موسكو تحقق مكاسب فى حربها ضد أوكرانيا.. نيويورك تايمز: روسيا تسيطر على مزيد من الأراضى الأوكرانية خلال شهر يونيو وتشن هجمات غير مسبوقة بالمُسيرات.. ومحللون: أهداف الروس لا تقتصر على الأرض فقط وتشمل تدمير الجيش

على مدار الأسابيع القليلة الماضية، استطاعت روسيا تحقيق مكاسب على الأرض فى أوكرانيا. وكان سلاح المسيرات كلمة السر فى نجاح موسكو، فى الوقت الذى تعول فيه أوكرانيا على الأسلحة الأمريكية عبر أوروبا.

وقالت صحيفة نيويورك تايمز أن الهجوم الذى شنته روسيا على أوكرانيا فى فصل الصيف يكتسب زخماً حيث هاجمت القوات الروسية على جبهات عدة. وساعد تفوق موسكو فى عدد القوات والقوة الجوية فى تحقيقها أكبر مكاسب شهرية فى أوكرانيا خلال يونيو منذ بداية العام.

وذهبت الصحيفة إلى القول بان أهداف روسيا لا تقتصر على الأراضى فقط. بل يرى محللون أنها تريد أن تدمر الجيش الأوكرانى، مع تقدم القوات الروسية ببطء. وربما يكون التحدى الأكبر أمام موسكو بعيدا عن الخطوط الأمامية للمعارك، حيث لا يستطيع الاقتصاد الروسى أن يحافظ على وتيرة الإنفاق العسكرى المتصاعد، وفقاً لصحيفة.
وبالنسبة لأوكرانيا، تقول نيويورك تايمز، فإن قدرتها على تحمل استمرار الحرب ربما يتم حسمها بعيدا، مع إرسال إدارة ترامب إشارات مختلطة بشأن رغبتها وقدرتها على مواصلة تسليح القوات الأوكرانية.

وفى الأسبوع الماضى، قال الرئيس الأمريكى أن دول الناتو ستشرى أسلحة من الولايات المتحدة لتقدمها لأوكرانيا.

 الحرب البرية

على مدار الشهرين الماضيين، استطاعت الوحدات الروسية أن تكثف هجماتها على عدة جبهات، من شمال أوكرانيا وحتى زابورجيجا فى الجنوب. وتسيطر روسيا الآن على أكثر من ثلثى منطقة دونتسك، التى تعد المسرح الرئيسى للحرب البرية.

وقد أنشأت القوات الروسية جيبًا بعمق 16 كيلومترًا حول القوات الأوكرانية المدافعة عن مدينة كوستيانتينيفكا الحيوية، مُحيطةً بها جزئيًا من الشرق والجنوب والغرب. ودخلت روسيا أيضا منطقة دينبروبروفيسك شرقى أوكرانيا لأول مرة منذ بداية الحرب قبل أكثر من ثلاث سنوات.

ويقول الجنود الاوكرانيون أن الجيش الروسى يستخدم تكتيكين رئيسيين للتقدم فى أرض المعركة؛ تثبيت القوات الأوكرانية بالمسيرات والقذائف والقنابل الانزلاقية قبل مهاجمة خطوط العدو بهجمات فرق لا هوادة فيها.

وترد أوكرانيا بإرسال وحدات مخضرمة مجهزة بالمسيرات للمساعدة على سد الفجوات، وهو تكتيك أشبه بإرسال رجال الإطفاء لاحتواء الحرائق.

لكن هجمات روسيا المستمرة دون توقف تضع ضغوطا على جيش أوكرانيا الأقل عدداً.

وساعدت هذه الهجمات روسيا على تحقيق أكبر مكاسب لها على الأرض خلال العام فى شهر يونيو. ووفقا لمنظمة "دولة عميقة" الأوكرانية التى تضع خريطة للصراع باستخدام لقطات المسيرات وروابطها بالجيش الأوكرانى، فإن روسيا سيطرت على أكثر من 214 ميل مربع من الأراضى الأوكرانية فى يونيو، ارتفاعاً من 173 ميل مربع فى مايو.

ويعنى هذا أن روسيا تسيطر على أقل من 0.1% من الأراضى الأوكرانية كل شهر. وبهذه الوتيرة، تستطيع روسيا احتلال كل المناطق الأوكرانية الأربعة التى أعلنت ضمها فى 2022 فى غضون سنوات قليلة.

الحرب الجوية

على مدار الأسابيع الماضية، سجلت روسيا أرقاماً قياسية فى عدد المسيرات التى أرسلتها إلى أوكرانيا. وفى الأسبوع الماضىن أطلقت موسكو 728 مسيرة متفجرة وطائرة خداعية فى قصف ليلى واحد، وفقاً لسلاح الجو الأوكرانى. ومع تعزيز روسيا لبنيتها التحتية الخاصة بصناعة المسيرات، يتوقع المحللون العسكريون أن تطلق موسكو بشكل روتينى أكثر من ألف طائرة مسيرة فى كل دفعة بحلول الخريف.

وكانت كييف الهدف الأساسى الأسبوع الماضى لقصف مكثف ليلاً، والذى أسفر عن مقتل شخصين وإصابة 25 وفقاً للسلطات المحلية.

يشمل القصف الروسى أيضًا صواريخ كروز وصواريخ باليستية. تمتلك أوكرانيا مجموعة متنوعة من أنظمة الدفاع الجوى - بما فى ذلك أنظمة مرتجلة مثل شباك الصيد لصيد الطائرات المسيرة - ولكن لا يمكن إسقاط الصواريخ الباليستية إلا بواسطة نظام دفاع جوى واحد فى ترسانة أوكرانيا: صواريخ باتريوت الأمريكية.

ورغم التراجع فى الموقف المتشدد من قبل إدارة ترامب، التى أوقفت المساعدات العسكرية ثم وافقت بعد ذلك على بيع أسلحة لدول أوروبية ستقوم بتقديمها لأوكرانيا، فإن الأوكرانيين متفائلون، وإن كان بحذر، بشأن ما إذا كان بإمكانهم الاعتماد على الدعم العسكرى الأمريكى.

الأهداف الروسية

وتقول نيويورك تايمز أن روسيا لا تسعى فقط للفوز بأراضى جديدة فى أوكرانيا. ونقلت عن المحللة العسكرية الروسية المستقلة فاليرى شيرياف قولها أن هدفها هو تدمير قدرات أوكرانيا العسكرية وجيشها. فعدم وجود الجيش يعنى أن الدولة بلاد دفاع.

وكان الكرملين قد ذكر مرارًا وتكرارًا أنه سيواصل الضغط على كييف حتى يتمكن من إجبارها على قبول شروط السلام التى وضعتها موسكو. وطالبت روسيا أوكرانيا بالاعتراف بالمكاسب الإقليمية الروسية، وتقليص حجم جيشها، واعتبار الروسية لغة رسمية فى أوكرانيا، والالتزام رسميًا بالحياد الأوكرانى، الأمر الذى قد يستبعد انضمامها إلى حلف الناتو.

من جانبها، ترفض أوكرانيا هذه المطالب. لكن خلال المحادثات الأخيرة فى إسطنبول، وهى أول مفاوضات مباشرة بين موسكو وكييف منذ الأشهر الأولى من الحرب، أشار الوفد الروسى إلى عزم الكرملين على مواصلة الضغط حتى يحصل على مراده.