاقة المتجددة بحلول عام 2035، من خلال مشروعات عملاقة مثل محطة بنبان للطاقة الشمسية ومزارع الرياح.


- بدأت مصر فى استكشاف فرص الاستفادة من مشروعات الهيدروجين الأخضر كوقود نظيف للمستقبل.


- تحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعى والكهرباء لتقليل الآنبعاثات من قطاع النقل.

إدارة الموارد المائية:


- التوسع فى إنشاء محطات تحلية مياه البحر ومعالجة مياه الصرف الصحى والزراعى لإعادة استخدامها، لتعويض النقص فى الموارد المائية.


- تبطين الترع لتقليل ألفاقد من المياه فى شبكات الري.

حماية المناطق الساحلية:


- تنفيذ مشروعات لحماية الشواطئ من التآكل وارتفاع منسوب سطح البحر، مثل حواجز الأمواج وتغذية الشواطئ بالرمال.
الزراعة الذكية مناخياً:


- العمل على تطوير سلالات محاصيل مقأومة للجفاف والحرارة، وتطبيق تقنيات الرى الحديثة، وتشجيع الممارسات الزراعية المستدامة.

المبادرات الوطنية:


- مبادرة "اتحضر للأخضر"، أول حملة وطنية لنشر الوعى البيئى فى مصر، تهدف إلى توعية المواطنين بأهمية الحفاظ على البيئة ومواجهة التغيرات المناخية.

- مبادرة "100 مليون شجرة" والتى تهدف إلى زيادة الرقعة الخضراء فى مصر، وتساهم فى امتصاص ثانى أكسيد الكربون وتقليل درجات الحرارة.

- المنصة الوطنية لبرنامج "نُوَفِى" والتى تهدف إلى حشد التمويل اللازم للمشروعات الخضراء فى مصر من خلال الشراكات الدولية وصناديق المناخ.

- مبادرة المشروعات الخضراء الذكية، لدعم المشروعات التى تساهم فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة ومواجهة التغيرات المناخية على مستوى المحافظات.

التعأون الدولى:
- استضافة مصر لمؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP27) ففى شرم الشيخ عام 2022، والذى كان فرصة لتعزيز التعأون الدولى فى مجال المناخ وإطلاق العديد من المبادرات الهامة.

- تعزيز التعأون مع المنظمات الدولية وصناديق التمويل المناخى للحصول على الدعم ألفنى والمإلى اللازم لمشاريع التكيف والتخفيف.
خطوات استباقية لمستقبل آمن
لمواجهة هذه التحديات، يجب على مصر تسريع وتيرة العمل على استراتيجية وطنية شاملة للتكيف مع تغير المناخ، هذا يشمل:

- تعزيز البنية التحتية المقأومة للمناخ، بالاستثمار فى مشاريع حماية السواحل، وتطوير أنظمة الصرف والرى الذكية، وتأمين مصادر مياه غير تقليدية مثل محطات تحلية المياه.

- تبنى ممارسات زراعية مستدامة، من خلال تطوير سلالات محاصيل مقأومة للحرارة والجفاف، واستخدام تقنيات الرى الحديثة التى توفر المياه، وتشجيع الزراعة الذكية مناخياً.

- تطوير أنظمة إنذار مبكر فعالة، بتحديث أنظمة التنبؤ بالطقس لتقديم تحذيرات دقيقة وفى الوقت المناسب حول موجات الحر، وألفيضانات، والعواصف الترابية، مع آليات واضحة لإبلاغ الجمهور.

- رفع الوعى وبناء القدرات، بتوعية المواطنين بمخاطر التغير المناخى وكيفية حماية أنفسهم، وتدريب الكوادر فى مختلف القطاعات على التعامل مع التحديات المناخية.

- التعأون الإقليمى والدولى، من خلال تعزيز الشراكات مع الدول الأوروبية والمنظمات الدولية لتبادل الخبرات والتقنيات، والحصول على التمويل اللازم لمشاريع التكيف.


إن ما تشهده أوروبا اليوم هو جرس إنذار لنا جميعًا. الاستعداد لمواجهة التغيرات المناخية ليس رفاهية، بل هو ضرورة حتمية لضمان استدامة التنمية وسلامة مواطنينا ومستقبل الأجيال القادمة فى مصر.
 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

سجل بياناتك.. نتيجة الثانوية العامة 2025 على اليوم السابع برقم الجلوس

مصطفى محمد يفضل عرض بيراميدز على الأهلى بسبب جماهير الزمالك

محافظ القاهرة: 4 عمال تسللوا لسرقة عقار آيل للسقوط بمصر القديمة فإنهار عليهم

الحماية المدنية تفحص موقع انهيار منزل مصر القديمة.. صور

أسماء جلال تتخذ الإجراءات القانونية ضد مصفف شعرها.. اعرف التفاصيل


تايمز: البريطانيون يدخنون 28.6 مليار سيجارة سنويًا بمعدل 78 مليون سيجارة يوميا

ننشر أسماء 22 مترشحًا لانتخابات مجلس الشيوخ عن محافظة الإسكندرية

ارتفاع استهلاك مكيفات الهواء فى أوروبا بسبب الحر يثير القلق.. إيطاليا تتصدر القائمة

أجواء شديدة الحرارة على معظم المناطق.. تفاصيل حالة الطقس المتوقعة

اتحاد الكرة يحسم الجدل: قيد المغربي معالي تحت السن في الزمالك


نظارات نجوم الأهلى تخطف الأنظار قبل السفر لتونس.. صور

انطـلاق مهرجان العلمين الجديدة اليـوم.. فعاليات متنوعة تبدأ بسهرة غنائية ضخمة لأنغام.. الكينج والهضبة وكايروكى أبرز المشاركين.. فنانون يشاركون لأول مرة.. والنسخة الثالثة من المهرجان تراعى كل الأذواق

الإسماعيلى يواجه الحسنية وديًا اليوم قبل بدء معسكر الإسكندرية

ضبط 358 قضية مخدرات و186 قطعة سلاح فى حملة أمنية مكبرة

مانشستر سيتى يعلن قميصه الاحتياطى الجديد بمشاركة عمر مرموش.. صور

بتوقيع ترامب و"رسم خارج".. وول ستريت تنشر رسالة من دونالد إلى جيفرى ابستين

حمدى فتحى يزين قائمة الوكرة لمعسكر إسبانيا رغم أنباء اقترابه من بيراميدز

رئيس البرازيل: ترامب انتخب رئيسا لأمريكا وليس إمبراطورا للعالم.. ولن أتلقى أوامر منه

ريال مدريد ثالثًا في سباق الإنفاق الصيفي.. صفقات نوعية وخطة اقتصادية محسوبة

مصرع سيدة وإصابة اثنين فى انقلاب ميكروباص واحتراقه على طريق بنها - المنصورة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى