وزارة الداخلية تضرب أوكار الجريمة.. سقوط بؤر للمخدرات والسلاح بقيمة ربع مليار جنيه.. خبراء لـ"اليوم السابع": احترافية شديدة فى اقتحام المناطق الصعبة.. أجهزة حديثة للرصد والضبط.. وعقوبات رادعة تصل للإعدام

فى معركة لا تهدأ، تواصل وزارة الداخلية جهودها الحثيثة لاجتثاث البؤر الإجرامية شديدة الخطورة التى تتحصن داخل بعض المناطق النائية والشعبية، وتُعد مأوى لعناصر جنائية تتخذ من تجارة المواد المخدرة والأسلحة غير المرخصة مصدرًا لتحقيق أرباح غير مشروعة، غير عابئة بما تخلفه من ضحايا وإرهاب للأهالى، وترويع دائم للأمنين.
لم تكن المواجهة سهلة، فهذه البؤر دائمًا ما تتسم بشراسة من فيها، وتخطيطهم للهروب من يد العدالة، لكن وزارة الداخلية، وبإسناد من قطاعاتها المتخصصة، لم تتراجع عن واجبها فى مواجهة هذا الخطر الذى يهدد البنية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد، وسجلت خلال الفترة الأخيرة نجاحات ملحوظة فى ضرب تلك الأوكار وكشف مخزون الرعب الكامن بها.
آخر هذه النجاحات جاء من خلال حملات أمنية موسعة استهدفت بؤرًا إجرامية فى عدد من المحافظات، بعد أن أكدت معلومات وتحريات قطاع مكافحة المخدرات والأسلحة والذخائر غير المرخصة، بالتنسيق مع أجهزة الوزارة المعنية، تورط عدد من العناصر الجنائية شديدة الخطورة فى تشكيل شبكات إجرامية تعمل على جلب وترويج المواد المخدرة بمختلف أنواعها، إلى جانب حيازة كميات من الأسلحة والذخائر لاستخدامها فى حماية نشاطهم الإجرامى.
وعلى الفور، وبعد تقنين الإجراءات واستيفاء التحريات اللازمة، تحركت القوات الأمنية فى ضربات مركزة، انتهت بضبط عدد من المتهمين داخل تلك البؤر، وعُثر بحوزتهم على نحو 192 كيلوجرامًا من المواد المخدرة المتنوعة ما بين الحشيش والهيروين والبودر، بالإضافة إلى كميات ضخمة من الأقراص المخدرة التى يُروج لها بين الشباب، و8 قطع سلاح نارى شملت بنادق آلية ورشاشات وطبنجة وبندقية خرطوش، فضلًا عن طلقات وذخيرة، فى واقعة تؤكد احترافية الشرطة فى اقتحام أوكار شديدة التحصين، وإجهاض مخططات خطيرة كانت على وشك التنفيذ.
تُقدر القيمة المالية للمواد المخدرة المضبوطة بأكثر من 50 مليون جنيه، ما يعكس حجم النشاط الإجرامى الذى كانت تمارسه هذه التشكيلات، ويكشف أيضًا عن القوة التمويلية لهذه العصابات التى تعمل خارج إطار الدولة، وتستهدف بالأساس ضرب المجتمع من الداخل عبر إغراقه بالمخدرات التى تفكك الأسر وتدمر العقول وتجرّ الشباب نحو الهلاك.
وقد تم اتخاذ الإجراءات القانونية حيال المتهمين المضبوطين، تمهيدًا لعرضهم على النيابة العامة التى تتولى التحقيق فى القضايا المرتبطة بهم.
وتأتى هذه الضربات الأمنية فى إطار استراتيجية وزارة الداخلية لتكريس الردع العام ومواجهة الجريمة المنظمة، حيث اتجهت الوزارة إلى سياسة الضربات الاستباقية التى تعتمد على الرصد الدقيق وجمع المعلومات، ثم التدخل السريع والمباشر فى التوقيت المناسب. هذه المنهجية جعلت من العمليات الأمنية أكثر فاعلية، وأسهمت فى استعادة الأمن بعدد من المناطق التى كانت تُعد بمثابة بؤر ملتهبة.
وقد أشاد عدد من الخبراء الأمنيين بهذه الجهود، حيث أكدوا أن وزارة الداخلية تمكنت خلال الأشهر الأخيرة من ضبط عدد كبير من العناصر الجنائية شديدة الخطورة، بحوزتهم مواد مخدرة تتجاوز قيمتها السوقية 250 مليون جنيه، وهو رقم يعكس حجم الخطر الذى كان يحدق بالمجتمع لولا تلك التدخلات الأمنية الدقيقة.
وقال اللواء رأفت الشرقاوى، الخبير الأمنى، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن الوزارة لا تكتفى برد الفعل، بل تعمل من خلال معلومات وتحريات وأجهزة حديثة على الوصول إلى تلك البؤر قبل أن تتحول إلى خطر فعلى على الشارع، كما أن هذه النجاحات الأمنية تلقى ارتياحًا كبيرًا لدى المواطنين، الذين بدأوا يلاحظون عودة الهدوء والاستقرار إلى مناطقهم.
وأكد الخبير الأمنى أن احترافية رجال الشرطة فى اقتحام هذه البؤر شديدة الخطورة لا تكمن فقط فى التعامل الميدانى، بل تبدأ من تحليل المعلومات، وتتدرج حتى الوصول إلى قمة الهرم الإجرامى وتفكيك البنية التى يعتمد عليها هؤلاء المجرمون فى تنفيذ أنشطتهم. وتابع أن مثل هذه الضربات تشكل عنصر ردع حقيقى، إذ يدرك كل من تسول له نفسه ارتكاب الجريمة، أن هناك أعينًا لا تنام، ورجالًا لا يتهاونون فى حماية أمن البلاد.
ومن المهم الإشارة إلى أن القانون يتعامل بحزم مع هذه القضايا، حيث تصل العقوبات إلى السجن المؤبد أو الإعدام فى حالة الاتجار فى المواد المخدرة المصحوب بحيازة أسلحة، بينما يُعاقب من يثبت ضلوعه فى تشكيل عصابى أو فى تمويل شبكات الجريمة المنظمة بأشد العقوبات، مع مصادرة المضبوطات والأسلحة والسيارات المستخدمة.
وتحرص النيابة العامة على توجيه التهم وفقًا لأحكام قانون العقوبات وقانون مكافحة المخدرات، لضمان تقديم كل من تورط للعدالة.
إن تفكيك هذه البؤر لا يقتصر على المواجهة الأمنية فقط، بل يحتاج إلى تعاون مجتمعى وإعلامى، لمساندة أجهزة الدولة فى تعقب هذه التشكيلات، والإبلاغ عنها فور الاشتباه بوجودها، كما يتطلب الأمر دعمًا تشريعيًا لضمان استمرار الردع، وعدم السماح بإعادة إنتاج هذه البؤر تحت مسميات مختلفة.
وفى ضوء ما تحقق على الأرض من نجاحات، يبقى الأمل قائمًا فى أن يتم القضاء على هذه الجيوب السوداء التى كانت مصدر قلق للشارع.

Trending Plus