«محمد صلاح».. مصرى كسب القلوب والعقول وموهبة ممكنة

بمناسبة محمد صلاح نجم مصر وليفربول والعالم، لا يمر يوم إلا ويظهر فى تصنيف جديد، ويبدو أن نجوميته وكونه نموذجا غير مسبوق يظهر فى الكثير من القوائم، أشياء لم تثر جدلا، بينما ظهور محمد صلاح كأفضل لاعب مسلم فى العالم، ضمن اختيارات شبكة «sportsdunia» العالمية بين لاعبين مسلمين، فتح الباب لبعض الجدل الذى أبداه البعض خوفا من أن يكون حاملا لبصمات طائفية، لكن ما إن نتابع التقرير، نكتشف أنه واحد من تصنيفات لا يمكن اعتبارها عرقية أو دينية، ومنها كونه أفضل لاعب أفريقى أو متوسطى أو عربى أو من الدلتا، وهى تصنيفات كروية تركز على نجومية صلاح، ونموذجه غير المسبوق، فى حال تعاملت معها عقول سوية وليست مصابة بالفوبيا والتلبك الطائفى، وقد نعذر هؤلاء المصابين بالحساسية، لأننا بالفعل نواجه نماذج متعصبة وغير متسامحة، بل ومتطرفة تم تجنيدها للدفاع عن مشروعات شديدة التطرف والتخلف.
لكن فى تقرير صلاح لم يقرأ المعلقون التقرير وسارعوا إلى لىِّ عنق المعلومات، وتطويعها فى استنتاجات طائفية مريضة، هى أبعد ما نحاول السعى إليه، حيث لا نتجاهل أى تقارير أو معلومات تتعلق بمحمد صلاح، وبعضها هدفه المقارنة وليس التطرف، والزملاء بقسم الرياضة المحلية والإقليمية بـ«اليوم السابع»، نلتزم بدستور أرسيناه طوال 18 عاما، ونرى أن الرياضة يفترض أن تقاوم التعصب والتطرف، وندعم نموذج محمد صلاح، كنموذج مميز وقدوة لشبابنا، حجز مكانه فى قلوب جمهور ليفربول وبريطانيا وأوروبا بشكل لم يسبقه إليه لاعب آخر.
ونقول إن علينا أن نفكر فى كون كرة القدم بالفعل هى رياضة يفترض أن تخلو من أى تصنيفات دينية أو عرقية، بل وقد يكون من بين ميزات اللعبة الأكثر شعبية، أنها منحت عددا كبيرا من اللاعبين من دول الجنوب فرصة ليتقدموا على غيرهم ويحتلوا النجومية، وما يهمنا فى محمد صلاح، أنه أحد أهم وأكثر اللاعبين المصريين والعرب لمعانا وقدرة على تقديم نفسه وصورة بلاده بشكل معتدل ومتسامح، وبوعى كبير وفطرة سليمة، لم يقع محمد صلاح فى مستنقعات طائفية أو عرقية، واحتفظ لنفسه بدرجة من الوجود والنجومية ترتبط بكونه يركز على مهاراته وقدراته وتفوقه، بالجهد والتعب والبذل، وليس الاعتماد على فصيل أو تيار، بل إنه قاوم - بتسامح - كل محاولات اصطياده وتعليبه فى معادلات التطرف، واحتفظ لنفسه بصورة مثلت ولا تزال قدوة حسنة لكثيرين من الشباب والنشء، ممن رأوا قصة صلاح تحمل خليطا من التميز والجهد، وبالتالى فهى قصة نجاح منطقية لنجم تدرج وظل على القمة لسنوات وأرضى جمهوره، وحصل على صورة إنسانية، وحتى عندما جلس فى مكان ثقافى بمعرض كتاب الشارقة، تحدث بتواضع، وعبر عن نفسه وأفكاره ببساطة، ومن دون تقعر أو ادعاء.
ثم إن صلاح لم يقع فى فخ الادعاء وخدمة مشروعات غير واضحة، كما أنه قاوم بشدة محاولات إدخاله فى حسابات تعصب أو دور، وهو لا يقدم نفسه بصفته فيلسوف عصره وأوانه، مثل نماذج سقطت فى فخاخ الادعاء وأوحال مشروعات متخلفة وعنصرية، وعندما يتحدث صلاح عن مصادر ثقافته وقراءاته، يذكر ما يفعله فى الواقع، وليس ما يريد الآخرون أن يقوله، وقد نجح ثم بدأ يبحث عن تفسير، وأصدق ما قاله هو أنه أراد أن يعرف نفسه أولا، فإذا عرف المرء نفسه يمكنه التعرف على ما حوله.
وأعود إلى تصنيفات صلاح، والتقارير التى تصدر من شبكات كروية وإعلامية تضع محمد صلاح من بين أكثر اللاعبين تأثيرا فى جماهير الكرة على مر التاريخ، بجوار بيليه ومارادونا، ومنها تغيير صورة اللاعبين العرب والمسلمين والأفارقة بشكل كبير، وآخره تقرير أن «محمد صلاح، وميسى، ورونالدو، ضمن أكثر اللاعبين تأثيرا فى العالم»، وهو تقرير كتبه الزميل مروان عصام أيضا، والذى يستحق التحية مع فريق الرياضة المحلية والعالمية، وهو تقرير من شبكة «lentedesportiva» العالمية، التى اعتبرت وجود محمد صلاح نجم منتخب مصر ونادى ليفربول الإنجليزى ضمن قائمة أكثر اللاعبين تأثيرا على مدار التاريخ فى عالم كرة القدم، وأنه نجح فى تغيير النظرة السائدة عن اللاعبين المسلمين والعرب فى أوروبا، وأن تواضع النجم المصرى وثبات مستواه جعلاه قدوة لدى جماهير ليفربول، هذا ما ذكره التقرير، والذى يمكن أن يقتطعه أحد الباحثين عن «لايكات» على حساب جهد مروان وزملائه، وقالت الشبكة إن «هناك لاعبين مثل محمد صلاح بمثابة شخصيات استثنائية كان لها تأثير فى عالم كرة القدم، لم يقتصر دورهم على قيادة أنديتهم لتحقيق الفوز فى المباريات، فهناك من قام بتغيير ثقافات لدى العديد من عشاق اللعبة».
ومن بين اللاعبين الذى تم اختيارهم ضمن قائمة أكثر اللاعبين تأثيرا على مدار التاريخ فى عالم كرة القدم، الأسطورة البرازيلية بيليه، ومارادونا أسطورة الأرجنتين، بالإضافة إلى ليونيل ميسى وكريستيانو رونالدو، ويوهان كرويف الأيقونة الهولندية، والنجم الفرنسى زين الدين زيدان.
ونعود لنؤكد أن نموذج محمد صلاح يستحق كل هذا الاهتمام والدراسة، لكونه نموذجا وقدوة ممكنة بعيدا عن التعصب أو التلبك الكروى و«السوشيلاتى».

مقال أكرم القصاص

Trending Plus