مسار متعثر للمحادثات النووية.. هاجس الهجمات يدفع طهران للتحفظ.. مسئول إيرانى: معلومات تؤكد استعداد واشنطن للحرب.. أوروبا تهدد بتفعيل العقوبات الأممية حال الفشل.. وطهران ترد: لا تفاوض دون استعداد لاتفاق عادل

لا يزال مسار استئناف المحادثات النووية بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية متعثراً بعد خمس جولات من التفاوض، تلك الجولات التى توقفت منذ الحرب التى شنتها إسرائيل على إيران لمدة 12 يوما انتهت بإعلان وقف لإطلاق النار بوساطة أمريكية فى 24 من يونيو الماضى بين إيران وإسرائيل، فى الوقت الذى لا تزال مشاعر عدم اليقين مسيطرة على إيران تجاه الطرفين الأمريكى والإسرائيلى، ومنذ الغارات الجوية، غادر مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة إيران وبينما أشارت إيران إلى انفتاحها على الجهود الدبلوماسية، لا توجد مؤشرات على استئناف جولة سادسة من المحادثات النووية بين واشنطن وطهران فى وقت قريب.
يدعم مخاوف إيران، ما يتردد عن خطط محتملة لضرب إيران؛ وفى هذا السياق كشفت وكالة "رويترز"، أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب رفض خطة عسكرية مقترحة تضمنت شن ضربات واسعة النطاق على منشآت البرنامج النووى الإيرانى، كانت ستستمر لعدة أسابيع، ووفقًا للتقرير، فإن الخطة كانت تهدف إلى توجيه ضربات مكثفة تشمل أهدافًا متعددة فى إيران، فى إطار تصعيد عسكرى كبير، غير أن ترامب قرر عدم المضى قدمًا فى تنفيذها.
وأمام التردد الإيرانى إزاء استئناف المفاوضات حذرت الترويكا الأوروبية طهران بأنها ستعاود فرض العقوبات عليها إذا لم تستأنف المحادثات على الفور وتتخذ خطوات ملموسة حيال ذلك بحلول نهاية أغسطس.
وفى هذا السياق، قال وزير الخارجية الإيرانى عباس عراقجى، أن استئناف جولة جديدة من المفاوضات النووية، لن يكون ممكناً إلا إذا أبدى الطرف المقابل استعداده للتوصل إلى اتفاق نووى عادل.
قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجى، إنه لا يمكن التعويل على أى وقف لإطلاق النار من قبل الاحتلال الإسرائيلى.
وأضاف عراقجى - وفق قناة العالم الإيرانية - أن إيران لم تقتنع بعد بقضية استئناف المفاوضات، وأنها بحاجة جادة لرؤية إرادة حقيقية لدى الطرف المقابل للتوصل لحل رابح للجميع.
وأكد أن بلاده على أهبة الاستعداد والجاهزية التامة فى حال انتهاك وقف إطلاق النار، لافتا إلى أن إيران لم تكن تريد الحرب الماضية ولكنها كانت مستعدة لها، وأن مهاجمة المنشآت النووية أثبتت أنه لا يوجد أى حل عسكرى للبرنامج النووى الإيرانى.
وجدد التأكيد على البرنامج النووى الإيرانى مخصص للأغراض السلمية فقط، مشيرا إلى أن إيران لا تمانع من مشاركة هذه الثقة مع الآخرين لكن ذلك لن يتحقق إلا من خلال المفاوضات.
وفى سياق مخاوف طهران، أعرب مسؤول إيرانى عن توجس بلاده إزاء أمريكا وإسرائيل ؛ حيث قال أن معلومات استخباراتية تشير إلى أن الولايات المتحدة تستعد للحرب مع بلاده، مضيفا أن على طهران أن تكون جاهزة لهذا الصراع بدلا من الانخراط فى المحادثات، وأن لدى إيران معلومات استخباراتية تشير إلى أن الولايات المتحدة تستخدم المبادرات الدبلوماسية كغطاء للتحضيرات العسكرية، وأنه يتعين على طهران الاستعداد للصراع بدلا من الانخراط فى المحادثات، وإذا كان الأمر كذلك، فلا نرى سببا لإضاعة الوقت، ونفضل التركيز على الاستعداد للصراع. وفق قناة "برس تى في".
وأضاف: أى جولة جديدة من المفاوضات يجب أن تتضمن ضمانات جدية وعملية لضمان ألا تكون العملية مجرد غطاء لخداع أمنى، وأوضح المسؤول الإيرانى فى تصريحاته لـقناة "برس تى في" شروط أى مفاوضات مستقبلية مع الولايات المتحدة، قائلا أن المناقشات يجب أن تتناول قضايا رئيسية مثل الترسانة النووية الإسرائيلية والتعويض عن الحرب الأخيرة.
وقال: "يجب أن نحصل على ضمانات بأن المبعوث الأميركى ستيف ويتكوف وسيط لحل النزاع، وليس مشعلا للحرب. تقديم مثل هذه الضمانات أمر صعب جدا، لكننا مستعدون لإعطاء الولايات المتحدة فرصة أخرى والاستماع إلى ما لديها فى هذا الشأن ورؤية أفعالها العملية".
ووفقا لما ذكرته القناة: "تشير معلوماتنا الاستخباراتية إلى أن واشنطن تسعى إلى المحادثات للتحضير للحرب، وليس من أجل السلام"، ونقلت عن المسؤول قوله أن إيران تعتقد أن "الغرض من المفاوضات هو نزع سلاح إيران لتعويض ضعف إسرائيل فى الحرب المقبلة".
تحذيرات أوربية..
من جانبهم، أجرى وزراء خارجية الدول الأوروبية الثلاث ألمانيا وبريطانيا وفرنسا، إلى جانب مسؤولة السياسة الخارجية فى الاتحاد الأوروبى كايا كالاس الخميس، أول اتصال هاتفى لهم مع عراقجى منذ أن شنت إسرائيل والولايات المتحدة غارات جوية فى منتصف يونيو، مستهدفة البرنامج النووى الإيرانى.
وأبلغت فرنسا وبريطانيا وألمانيا إيران بأنها ستعاود فرض عقوبات الأمم المتحدة عليها إذا لم تستأنف المحادثات بشأن برنامجها النووى على الفور وتتخذ خطوات ملموسة حيال ذلك بحلول نهاية أغسطس.
وهذه الدول إلى جانب الصين وروسيا هى الأطراف المتبقية فى اتفاق 2015 مع إيران، والذى رُفعت بموجبه العقوبات عن طهران مقابل فرض قيود على برنامجها النووى وينتهى قرار مجلس الأمن الدولى فى 18 أكتوبر، ومن شروطه إمكان معاودة فرض عقوبات الأمم المتحدة السابقة ـ
وقال مصدر دبلوماسى فرنسى عقب الاتصال الهاتفى أن الوزراء دعوا إيران إلى استئناف الجهود الدبلوماسية فورا للتوصل إلى اتفاق نووى "مستدام يمكن التحقق منه"، وحذروا من أنهم سيستخدمون آلية العقوبات إذا لم تفعل ذلك.
وحذر الأوروبيون مراراً من أنه ما لم يتسن التوصل إلى اتفاق نووى جديد، فإنهم سيطلقون "آلية معاودة فرض العقوبات"، التى ستعيد فرض جميع عقوبات الأمم المتحدة السابقة على إيران إذا ثبت انتهاكها لبنود الاتفاق.
وأكد الوزراء أيضا عزمهم على استخدام ما تسمى بآلية معاودة فرض العقوبات فى حالة عدم إحراز تقدم ملموس نحو مثل هذا الاتفاق بحلول نهاية الصيف".
وقال دبلوماسيان أوروبيان إنهما يأملان فى تنسيق الاستراتيجية مع الولايات المتحدة فى الأيام المقبلة بهدف إجراء محادثات محتملة مع إيران قريباً.
الموقف الأوربى..
قالت وزارة الخارجية الفرنسية أن الوزراء الأوروبيين أكدوا للوزير الإيرانى عباس عراقجى تصميمهم على استخدام آلية سناب باك التى تسمح بإعادة فرض كل العقوبات الدولية على إيران فى حال عدم إحراز تقدّم ملموس، على طريق التوصل بحلول نهاية الصيف إلى اتفاق بشأن برنامج طهران النووي؛ فالدول الأوروبية تعدّ أن الاتفاق النووى لا يزال السبيل الأمثل لضمان سلمية البرنامج الإيرانى، مشيرة إلى أن الوضع يتطلب استئناف الجهود الدبلوماسية على وجه السرعة، رغم التحديات الميدانية والسياسية المستجدة فى المنطقة.
وأعرب دبلوماسيون أوروبيون عن أملهم فى تنسيق الموقف مع الولايات المتحدة خلال الأيام المقبلة، سعيا لاستئناف جولة جديدة من المحادثات مع طهران، رغم الإقرار بصعوبة التوصل إلى اتفاق نهائى قبل نهاية أغسطس المقبل، فى ظل غياب التفتيش الدولى وتزايد التوترات الإقليمية.
والاتفاق النووى المبرم بين القوى الكبرى وإيران فى عام 2015، الذى انسحبت منه الولايات المتحدة فى وقت لاحق، يتضمن بندا يتيح إعادة فرض العقوبات الأممية على طهران فى حال عدم وفائها بالتزاماتها، وبحسب دبلوماسيين، فإن أى اتفاق نهائى لا بد أن يتضمن قيودا صارمة على تخصيب اليورانيوم، وهى المسألة التى ترفضها طهران وتعدها ضمن حقوقها السيادية.
ما هى آلية سناب باك؟
آلية “سناب باك” (Snapback) هى بند وارد فى قرار مجلس الأمن رقم 2231، الذى صادق عام 2015 على الاتفاق النووى بين إيران والقوى الكبرى (الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، روسيا، الصين).
وهى آلية تلقائية لإعادة فرض جميع العقوبات الأممية السابقة على إيران فى حال خرقها لالتزاماتها النووية، دون الحاجة إلى تصويت جديد فى مجلس الأمن.
ومن جانبه قال عراقجى، على منصة "إكس"، إنه أبلغ الترويكا الأوروبية خلال الاتصال الهاتفى بأن الولايات المتحدة هى من انسحب من الاتفاق الذى تم التوصل إليه عام 2015 بعد مفاوضات دامت عامين وبمشاركة الاتحاد الأوروبى، وليس إيران؛ كما أن واشنطن هى التى غادرت طاولة المفاوضات فى يونيو من هذا العام، واختارت بدلاً من الحوار الخيار العسكرى – وليس إيران.
وأضاف عراقجى أن أى جولة جديدة من المفاوضات لن تكون ممكنة إلا إذا أبدى الطرف المقابل استعداداً حقيقياً للتوصل إلى اتفاق نووى عادل، ومتوازن، وقائم على المصالح المتبادلة.
وقال عراقجى إذا كانت الدول الأوروبية الثلاث والاتحاد الأوروبى يرغبون فى لعب دور بناء، فعليهم أن يتصرفوا بمسؤولية ويتخلوا عن سياسة التهديد والضغوط البالية، بما فى ذلك التهديد بتفعيل آلية سناب باك، التى تفتقر لأى أساس قانونى أو أخلاقى.
وكانت طهران قد ذكرت الاثنين الماضى، أنه لم يتم تحديد توقيت أو مكان لاستئناف المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة حتى الآن، أو للقاء المبعوث الأميركى ستيف ويتكوف وعراقجى، وأضاف أن إيران تشترط «الجدية» قبل استئناف التفاوض.
الموقف الأمريكى..
بالمقابل تصر واشنطن على أنها تمثل خطا أحمر لا يمكن تجاوزه، وكان مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قد حدد تاريخ 18 أكتوب المقبل كموعد لانتهاء سريان الاتفاق، وهو ما يفرض على الدول الأطراف الإسراع فى اتخاذ خطوات حاسمة قبل ذلك التاريخ، إذ ستستغرق إجراءات إعادة فرض العقوبات نحو 30 يوما وفق آلية “سناب باك”.
وكان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، قد قال، أن البرنامج النووى الإيرانى تلقى ضربة لا يمكن إصلاحها بسبب الهجمات الأميركية الشهر الماضى، وأنه ليس فى عجلة من أمره لاستئناف المفاوضات مع طهران.
أكد وزير الدفاع الأمريكى بيت هيجسيث، أن المواقع النووية الثلاثة فى إيران تم تدميرها، مؤكدا أن واشنطن تقف مع إسرائيل وتتمسك بحقها فى الدفاع عن نفسها، حسبما ذكرت وسائل إعلام أمريكية.
ويقول دبلوماسيون إنه حتى لو استؤنفت المحادثات، فإن التوصل إلى اتفاق شامل قبل نهاية أغسطس، وهو الموعد النهائى الذى حدده الأوروبيون، غير واقعى على ما يبدو، خاصة فى ظل عدم وجود مفتشين على الأرض لتقييم ما تبقى من البرنامج النووى الإيرانى.

Trending Plus