سد النهضة.. طموح دبلوماسى للرئيس الأمريكى أم لعبة سياسية؟

أسماء نصار
أسماء نصار
بقلم: أسماء نصار

أعاد الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، مؤخرًا فتح أحد أعقد الملفات الجيوسياسية فى منطقة القرن الإفريقى، حين أعرب فى مقابلة إعلامية عن "أسفه" إزاء ما وصفه بفشل إثيوبيا فى الالتزام بما تم التوصل إليه خلال المفاوضات التى استضافتها واشنطن بشأن سد النهضة فى عامى 2019 و2020.

تصريحات ترامب، التى بدت للوهلة الأولى كتقييم متأخر لمفاوضات لم تكتمل، جاءت فى توقيت إقليمى حساس، وأثارت تساؤلات حول دلالاتها السياسية ومدى ارتباطها بطموح ترامب الشخصى فى الفوز بجائزة نوبل للسلام.

عندما لعبت الولايات المتحدة، خلال ولايته الأولى، دور الوسيط بين مصر والسودان وإثيوبيا، بدا أن واشنطن تسعى لإنجاز اتفاق تاريخى يعزز مكانتها فى إفريقيا ويدعم استقرار أحد أكثر الملفات حساسية فى المنطقة، وهو ملف سد النهضة، ورغم التقدم النسبى الذى أُحرز خلال جولات التفاوض، اصطدمت الوساطة الأمريكية بعقبة رئيسية تمثلت فى انسحاب إثيوبيا المفاجئ من الجلسات النهائية، ورفضها التوقيع على مشروع الاتفاق الذى صاغته وزارة الخزانة الأمريكية والبنك الدولي، والذي اعتبرته مصر والسودان وثيقة متوازنة.

في ذلك الوقت، لم يخف ترامب امتعاضه من الموقف الإثيوبى، بل ذهب إلى أبعد من ذلك فى تصريحاته حين قال إن "مصر قد تضطر إلى تفجير السد"، وهى عبارة أثارت ردود فعل واسعة واعتبرت تأجيجًا غير مسؤول لأزمة إقليمية معقدة.

تصريحات ترامب الجديدة، التى تضمنت عبارات مدح ضمنية لمواقف مصر والسودان، تعيد التذكير بمبادرات فشلت بفعل تغير الإدارة السابقة، وتظهر فى الوقت نفسه رغبة واضحة من ترامب فى استحضار سجله فى السياسة الخارجية، خاصة فى قضايا لم تحسم حتى الآن، كقضية سد النهضة.

ما يلفت الانتباه فى حديثه الأخير هو تلميحه إلى وجود "طلبات لم يستجب لها" من بعض الأطراف، دون أن يوضح طبيعتها، وهذا الغموض فتح باب التأويلات، وطرح احتمالات تتعلق بصفقات اقتصادية أو سياسية غير مكتملة، ما يعكس نهج ترامب الذى غالبًا ما يخلط بين المصالح السياسية والاعتبارات الشخصية أو التجارية.

بعيدًا عن مضمون التصريحات، تكمن الرسالة السياسية الأهم فيما يمكن اعتباره محاولة لإعادة تفعيل الدور الأمريكى – وإن كان من خلال شخصية مثيرة للجدل – فى ملف إقليمى يمثل أهمية كبرى لشعوب ثلاث دول  في إفريقيا، فملف سد النهضة لا يتعلق فقط بالمياه، بل أيضًا بالتوازنات الجيوسياسية، والعلاقات بين دول المصب والمنبع، والدور الذى يمكن أن تلعبه القوى الكبرى في تهدئة أو تعقيد النزاعات.

ويبدو أن ترامب أراد من خلال هذا التصريح أن يظهر قدرته على إدارة ملفات شائكة، وأن يذكر الداخل الأمريكى، وربما العالم، بأنه يملك سجلًا من التدخلات "الفعالة" التى تم إجهاضها لأسباب تتعلق بتغير الإدارة، وليس بسوء التقدير أو فشل الوساطة.

تكتسب تصريحات ترامب الأخيرة بشأن سد النهضة أهمية مضاعفة، ليس فقط لكونها تعيد إحياء ملف تفاوضى شائك، بل لأنها تصدر عن رئيس كلماته تحمل ثقلًا سياسيًا وتنفيذيًا، ومع تراجع اهتمام الإدارة السابقة بالملف، يظهر فى الأفق احتمال أن تحاول إدارة ترامب الجديدة استعادة زمام المبادرة، لا سيما وأن ترامب يطمح للفوز بجائزة نوبل للسلام، ويرى فى إعادة إنجاح اتفاق بشأن سد النهضة فرصة دبلوماسية وسياسية ثمينة تعزز هذا الطموح.

ومن هذا المنطلق، فإن تصريحاته لم تعد مجرد تذكير بلحظة تفاوضية سابقة، بل قد تشكل تمهيدًا لتحرك أمريكى جديد تجاه المنطقة، يعيد ترتيب الأولويات، ويختبر قدرة واشنطن على لعب دور "الوسيط القوى" مجددًا، ولكن هذه المرة من موقع أكثر تصميمًا وحسابات شخصية أوضح.

وربما تشكل هذه التصريحات، بالنسبة لمصر والسودان، ورقة دبلوماسية توظف فى سياق الضغط الدولى لاستئناف المفاوضات، أو على الأقل إبقاء الملف حاضرًا على الطاولة الأممية والإفريقية.

وبعد تصريحات ترامب، جاء رد الرئيس عبد الفتاح السيسى حازمًا، حيث أكد فى تصريحات رسمية أن مصر متمسكة بحقوقها المائية الثابتة بموجب القوانين والاتفاقيات الدولية، وأن أى حل لقضية سد النهضة يجب أن يحترم مصالح دولتى المصب، مصر والسودان، ويضمن عدم الإضرار بأمنهما المائى.

وشدد الرئيس السيسي على أن القاهرة ترفض أي مواقف قد تثير التوتر أو تؤجج الخلافات، داعيًا جميع الأطراف إلى العودة للمفاوضات الجادة تحت رعاية دولية محايدة تحقق مصالح الجميع وتضمن استقرار المنطقة.

كما أكد الرئيس السيسى أن مصر تتابع بجدية الدور الأمريكى فى هذا الملف، وأن أى مبادرة أمريكية تستهدف التوصل إلى اتفاق عادل ومستدام ستكون محل ترحيب ودعم من مصر، لكن مع التأكيد على عدم المساس بحقوقها المائية التى تعد قضية وجودية.

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

مواعيد قطارات القاهرة أسوان والإسكندرية والعكس اليوم السبت 16-8-2025

القناة الناقلة لمباراة الزمالك والمقاولون العرب اليوم السبت بالدورى المصري

موعد مباراة الأهلى القادمة أمام غزل المحلة بالدوري المصري

زوج يلاحق زوجته بالطاعة بعد شهر من الزواج.. اعرف التفاصيل

بوتين بعد انتهاء المؤتمر الصحفى مع ترامب: المحادثات بناءة وإيجابية


تأكيدا لليوم السابع.. الزمالك يعلن قائمة مباراة المقاولون واستبعاد الجزيرى وبانزا

مواعيد مباريات اليوم السبت 16-8-2025 في ملاعب العالم

لبنان Vs حزب الله.. حزب الله يكرر رفضه قرار حصر السلاح.. خطاب تصعيدى للأمين العام وتهديدات بحرب أهلية.. نعيم قاسم: لن نسلم سلاحنا ونزعه يجرد لبنان من السلاح الدفاعى.. عون: لا استثناءات بالقرار.. ونريد لبنان آمن

الكرملين يعلن انتهاء محادثات بوتين وترامب بألاسكا

وزارة التعليم: يحق للطالب عدم دخول امتحان الثانوية دور ثان ويبقى للإعادة


ملخص وأهداف مباراة ليفربول ضد بورنموث فى الدوري الإنجليزي

محمد صلاح يبكي بعد هتافات جماهير ليفربول لـ دييجو جوتا (فيديو)

الإصابات تضرب صفوف سيراميكا قبل مواجهة إنبى فى الدورى

محمد صلاح رابع هدافي الدوري الإنجليزي عبر تاريخه بـ 187 هدفا

ترتيب دورى Nile بعد مباريات اليوم الجمعة 15 أغسطس 2025

محمد بن رمضان يتعرض للإصابة أثناء مواجهة الأهلى وفاركو (فيديو)

ناقة تنتظر كريستيانو رونالدو فى الرياض احتفالا بخطوبته على جورجينا.. فيديو

طرد محمد هاني في الدقيقة الأخيرة من مباراة الأهلي وفاركو

اللواء ناهد الواحى.. من الجوازات إلى مخيمات الصحراء.. قصة أول مصرية ترتدى خوذة الأمم المتحدة.. أول ضابطة مصرية فى قوات حفظ السلام تحكى عن كواليس التجربة الأصعب لليوم السابع: صارمة فى عملى وأم حنون فى المنزل

رئيس تحرير نيوزويك يهاجم الإخوان و"الربيع العربى".. ويؤكد: حان وقت تصنيف الجماعة منظمة إرهابية بأمريكا.. جوش هامر: ليست حركة سياسية بريئة ذات توجه دينى بل أساس "إرهاب جديد".. وتعاملنا الساذج سمح بتمويل التطرف

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى