«اليوم السابع» تنفرد بجولة داخل حديقة الحيوان بالجيزة قبل افتتاحها.. تطوير بشعار «عراقة الماضى وإشراقة المستقبل».. إعادة تصميم بيوت الحيوانات وتطوير الممرات والحفاظ على الطابع الأثرى والتراثى لـ8 معالم تاريخية

حديقة الحيوان بالجيزة

كتبت - أسماء نصار

الإثنين، 21 يوليو 2025 11:16 ص

- برامج تطعيم وفحوصات دقيقة للحيوانات للكشف المبكر عن أى أمراض الالتزام بإجراءات التطوير وفقا للمعايير الدولية

-استحداث أنشطة لمحبى المغامرات.. وعروض حية لأسود البحر والطيور

مع اقتراب موعد الافتتاح الرسمى، تتأهب حديقة الحيوان بالجيزة لفتح أبوابها أمام الزوار لتقدم تجربة غير مسبوقة تجمع بين عراقة الماضى وإشراقة المستقبل، لتكون دعوة مفتوحة للمصريين والعرب والعالم أجمع ليشهدوا هذا التحول الكبير، ويدعموا هذا المشروع الوطنى الذى لا يمثل مجرد متنفس ترفيهى، بل منصة تعليمية وبيئية وثقافية فريدة من نوعها، تعزز مكانة مصر كوجهة سياحية عائلية عالمية.

بعد عامين من الإغلاق فى يوليو 2023، وقبل افتتاحها الرسمى، انفردت «اليوم السابع» بجولة حصرية داخل حديقة حيوان الجيزة التاريخية، بصحبة المدير التنفيذى للرابطة الأفريقية لحدائق الحيوان والأحياء المائية والحدائق النباتية، جون ويرث، حيث تخضع لواحدة من أكبر عمليات التطوير والتحديث فى تاريخها الممتد لأكثر من 130 عاما.

على امتداد الجولة، ظهرت الحديقة وكأنها تنهض من جديد، فى مزيج متوازن بين الحفاظ على الطابع التراثى والمعمارى للمكان، وإدخال تقنيات حديثة فى أساليب العرض وتوفير بيئة معيشية ملائمة للحيوانات، لتكون أكثر رحابة ومناسبة لطبيعتها، ضمن خطة علمية وضعها التحالف الوطنى المسؤول عن عملية التطوير.

ما لمسته «اليوم السابع» خلال الجولة يؤكد أن المشروع لا يقتصر على تجميل الحديقة، بل يستهدف تقديم تجربة متكاملة للزوار تجمع بين الترفيه والتثقيف والحفاظ على التنوع البيولوجى، حيث أكد القائمون على المشروع أن هناك حرصا شديدا على استعادة بريق الحديقة كمقصد سياحى وثقافى، ضمن خطة أوسع لربطها بحديقة الأورمان، لتكون مركزا بيئيا متكاملا.

رؤية عالمية

المدير التنفيذى للرابطة الأفريقية لحدائق الحيوان والأحياء المائية والحدائق النباتية، جون ويرث، كشف فى حديثه لـ«اليوم السابع»، خلال الجولة، عن ملامح جديدة ومختلفة لتحويل الحديقة إلى وجهة ترفيهية وتعليمية على أعلى مستوى عالمى. وأكد ويرث، أن إشراك الخبراء الدوليين كان أمرا أساسيا، حيث تم التواصل مع أفضل الخبراء فى المجال لضمان تصميم وتشغيل يتوافق مع أعلى المعايير العالمية التى تستند إليها الرابطة الأفريقية.

وأضاف «شاركنا فى المشروع منذ تصور الفكرة وحتى التصاميم الأولية لضمان الوفاء بالمعايير»، مشيرا إلى أن التطوير سينقل الحديقة إلى المستقبل مع الحفاظ على التراث والبيئة ودمجها مع المفاهيم الحديثة.

ويرى ويرث، أن جوهر المشروع لا يقتصر على التجديد، بل هو «تغيير فى العقلية» وتحديث شامل يهدف إلى «إعادة الطبيعة إلى الناس، وخاصة الأطفال».

وأوضح أن الرؤية المستقبلية للحديقة لا تعنى التخلى عن ماضيها، بل الحفاظ على تراثها الفريد ودمجه مع المفاهيم الحديثة. كما أشار إلى أن التقدم المحرز فى المرحلة الأولى من التطوير مذهل، مؤكدا أنه يتم حاليا تقييم إمكانية ضم حيوانات جديدة للحديقة.

وأوضح أن التوعية البيئية تبدأ من الصغر، وأن المستقبل بين أيدى الأجيال الجديدة، مؤكدا أن حديقة الحيوان بالجيزة ليست مجرد حديقة، بل موقع تراثى أفريقى فريد، ونتيجته ستكون نموذجا عالميا يحتذى به.

مساحات للتأمل والتواصل مع الطبيعة

أشار جون ويرث، إلى أهمية التوازن بين الأدوار التعليمية والترفيهية وحفظ الأنواع فى الحدائق الحديثة، قائلا: «علينا أن نبتعد عن فكرة أن حدائق الحيوان مجرد أماكن لعرض الحيوانات، هى مساحات للتأمل، للراحة، وللتواصل مع الطبيعة، التعليم هنا لا يتم بالمفهوم التقليدى، بل من خلال خلق وعى بيئى شامل لدى الزائر، ليس فقط عن الحيوان، بل عن النظام البيئى ككل». وفى مواجهة التحديات المناخية، أوضح «ويرث» أنه يفضل تسمية «تغير المناخ» بـ«التحول المناخى»، مؤكدا أن الاضطراب فى أنماط الطقس يجب أن يؤخذ بجدية من قِبل إدارات حدائق الحيوان، وأن الحل يبدأ من الداخل عبر برامج لمتابعة المؤشرات البيئية وتأهيل المنشآت والكوادر للتعامل مع هذه المتغيرات. وأكد أن حديقة الحيوان بالجيزة تسبق خطوات كثيرة نحو العالمية، حيث حققت توصية الاتحاد الدولى لحفظ الطبيعة «IUCN» الصادرة عام 2024 بضرورة دمج الحدائق النباتية مع حدائق الحيوان، وذلك من خلال دمجها مع حديقة الأورمان، ما يجعلها تتماشى مع المعايير الدولية الحديثة. وأضاف أن حديقة الحيوان ليست فقط مشروعا بيئيا، بل موقع تراثى نادر وفريد من نوعه فى أفريقيا، الحفاظ عليها وتطويرها يعنى حماية جزء أصيل من التراث الأفريقى.

رسالة للمصريين

اختتم جون ويرث، تصريحاته لـ«اليوم السابع» برسالتين مهمتين، الأولى لإدارة الحديقة: «استمروا فى العمل الجيد، وواصلوا التزامكم بالمعايير الدولية، لأن حديقة الحيوان بالجيزة لا تمثل مصر فقط، بل تمثل القارة بأكملها، نحن بحاجة إلى مشاريع مثل هذه لإثبات أن أفريقيا قادرة على حماية تراثها وتقديمه للعالم بصورة مشرفة».

أما رسالته للمجتمع المصرى فكانت: «افخروا بحديقة الحيوان لديكم، وادعموها، لأنها ليست فقط متنفسا ترفيهيا، بل منصة تعليمية وبيئية وثقافية فريدة من نوعها».

وأكد أن عودة عضوية الحديقة فى الاتحادات الدولية ستفتح آفاقا جديدة للتعاون مثل تدريب العاملين والدعم الفنى والتقنى، وستعزز مكانة مصر الإقليمية فى حماية الحياة البرية.

تجربة استثنائية

من جانبه، أعلن محمد كامل، رئيس مجلس إدارة شركة «حدائق»، المسؤولة عن تطوير حديقتى الحيوان والأورمان، أن المشروع يمثل تحولا جذريا فى مجال الترفيه والسياحة البيئية بمصر، جامعا بين الابتكار والحداثة مع الحفاظ على الطابع التاريخى العريق.

وأوضح كامل، أن خطة التطوير تهدف إلى تقديم تجربة متكاملة تجمع بين الترفيه والتعليم والحفاظ على البيئة، لتحويل الحديقتين إلى وجهة سياحية إقليمية وعالمية لا تقتصر على الزوار المحليين.

وأشار إلى التعاون مع نخبة من الخبراء والاستشاريين العالميين لضمان تطبيق أعلى معايير رعاية الحيوان والحفاظ على التراث البيئى والمعمارى، مؤكدا أن التصميم الجديد يوازن بين الطابع الكلاسيكى والعناصر العصرية الجاذبة.

وأكد كامل، أن الافتتاح المرتقب سيكون مناسبة للإعلان عن مرحلة جديدة من الترفيه المستدام، واعدا الزوار بتجربة استثنائية تثرى السياحة المصرية وتعزز مكانة مصر على خارطة الوجهات العائلية العالمية.

ويقدم المشروع نموذجا حديثا للوجهات الترفيهية المتكاملة التى تلائم جميع الأعمار والفئات، معتمدا على المساحات المفتوحة وربط الحديقتين بنفق يسمح بمرونة التنقل.
وكشف رئيس الشركة، عن استحداث مجموعة من الأنشطة الجاذبة لمحبى المغامرات، تشمل عروضا حية لأسود البحر والطيور، بالإضافة إلى قبة زجاجية مخصصة لحيوان «الميركات»، وتجربة تفاعلية لحيوان الليمور، فضلا عن مشاهدة أفراس النهر تحت الماء.

كما أشار إلى إدراج أنشطة تعليمية وتفاعلية للأطفال والعائلات، مثل إطعام الحيوانات وتنظيم جولات تعريفية بصحبة مربى الحيوانات، بما يعزز البعد التعليمى للمشروع.
وضمن إطار التطوير الشامل، ستشهد الحديقة إطلاق تجربة هى الأولى من نوعها فى الشرق الأوسط، حيث سيتم فتح جزء من الحديقة ليلا، هذه المبادرة ستمكن الزوار من اكتشاف سلوكيات الحيوانات الليلية ومشاهدتها فى بيئتها الطبيعية خلال ساعات الظلام، مقدمة تجربة فريدة ومثيرة لم يسبق لها مثيل فى المنطقة.

معايير عالمية

تتضمن أعمال التطوير تصميم بيوت الحيوانات لتكون أكثر قربا من بيئاتها الطبيعية، وتطوير كل الممرات مع الحفاظ على الطابع التاريخى الخاص بها، كما تم الحفاظ على الطابع الأثرى والتراثى لثمانية معالم تاريخية داخل الحديقة، أبرزها كوبرى إيفل، الكشك اليابانى، القاعة الملكية، جزيرة الشاى، الجبلاية، والمتحف الحيوانى، ما يعزز من قيمتها التراثية الفريدة، حيث يواصل العمال الليل بالنهار للانتهاء من المشروع وفق جدول زمنى محدد.

وفيما يخص رعاية الحيوانات، أعلنت الشركة عن تدريب 60 متخصصا فى رعاية الحيوانات، مع الإبقاء على 12 من الخبرات السابقة وتعيين 48 فردا جديدا، خضعوا لبرنامج تدريبى مكثف يشمل بروتوكولات الصحة والسلامة المهنية، وأسس التعامل مع الحيوانات، ومبادئ الرفق بالحيوان، وفهم سلوكيات الأنواع المختلفة، حيث تم تقسيم الفريق إلى 5 مجموعات أساسية «الطيور، الزواحف، الحوافر، القرود، والحيوانات المفترسة» لضمان رعاية دقيقة.

وأكد عبدالفتاح فيظى، العضو المنتدب للشركة، أن الإدارة البيطرية تتابع الحالة الصحية لكل الحيوانات بشكل يومى، من خلال برامج تطعيم دورية وفحوصات دقيقة بالتعاون مع معهد الصحة الحيوانية ومركز البحوث الزراعية.

وشدد على الالتزام الكامل بالمعايير الدولية فى إدارة أعداد الحيوانات وتوفير التغذية اليومية المتخصصة وأعمال النظافة، وصولا إلى أعلى مستويات الرعاية والأخلاقيات المهنية، كما تجرى حاليا مراجعة بروتوكول شامل للطوارئ لضمان التدخل السريع فى أى حالات استثنائية.

يشار إلى أن حديقة الحيوان بالجيزة، تعد الأكبر من نوعها داخل المدن بمساحة 112 فدانا، وتضم نحو 3 آلاف شجرة ونباتات نادرة وأكثر من 180 فصيلة من الثدييات والطيور والزواحف، حيث أُسست فى عهد الخديو إسماعيل كأول حديقة حيوان فى أفريقيا والشرق الأوسط، وثالث أقدم حديقة حيوان فى العالم، وهذا الإرث العريق ممزوج بالرؤية الطموحة لـ«حدائق» والتحالف الوطنى، يضع الحديقة على أعتاب مرحلة جديدة كليا، حيث ستصبح منارة للترفيه البيئى المستدام، ومركزا تعليميا وثقافيا فريدا يلهم الأجيال القادمة ويحفز الوعى بأهمية الحفاظ على التنوع البيولوجى.