اعتراف Grok.. الجيوش الإلكترونية أحد مصادر بياناته.. الهجوم على الدول وتشويه صورتها واحدة من سلبيات الذكاء الاصطناعى.. «X» باتت ساحة تراشق.. ولجوء المستخدمين لـ Grok يُعزز التشاحن فى ظل إتقان العربية والعامية

كثيرا ما يُحذر الخبراء التقنيون والمُتخصصون فى مجال الأمن السيبرانى من مخاطر العالم الافتراض وما يترتب عليه بشكل شبه يومى من تطورات مُتلاحقة، باتت مؤثرة فى حياتنا جميعا على حد سواء، الصغير والكبير دون أى تفرقة، فالجميع بات مُعتمدا على الوسائل التكنولوجية التى باتت مُرافقة لعدد ساعات أكبر بكثير من الوقت الذى يقضيه الفرد مُتفاعلا مع محيطه الواقعى، وبغض النظر عن الأضرار النفسية والمجتمعية التى يُسببها ذلك، خاصة مع انتشار تلك الظاهرة مع الأطفال والأجيال الصغيرة، وما لهذه التقنيات من مزايا فى مجالات مختلفة من شأنها تيسير المعاملات اليومية فى حياتنا سواء على المستوى الشخصى أو المعنوى، فى حال التعامل مع هذه الأدوات بشكل إيجابى ومسؤول، إلا أن تأثيراتها السلبية باتت تمس الدول وأمنها القومى، وهو ما يجب الانتباه له خاصة مع تعدد تلك الوسائل والبرامج الحديثة وامتلاكها من قبل دول وشخصيات أجنبية، مع اختلاف توجهاتهم ورغباتهم من ذلك التوسع فى العالم الرقمى والتقنى.
ومع ظهور تقنية الذكاء الاصطناعى، وانتشار استخدام الشباب لـ«شات جى بى تى»، وغيرها من أدوات الذكاء الاصطناعى، لمع مؤخرا اسم «جروك» Grok، وهى الأداء التابعة لمنصة «X» المملوكة للملياردير الأمريكى، إيلون ماسك، الذى يُعد واحدا من أبرز اللاعبين الرئيسين فى العالم الافتراضى.
المخاوف من «جروك» يجب أن تكون محط الأنظار والانتباه من الحكومات العربية، خاصة فى ظل انتشار مستخدمى منصة «إكس» فى الوطن العربى، فإذا كنت واحدا من مستخدميها، فبالتأكيد لاحظت هوس مستخدميها بالرجوع إلى «جروك» فى حال الرغبة فى التدقيق بمعلومة أو بيانات جاءت فى إحدى التغريدات، وكأن تلك الأداة أصبحت شاهدة يلجأ إليها المستخدم لتدقيق البيانات والمعلومات التى تأتى على صفحات المغردين أو حتى الصفحات الإخبارية وما إلى ذلك.
وانتشرت هذه الظاهرة بشكل كبير على مدار الأشهر الماضية، وحرصتُ على متابعة الأمر، فقد لفت نظرى أنها تعدت فكرة الرغبة فى تدقيق المعلومات، حتى أصبحت وسيلة للتراشق بين أطراف مختلفة، سواء من الدولة ذاتها، أو مواطنى دول مختلفة بعضها مع بعض. والأكثر مُلاحظة أن «جروك» وكأنها تعزز رغبة السائل، بمعنى أنه فى حال كونه يرغب فى السخرية أو انتقاد الطرف صاحب التغريدة، فـ»جروك» تعزز هذا الأمر، بالإضافة إلى أن إجابات «جروك» فى كثير من الأحيان تراها ممُاثلة بمعلومات أو حديث، ربما شاهدته من قبل على إحدى الصفحات، وهو ما دفع فضولى لمتابعة الأمر لفترة طويلة، للتأكد من أنها ليست ملاحظة عابرة وإنما حقيقة إلى حد كبير، ومع تزايد الشكوك حول مدى دقة إجابات «جروك» ومصادر معلوماتها، فقررت سؤالها، حول مدى اعتمادها على ما تتم تغذيتها به من معلومات أو بيانات، ليجيب بأنها حقيقة وأن ما يُكتب على منصة «إكس» إضافة إلى المواقع الإلكترونية وما على الإنترنت بشكل عام، هى مصادر معلومات «جروك»، لتؤكد أن أحد أبرز مصادر بياناتها هو ما يتم تداوله على منصة «إكس»، وهو ما يعنى أن فى حالة امتلاك طرف ما جيشا إلكترونيا مُدربا ومُوجها، سيُمكنه نشر الكثير من البيانات والمعلومات المُضللة التى يُمكن أن تُسىء إلى دولة بعينها ونظامها، ما يُساهم فى تشويه الصورة الذهنية لها أمام الكثيرين.
ومع تكرار السؤال على «جروك» بأشكال مختلفة، اعترفت أنها تعتمد على بيانات ومعلومات متداوله على «إكس» وأن الجيوش الإلكترونية ربما تكون سببا فى نوعية المعلومات التى تُقدمها فى كثير من الأحيان، خاصة فى مصر ودول الخليج، وعلى الرغم من محاولاته تأكيد أنه يبذل جهدا لتقديم المعلومات السليمة والصحيحة، فلم يستطع إنكار الحقيقة المؤكدة، وهى أنها أداة غير حيادية إلى الحد الذى يدفع بمغرد أو مستخدم إلى الاعتماد عليها إلى هذا الحد فى كثير من النقاشات، لأنها بدورها تعمل على تعزيز التشاحن بين الأطراف المُتناقضة، فقد باتت مُبرمجة على التحيُز إلى الطرف الذى يتساءل، خاصة فى ما يخُص قضايا تكثر الأسئلة حولها على منصة «إكس».
كما أكدت «جروك» - فى سياق إجاباتها - أن اللجان الإلكترونية بالفعل تُمثل مخاوف من زرع الفتنة بين الشعوب، خاصة بين دول الخليج فيما بينها، وبين مصر وأشقائها من دول مجلس التعاون الخليجى، لافتة إلى وجود الكثير من الحسابات التى تنتحل هويات خليجية، يُمكنها تشويه صورة العلاقات الخليجية بشكل عام.
الخلاصة مما سبق، أن الاعتماد على «جروك» فى النقاشات الدائرة عبر منصة «إكس» يحتاج إلى الحذر، وعدم التعامل مع تلك الأداة على أنها «شاهد أمين يُمكن الوثوق به»، ففى النهاية، مصدر معلوماتها يختلط به الصحيح والمُضلل، وعلى الرغم من محاولاتها «فلترة» تلك البيانات والمعلومات، إلا أن وجود أطراف خلفه قادرة على الحشد والتنظيم الجيد، يُمكنها التلاعب به حتى الآن، فلا تكن طرفا فى نشر الشائعات والمعلومات المُضللة، أو طرفا يُمكن التلاعب به والتأثير عليه للهجوم على أطراف أخرى صديقة لا يجب الإساءة إليها.

Trending Plus