"سناب باك"vs تخصيب اليورانيوم..جولة محادثات مرتقبة بين إيران والترويكا الأوروبية على وقع تهديدات متبادلة بالتصعيد..اتفاق أوربى أمريكى على ضرورة التصدى لبرنامج طهران النووى رغم الخلافات التاريخية حول إدارة الملف

للمرة الأولى يتفق الطرفان الأوربى والأمريكى على مسار معالجة الملف الإيرانى؛ الذى لطالما شهد التاريخ اختلافًا فى الرؤى بين الطرفين بشأن معالجته.
ففى الوقت الذى يتعثر فيه مسار التفاوض بين واشنطن وطهران، تحاول أوربا ـ التى لا تخشى فقط القنبلة النووية بحد ذاتها، بل أيضا طموحات طهران بتخصيب اليورانيوم إلى نسب عالية، وهو ما يتجاوز بنود اتفاق 2015 ـ فتح مسار للمحادثات من قبلها ، فى سباق مع الوقت لوقف تخصيب اليورانيوم الإيرانى؛ بينما تراهن طهران على كسب مزيداً من الوقت عبر المحادثات مع الأوروبيين.
والولايات المتحدة تراقب عن كثب، فيما روسيا والصين تحافظان على مواقف مرنة تخدم مصالحهما الخاصة.
فى هذا السياق، تم الإعلان عن جولة محادثات نووية بين طهران ودول الترويكا الأوربية (ألمانيا وفرتسا وبريطانيا) الأسبوع المقبل فى اسطنبول؛ فيما أكدت طهران على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائى، أن موافقتها على عقد جولة جديدة من المفاوضات النووية مع دول "الترويكا" الأوروبية، جاءت استجابة لطلب تلك الدول، مشيرا إلى أنها مباحثات منفصلة عن حوارها غير المباشر مع الولايات المتحدة.
يأتى الإعلان عن جولة المحادثات على وقع تهديدات متبادلة بين "الترويكا الأوربية" التى أشهرت سلاح سناب باك (العقوبات الشاملة) بوجه إيران مع اقتراب انتهاء المدة التى اعتبرتها أوربا مهلة أخيرة لطهران وهى نهاية أغسطس المقبل، فى حال خرقها لالتزاماتها النووية ولم تستأنف المحادثات وتتخذ خطوات ملموسة حيال ذلك.
بينما ردت طهران بتهديدات مماثلة بتخصيب اليورانيوم بنسبة تفوق 60 %، والتلويح بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، يشكلان رسالة واضحة: إيران تفاوض من موقع تحدٍّ لا مساومة.
تصعيد قبيل المفاوضات
استبقت طهران جولة المحادثات مع الترويكا برفع سقف تهديداتها ؛ حيث لوح وزير خارجيتها عباس عراقجي بإجراءات تصعيدية غير مسبوقة، أبرزها زيادة التخصيب والانسحاب من المعاهدة النووية، بل وتصنيع أجهزة طرد مركزي متقدمة وتصديرها، مؤكدا فى الوقت نفسه أن الأوروبيين لا يملكون أي أساس أخلاقي أو قانوني لتفعيل آلية "سناب باك".
وأضافت إيران أنها تشترط "الجدية" قبل استئناف التفاوض مع واشنطن بشأن البرنامج النووى، وفى هذا الإطار قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجى، إن استئناف جولة جديدة من المفاوضات النووية، لن يكون ممكنًا إلا إذا أبدى الطرف المقابل استعداده للتوصل إلى اتفاق نووى عادل.
وأجرى وزراء خارجية الدول الأوروبية الثلاث ألمانيا وبريطانيا وفرنسا، إلى جانب مسؤولة السياسة الخارجية فى الاتحاد الأوروبى كايا كالاس، الخميس الماضى، أول اتصال هاتفى لهم مع عراقجى منذ أن شنت إسرائيل والولايات المتحدة غارات جوية فى منتصف يونيو، مستهدفة البرنامج النووى الإيراني.
بالمقابل تصر أوربا على إعادة فرض العقوبات الأممية على إيران فى حال خرقها لالتزاماتها النووية، دون الحاجة إلى تصويت جديد فى مجلس الأمن.
ما هى آلية سناب باك؟
"سناب باك" تعنى عودة إيران إلى العقوبات الشاملة التىفرضت عليها سابقا، وتشمل هذه العقوبات حظر توريد الأسلحة، تجميد الأرصدة، منع السفر، وقيود صارمة على المواد ذات الاستخدام المزدوج، وهي إجراءات ستكون كارثية على الاقتصاد الإيراني المتعثر، وقد تدفعه إلى حافة الانهيار.
وهذه الآلية عبارة عن بند وارد فى قرار مجلس الأمن رقم 2231، الذى صادق عام 2015 على الاتفاق النووى بين إيران والقوى الكبرى (الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، روسيا، الصين).
وهى آلية تلقائية لإعادة فرض جميع العقوبات الأممية السابقة على إيران فى حال خرقها لالتزاماتها النووية، دون الحاجة إلى تصويت جديد فى مجلس الأمن.
ومن جانبه قال عراقجى، فى وقت سابق ، إنه أبلغ الترويكا الأوروبية خلال الاتصال الهاتفى بأن الولايات المتحدة هى من انسحب من الاتفاق الذى تم التوصل إليه عام 2015 بعد مفاوضات دامت عامين وبمشاركة الاتحاد الأوروبى، وليس إيران؛ كما أن واشنطن هى التى غادرت طاولة المفاوضات فى يونيو من هذا العام، واختارت بدلاً من الحوار الخيار العسكرى – وليس إيران.
وأضاف عراقجى أن أى جولة جديدة من المفاوضات لن تكون ممكنة إلا إذا أبدى الطرف المقابل استعداداً حقيقياً للتوصل إلى اتفاق نووى عادل، ومتوازن، وقائم على المصالح المتبادلة، وقال عراقجى إذا كانت الدول الأوروبية الثلاث والاتحاد الأوروبى يرغبون فى لعب دور بناء، فعليهم أن يتصرفوا بمسؤولية ويتخلوا عن سياسة التهديد والضغوط البالية، بما فى ذلك التهديد بتفعيل آلية سناب باك، التى تفتقر لأى أساس قانونى أو أخلاقى.
طهران ومفترق الطرق
أضحت طهران فى مفرق طرق مع قرب انتهاء المهلة الأوروبية بنهاية أغسطس المقبل ، فالخيار الأول التصعيد عبر تخصيب بنسبة تفوق 60 في المئة أو الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار، ما سيؤدي حتما إلى تفعيل "سناب باك" ودخول مرحلة جديدة من العقوبات والعزلة وربما المواجهة.
أما الخيار الثانى أمام طهران هو التوصل إلى تفاهم مع الترويكا يضمن وقف التخصيب عند مستويات منخفضة مقابل تجميد العقوبات.
فى السياق نفسه، حذر البرلمان الإيراني من أن الضغوط الأوروبية قد تدفع طهران نحو قرارات قاسية، وأن إيران مقبلة على آلية سناب باك، وهذا يعني نهاية الاتفاق النووي والعودة إلى العقوبات الشاملة.

Trending Plus