الدروز والقاهرة الفاطمية.. ما علاقة الحاكم بأمر الله بالعقيدة الدرزية؟

ظهر الدروز على السطح بعد الاشتباكات التي وقعت في سوريا مؤخرا وتحديدا في السويداء وفى إطار التعريف بذلك المذهب او تلك الفرقة نتوقف مع كتاب ورثة الممالك المنسية: ديانات آفلة في الشرق الأوسط لجيرارد راسل والذى يقول مؤلفه إن القاهرة الفاطمية كانت بيئةً مُواتية جدًّا لأولئك الذين أرادوا مزْجَ الفلسفة الإغريقية بالإسلام.
ويضيف: أَولى الفاطميُّون اهتمامًا كبيرًا بالتعليم فبنَوا الجامع الأزهر ومدرسةً لتعليم الشريعة الإسلامية، والفلسفة، وعلم الفلك؛ وظلَّ الفكر الإغريقي دارجًا بين علماء المسلمين في كلٍّ من القاهرة وبغداد. كيَّف هؤلاء العلماءُ أفكارَ الأفلاطونيين المحدَثين لتتلاءم مع الإسلام. وكان من الطبيعي أن يُنظر إلى «الواحد» على أنه الله. اعتبر بعضُ العلماء أن الكائنات الوسيطة بين الله والخلق على عقولٍ غير مادية أو «رؤساء ملائكة»، وقال فيلسوفٌ واحد على الأقل، وهو الفارابي، إن هذه العقول اتخذَت هيئة النجوم والكواكب.
وبعد مائة عام من الوحي المثير للمهدي، كان حفيدُ حفيدِه يحكم القاهرة. كان يُعرف باسم الحاكم بأمر الله، وقد خالف تقليدَ التسامح وفرض الشريعة على رعاياه بقسوةٍ غيرِ مسبوقة. وأصدر عددًا من المراسيم المثيرة للجدل؛ حيث طالب بنشر اللعنات الموجَّهة ضد الخلفاء السُّنة الأوائل في المساجد ومداخل الأسواق، ومنع رعاياه المسيحيِّين من الاحتفال بعيد الفِصْح، وأمر بحرق الزبيب في المدينة (لأنه قد يُستخدم في صنع النبيذ)، ودعا إلى سَكْب عسل المدينة في نهر النيل (لأنه قد يُستخدم في صُنع شراب الميد المخمَّر)، وأعلن أنه لم يعُد بإمكان الإسكافيين صنعُ أحذيةٍ نسائية (حيث لم يكن مسموحًا للنساء بالخروج). وأمر غير المسلمين بارتداء أشياءَ ثقيلةٍ لدرجة مؤلمة حول أعناقهم. وسمع عن طقس النار المقدَّسة، الذي يُجرى في كنيسة القيامة بالقدس يوم أحَد الفِصح، وقرَّر أنه خدعة، واستشاط غضبًا منه لدرجة أنه سَوَّى الكنيسة بالأرض. ولم يُعَد بِناؤها إلا بعد وفاته.
وعلى الرغم من أن سلوك الحاكم بدا قاسيًا أو حتى غيرَ عقلاني لضحاياه (وكثيرين غيرهم)، ظنَّ المعجَبون به أن غرابة أطواره دليلٌ على قربه من الله.
وأثارت سلسلةٌ من الأحداث التوقعاتِ بأن نهاية العالم قد تكون قريبة. وفي هذا الجوِّ المحموم ابتكر مجموعةٌ من المفكرين فلسفةَ التوحيد؛ أي العقيدة الدُّرزية. حتى إن سبب تسمية «الدروز» بهذا الاسم غامض وربما كان نسخةً معدَّلة من لقب نشتكين الدرزي، وهو من أوائل الموالين واعتُبِر زِنديقًا فيما بعد. وأثارت تعاليمُ الديانة شائعاتٍ مروِّعة فقد اعتقد الدروز، أو هكذا شاع في القاهرة، أن الحاكم كان الظهورَ أو التجسد البشريَّ لله نفسِه. لكن الدروز اليوم ينفُون هذه الشائعات.

Trending Plus