صلاح أبو سيف.. خلود البداية والنهاية

تاريخ مصر عريق وممتد في كل الفنون، وجزء من خلودها أن أبناءها – وما أكثرهم- مبدعون مخلصون لفنهم، وأنهم عصاميون في ذلك، وأن تأثيرهم لا يغيب في جميع المجالات وعلى رأس هذه الفنون تأتي السينما، ومن المصريين أصحاب البصمة الخالدة في تاريخ السينما يأتي المخرج الكبير صلاح أبو سيف، بقدرته على الخلود من البداية للنهاية.
نحن عادة ما نتساءل عن سر المبدع، كيف تحقق له ذلك؟ وما مقدار الموهبة وما مقدار العمل والصبر والمعاناة والإصرار؟ وتجربة المخرج الكبير صلاح أبو سيف (1915- 1996) معبرة عن قدرة فنان مصري أن يقول كلمته الصادقة كما أراد.
إن المفتاح السحري لصلاح أبو سيف هي أنه امتلك رؤية متكاملة في عالم الفن، هذه الرؤية هي التي جعلتنا نراه صاحب مشروع مكتمل، فالفن عنده ليس مجرد حكاية ولا تسلية، إنه الدور والواجب، إنه السلاح الذي يحمله في يده ليقول كلمته.
والمتتبع لتاريخ صلاح أبو سيف سيعرف أن الفن لم يكن بالنسبة إليه أكل عيش، بل كانت طريقته لرصد المجتمع ومواجهة أزماته والتوقف عند قضايا تهم الناس، فمنذ البداية بعدما كان مساعدا لكمال سليم في فيلم "العزيمة" راعه عدم محافظة "سليم" على خط الواقعية، لذا آثر هو رغم الصعوبات أن يكمل في هذا الطريق فصار بصدق رائد الواقعية في السينما المصرية، فلا ننسى له "بداية ونهاية، القاهرة 30، الزوجة الثانية، الفتوة، السقا مات، المواطن مصري" وغيرها الكثير من الأفلام المتنوعة الكاشفة عن مخرج كبير جميع لديه القدرة على قيادة الفريق وتقديم موضوعات (واقعية – تجريبة – رومانسية – غنائية)، لكنه في مجملها كاشفة عن المجتمع المصري وما يجري فيه، بما يدل على انحيازاته لفئة معينة من المجتمع، هي الطبقة المتوسطة بكل ما فيها من مقهورين ونبلاء وراغبين في النجاة أو مستسلمين لها.
جانب آخر مهم في فلسفة صلاح أبو سيف هو أنه مؤمن بكون الإنسان محصورا بين الميلاد والموت، وخلال هذا الحصار مطالب بأن يأخذ القرارات التي تساعده كي يقاوم، لذا فإن فِعل المقاومة واحد من أسسه المهمة في بناء سرديته السينمائية، كما أثبت صلاح أبو سيف بأفلامه الـ 45 أن الشغف عندما يتملكك فإنه كفيل بأن يأخذك إلى القمة، وأن يكتب اسمك بحروف خالدة.
لكل هذه المكانة التي يمثلها صلاح أبو سيف في تاريخ السينما المصرية، وبوصفه واحدا من حراس مصر الأمناء، نقدم له هذه التحية ...

Trending Plus