أوروبا تحترق.. موجة الحر تقتل 2300 شخص خلال صيف قاسٍ.. الحرائق تلتهم أكثر من 230 ألف هكتار فى يوليو مع خسائر تفوق 5 مليارات يورو.. وعالم مناخ: 85% من الأنهار الجليدية بفرنسا مهددة بالزوال بسبب الاحتباس الحرارى

تواجه أوروبا أحد أكثر فصول الصيف قسوةً في تاريخها الحديث مع ارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة وآلاف الحرائق مع وفاة الآلاف من الأشخاص، بينما تتعالى التحذيرات من أن القادم قد يكون أسوأ إذا لم تتحرك الدول بشكل جماعي وحازم لمواجهة تغير المناخ.
وفقًا لبيانات حديثة من برنامج كوبيرنيكوس الأوروبي، تجاوزت مساحة الأراضي المحترقة في القارة خلال يوليو فقط 230,000 هكتار– أي ما يعادل تقريبًا مساحة دولة بأكملها مثل لوكسمبورج.
وتعتبر الدول الأكثر تضررا هى إسبانيا، التى شهدت اشتعال النيران فى مناطق واسعة من كتالونيا وجاليسيا واضطر السلطات لإجلاء الآلاف، وأيضا فرنسا حيث أعلنت مناطق في الجنوب الغربي حالة الطوارئ، مع مشاركة أكثر من 3,000 رجل إطفاء في مواجهة النيران، بالإضافة إلى البرتغال حيث بلغت الحرارة أكثر من 46 درجة في بعض المناطق، ما أدى إلى اشتعال عشرات الحرائق دفعة واحدة، وأيضا إيطاليا حيث تكافح مناطق مثل صقلية وسردينيا النيران وسط نقص في الموارد الجوية، وتضررت مزارع ومنازل بشكل واسع.
موجة حر قاتلة تقضى على 2300 شخص
سجلت منظمة الصحة العالمية والسلطات الصحية في فرنسا وإيطاليا وإسبانيا ارتفاعًا مقلقًا في عدد الوفيات المرتبطة بموجات الحر، حيث توفي ما لا يقل عن 2300 شخص خلال الأسابيع الأخيرة نتيجة الإجهاد الحراري، خصوصًا بين كبار السن ومرضى القلب والجهاز التنفسي، وفى فرنسا وحدها، تم تسجيل أكثر من 700 حالة وفاة إضافية مقارنة بالمتوسط الموسمي.
وأعلنت المستشفيات أعلنت حالة طوارئ، وأُعيد تفعيل خطط الطوارئ الخاصة بكوارث الطقس.
ويحذر علماء المناخ أن ما تعيشه أوروبا الآن سيكون النمط المعتاد خلال السنوات القادمة إن لم يُتخذ إجراء عاجل. وصرّح باحث في المركز الأوروبي للمناخ "نشهد ما يشبه البروفة العامة لكارثة مناخية كبرى.. وإذا لم نتحرك بسرعة، فإن كل صيف قادم سيكون أكثر حرارة ودمارًا".
كما شدد تقرير حديث للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) أن أوروبا هي إحدى "النقاط الساخنة العالمية" الأكثر عرضة لتبعات تغير المناخ.
خسائر اقتصادية فادحة
ووفقا للتقارير الأخيرة فقد قدرت الخسائر المباشرة من الحرائق في يوليو بأكثر من 5 مليارات يورو تشمل الزراعة والسياحة والبنية التحتية.
كما أنه تراجع إنتاج المحاصيل بنسبة تصل إلى 30% في بعض المناطق، وخاصة القمح والزيتون والعنب، بالإضافة إلى ذلك فقد شهدت الدول الأوروبية انقطاع الكهرباء والمياه في عشرات القرى بسبب ارتفاع استهلاك الطاقة واحتراق خطوط التغذية.
الأنهار الجليدية مهددة بالزوال نتيجة الاحتباس الحرارى
كشفت عالمة المناخ الفرنسية فرانسواز فيمو أن غالبية الأنهار الجليدية في فرنسا مهددة بالزوال خلال السنوات المقبلة نتيجة التأثيرات المتسارعة للاحتباس الحراري.
وفي مقابلة إذاعية ضمن برنامج "ميدي ويك إند" على إذاعة "أوروبا 1"، أوضحت فيمو أن موجات الحرارة المتكررة والمتزايدة تؤدي إلى تسريع ذوبان الجليد، مشيرة إلى أن فترة الذوبان باتت تسبق موعدها المعتاد بحوالي شهر، وهو مؤشر واضح على تفاقم التغير المناخي.
ووفقًا لتقديراتها، فإن الوصول إلى زيادة قدرها 1.5 درجة مئوية في درجات الحرارة مقارنةً بمستويات ما قبل الثورة الصناعية، والمتوقعة خلال بضع سنوات، سيؤدي إلى اختفاء ما يقرب من 85% من الكتل الجليدية في جبال الألب. وأكدت فيمو أن هذا الانحسار سيكون أكثر سرعة في جبال البرانس، حيث من المتوقع اختفاء الجليد فيها بالكامل بحلول عام 2050.
وأضافت أن تراجع الغطاء الثلجي سيترك مساحات صخرية أو نباتية، ما سيزيد من امتصاص الحرارة ويسهم في تسريع ظاهرة الاحتباس الحراري. كما توقعت زيادة حدة التغيرات المناخية المتطرفة، من جفاف شديد إلى فترات رطوبة كثيفة، مما سيزيد من التأثيرات السلبية على النظام البيئي الجبلي.
وكانت الأمم المتحدة أعلنت عام 2025 عامًا دوليًا لحفظ الأنهار الجليدية، في خطوة تهدف إلى رفع مستوى الوعي العالمي بمخاطر ذوبان الجليد وتداعياته المتسارعة على الأمن المائي والنظم البيئية في مختلف أنحاء العالم.
ويأتي هذا الإعلان في ظل تزايد التحذيرات من ذوبان الأنهار الجليدية بوتيرة غير مسبوقة، نتيجة التغير المناخي وارتفاع درجات الحرارة، مما يهدد مصادر المياه العذبة ويؤثر على استقرار المنظومات البيئية المعتمدة على الجليد الموسمي والدائم.
وأكدت منظمة الأرصاد الجوية العالمية (WMO) أن هذا التحرك الأممي يعكس قلقًا دوليًا متصاعدًا من التأثيرات المترتبة على تراجع الكتل الجليدية، سواء في المناطق القطبية أو في سلاسل الجبال حول العالم، حيث تُعد هذه الأنهار الجليدية مصدرًا حيويًا للمياه في العديد من البلدان.
تحركات أوروبية مرتقبة
ودعت المفوضية الأوروبية إلى تسريع تنفيذ الصفقة الخضراء الهادفة لجعل أوروبا أول قارة محايدة كربونيا بحلول 2050 ، مع دراسة زيادة مخصصات صندوق الطوارئ المناخي الأوروبي، بالإضافة إلى دعوات إلى فرض قيود على استخدام السيارات والانبعاثات خلال موجات الحر، فضلا عن مناقشة خطط لتعديل المعايير الحضرية لمراعاة التغير المناخي (بناء مظلل، مواد مقاومة للحرارة، مساحات خضراء موسعة).

Trending Plus