الحمام الطليق في قلب القاهرة.. لوحة فنية ترسمها أيادي مجهولة بحب.. فيديو

في شوارع المحروسة، حيث تمتزج رائحة التاريخ بنبض الحياة، لا ينفكّ المارّ عن التوقف أمام مشاهد لا تُنسى، مشاهد تحمل من السحر ما يُبهج القلب، ومن البساطة ما يُنعش الروح. قد تظن للوهلة الأولى أنك تسير في إحدى ساحات أوروبا العتيقة، لكن ما تلبث أن تدرك أن تلك الروح التي تملأ المكان لا يمكن أن تكون إلا مصرية خالصة، دافئة كنبض النيل، عفوية كضحكة طفل في حواري القاهرة.
في قلب العاصمة، وتحديدًا تحت كوبري ميدان التحرير، يتراءى لك مشهد أقرب إلى القصص الحالمة: عشرات من أطباق الفخار، بعضها مملوء بالماء النقي، تُبدَّل يوميًا بعناية، وأخرى تحوي خليطًا من العيش والذرة، خصيصًا لإطعام الحمام الطليق. الغريب في الأمر، أن لا أحد يعلم يقينًا من صاحب هذه المبادرة، ولا من بدأها قبل عشر سنوات، لكنها وُلدت من رحم المحبة، واحتضنتها قلوب عشاق الطيور، حتى أصبحت عادة يومية، وطقسًا محبوبًا يتجمع حوله الناس من كل فئات المجتمع.
إنها ليست مبادرة خيرية فحسب، بل لوحة فنية مرسومة بريش الحمام وأطباق الفخار، بألوان الذرة وصوت الأجنحة وهي تخفق في الهواء. منظر يأسر العيون ويهدئ النفوس، وكأن المدينة تُقابلك بابتسامة من ريش ناعم وقلب نابض بالحياة.
ولم يعد ميدان التحرير وحده موطن الحمام الطليق؛ فإذا ما قادتك قدماك إلى حي الزمالك، ستُبصر مشهدًا لا يقل جمالًا: الحمام بألوانه الزاهية، ينتظر من يألفه ويطعمه، يقف في هدوء على الضفاف، يشرب من النيل، ثم يطير حرًا كما وُلد.
وقد أفاد البعض بأن الحمام بات يعرف من يطعمه، ويهرع إليه بمجرد رؤيته، وكأنه يُبصر في عينيه قلبًا يحنّ إليه. في مشهد يُعلّمنا أن الرحمة لا تُقال، بل تُفعل، وأن أرزاق المخلوقات قد تأتي من أيدٍ لا تعرف اسمها، لكنها تُحبّها من الأعماق.
إنها قصة حب حقيقية بين البشر والطبيعة، لا يُكتب فيها اسم بطل، لأن البطولة هنا جماعية.. أبطالها هم كل من اختار أن يضع لقمة أو قطرة ماء، دون أن ينتظر شكرًا، فقط لأن قلبه عرف طريق الرحمة.

Trending Plus