سيناريوهات دستورية بعد استقاله وزيرة البيئة لتوليها منصب دولى.. تعديل وزارى فورى وجلسة طارئة للنواب أو الانتظار لما بعد الانتخابات.. فقيه دستورى: تكليف أحد الوزراء بتسيير الأعمال مناسبا فى ظل ضيق الوقت

في أعقاب إعلان استقالة وزيرة البيئة، الدكتورة ياسمين فؤاد، تمهيدا لتوليها مهمة أممية جديدة كسكرتير تنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، طُرحت تساؤلات عديدة حول الإجراءات الدستورية والقانونية المنظمة لقبول الاستقالة وتعيين وزير بديل، خاصة في ظل فض دورة الانعقاد العادية الخامسة لمجلس النواب، ومع اقتراب الفصل التشريعي الثاني من نهايته وانتخابات مجلس جديد.
وفي هذا السياق، كشف الدكتور صلاح فوزي، أستاذ القانون الدستوري، عن التفاصيل القانونية الحاكمة لهذه الحالة، موضحا السيناريوهات الممكنة دستوريا، والآليات المنظمة لقرار رئيس الجمهورية بشأن التعديل الوزاري أو تكليف وزير قائم بتسيير الأعمال مؤقتا.
وقال "فوزي" في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع": أننا أمام سيناريوهان أولها، أن يقوم رئيس الجمهورية وفقا لمهامه الدستورية بإجراء تعديل وزاري خلال أيام بعد التشاور مع رئيس الوزراء وموافقة مجلس النواب، وثانيهما الاكتفاء بتكليف أحد الوزراء بمهام الحقيبة الوزارية مؤقتا لحين اتخاذ قرار رسمي في وقت لاحق مناسب".
وقال صلاح فوزي، إن استقالة الوزراء تٌقدم إلى رئيس مجلس الوزراء، وذلك استناداً إلى المادة (174) من الدستور، وهو ما تم فعليا في حالة وزيرة البيئة، وتم قبولها، لافتاً إلي أن تقديم الاستقالة لرئيس الوزراء يُعد الإجراء الأولي وفقا للنصوص الدستورية، ولا يشترط أن تُعرض على البرلمان في هذه المرحلة، طالما لم يتبعها تعديل وزاري مباشر.
وأضاف فوزي، أن الدستور يمنح رئيس الجمهورية صلاحية إجراء تعديل وزاري، وذلك بموجب المادة (147)، التي تنص على أن للرئيس، بعد التشاور مع رئيس الوزراء، إجراء تعديل وزاري بشرط موافقة مجلس النواب بأغلبية الحاضرين وبما لا يقل عن ثلث عدد الأعضاء.
وأوضح الدكتور فوزي أن اللائحة الداخلية لمجلس النواب، نظمت هذا الوضع بوضوح، إذ نصت المادة (129) منها على أن في حال ورود طلب تعديل وزاري من رئيس الجمهورية أثناء فض دور الانعقاد، يُدعى مجلس النواب إلى جلسة طارئة خلال أسبوع للبت فيه.
ونوه فوزي، إلي أنه يشترط لقبول التعديل الوزاري موافقة أغلبية الحاضرين، وألا تقل نسبة الموافقين عن ثلث عدد أعضاء المجلس، علي أن يُخطَر رئيسُ الجمهورية بذلك.
وشدد صلاح فوزي، على أن هذا الإجراء رغم كونه دستوريا، إلا أنه يتطلب طرفا مناسبا، خاصة وإننا في ظل اقتراب انتهاء الفصل التشريعي الحالي 2020 – 2025، وعلى أبواب إجراء انتخابات جديدة تمهد لبرلمان جديد.
وفي سياق تحليله للسيناريو الأكثر ترجيحا، لفت الدكتور فوزي إلى أن تكليف أحد الوزراء الحاليين بتسيير أعمال وزارة البيئة يُعد إجراء إداري مشروع، لا يستوجب العرض على البرلمان، قائلا: "من الناحية الدستورية، لا يوجد ما يُلزم رئيس الجمهورية بإجراء تعديل وزاري فوري في حال خلو حقيبة وزارية، بل يمكن تكليف وزير قائم بتولي المهام مؤقتا".
وأضاف فوزي، أن الاكتفاء حاليا بتكليف أحد الوزراء مهمة تسيير الأعمال، يُعد مناسبا خاصة في ظل ضيق الوقت واقتراب انتهاء ولاية البرلمان الحالي، حيث أننا مقبلون على مجلس نواب جديد، وستكون هناك إجراءات دستورية لاحقة تتعلق بالحكومة".
وحظي اختيار الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة لتولي منصب السكرتير التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، ترحيبا برلمانيا واسعا، حيث قال المستشار عبدالوهاب عبدالرازق، رئيس مجلس الشيوخ، إن هذا الاختيار يُجسّد ما بلغته الدولة المصرية من مكانة رفيعة على الساحة الدولية، ويعكس التقدير المستحق للكفاءات الوطنية التي أثبتت جدارتها على مختلف الأصعدة، مهنئا إياها بهذا المنصب الرفيع.
وأضاف عبد الرازق، أن هذا التكليف الأممي الرفيع لا يُعد فقط تتويجا لمسيرة الوزيرة الحافلة بالعطاء، بل هو أيضا شهادة عالمية بمكانة مصر الريادية في قضايا البيئة والمناخ، واعتراف صريح بالدور الجاد الذي قامت به في تقديم تجربة تنموية واعية قائمة على أسس الاستدامة والعدالة البيئية.
وأشار رئيس مجلس الشيوخ إلى أن هذا المنصب يؤكد أن المرأة المصرية أصبحت اليوم رمزًا لحضور فاعل ومؤثر في دوائر صنع القرار الدولي، وأنها لم تعد تمثل وطنها فقط، بل أصبحت صوتًا معبرًا عن طموحات الجنوب، ورسالة للاستدامة، ونداءً للعدالة البيئية في ظل تصاعد التحديات العالمية.
واختتم "عبد الرازق" تهنئته قائلاً: "من على منبر مجلس الشيوخ، نعرب عن فخرنا واعتزازنا بالدكتورة ياسمين فؤاد، ونجدد ثقتنا في قدرتها على تمثيل مصر خير تمثيل في موقعها الجديد، وأن تظل كما عهدناها، شريكًا رئيسيًا في صياغة سياسات دولية عادلة تُنصف الإنسان وتحمي كوكب الأرض "، ودعا الله أن يوفقها لما فيه خير مصر والعالم، وأن يسدد خطى أبناء الوطن في كل المحافل الدولية.
في السياق ذاته، هنأت لجنة الطاقة والبيئة بمجلس النواب، الدكتورة ياسمين فؤاد وزير البيئة، على هذا المنصب الأممي الرفيع الذي يأتي تتويجًا لجهودها الكبيرة وخبرتها الواسعة في "الدبلوماسية البيئية"، مؤكدين أن هذا المنصب جاء بفضل خبرتها الطويلة في مجال البيئة والمناخ، وانعكاس على مدى تَمتُعها بخبرة كبيرة في مجال الحوكمة البيئية، والعمل الدولي المناخي، بالإضافة إلى تَقلُدها عددًا من المناصب المهمة في هذا الشأن، ولاسيما فيما يخص التنوع البيولوجي، واتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، بالإضافة إلى عدة مهام أخرى بارزة على المستويين الإقليمي والدولي، والذي يعكس مكانة مصر، ويعد عنوانًا لحكمة إدارتها، وقدرتها على صياغة سياسات دولية عادلة تنصف الإنسان وتحفظ عالمنا البيئي.
وأكدت اللجنة أن هذا المنصب يؤكد أن المرأة المصرية أثبتت جدارتها في مختلف المجالات، إلى جانب ثقة المؤسسات والمنظمات الدولية فيها على تحمل مسئولية الملفات المهمة بهذا الاختيار، وأصبحت عنوانا لصنع القرار الدولي، فهي لا تُمثل وطنها فقط، بل تحمل رسالة الاستدامة، في زمن تتصاعد فيه التحديات.

Trending Plus