عندما فقدنا دفء المشاعر في زمن اللايكات

في زمن التكنولوجيا الحديثة، بدا أن بعضنا قد أصيب بجمودٍ في المشاعر وتبلدٍ في القلب، كأننا نحيا في عالمٍ بارد لا تعرف فيه الكلمات دفء اللمسة ولا نسمع فيه صوت العاطفة الحقيقية.
أصبحنا نكتفي بالتعزية على صفحات الفيس بوك، نبارك الأفراح عبر التعليقات، ونحتفل بالنجاحات بابتسامات إلكترونية صفراء لا تنطق سوى بلغة الرموز التي فقدت معانيها الأصيلة.
حل الإيموشن واللايك محلّ الطبطبة على الحزين، وحلّت العلامات الصفراء بدلاً من العناق والكلمات التي كنا نربي عليها أنفسنا في زمنٍ لم تكن فيه شاشة الهاتف بيننا، بل كانت وجوهٌ تلتقي وأعينٌ تراقب صدق المشاعر.
أين اختفت عاداتنا الجميلة؟ تلك التي كنا نعلم فيها كيف نمسح دمعة، كيف نحضن فرحة، كيف نستمع بقلوبنا قبل آذاننا؟ صارت العلاقات جامدة، صلبة كصخور، بلا كلمات تلامس القلوب ولا وجوه تعكس صدق المشاعر.
تحولت اللحظات الإنسانية إلى صورٍ متداولة، وعبارات مختصرة، وردود سريعة، بينما كانت سابقاً حكايات تُروى وأحاديث تطول.
نحن لسنا بحاجة إلى مثل هذا البرود الذي تفرضه التكنولوجيا على أعماقنا، بل بحاجة إلى لقاءات حقيقية، إلى حديث صادق، إلى لمسٍ يحمل الدفء، إلى عيون تُشع صدقاً، لا إلى أيدي مشغولة بالهواتف والأصابع المتعبة من الضغط على زر الإعجاب.
ليتنا نهجر هذا الفضاء الرقمي الذي سرق منّا معاني التواصل الإنساني، ونعود إلى بيوتنا، ساحاتنا، ومقاهي الحي، حيث تنبع الحياة من نبض اللقاء، حيث نضحك معاً، نبكي معاً، نواسي ونتشارك بكل ما نملك من دفء وصدق.
في عالمٍ تسيطر عليه التكنولوجيا، لا تدع القلوب تتحول إلى شاشات فارغة، ولا تجعل من المشاعر رموزاً صفراء بلا روح، لنعد لنعيش الحياة كما تستحق، نحب بعيوننا، نتحدث بألسنتنا، نطبطب بأيدينا، ونسعد معاً بلا حواجز رقمية ولا برود إلكتروني.

Trending Plus