سياسة التسويق السياسي للانتخابات البرلمانية

ثمت اعتقاد بأن هناك إسراف في الدعاية الانتخابية، التي يقوم بها المرشحون لشغل المقاعد النيابية؛ لكن الأمر في الحقيقة له رؤى مختلفة؛ فعندما نتحدث عن تسويق سياسي لبرامج انتخابية، من المفترض أنها تشكل القاعدة السياسية، التي تعد نقطة انطلاق التنمية في مجالاتها المتعددة والمتباينة؛ فعبر ما يتم عرضه، وفي سياق مبدأ التعهدات الصادقة، ينتظر أن تكون هنالك إنجازات مرتقبة، جراء الولاية العامة من تلك المؤسسات، التي يقع على عاتقها مساندة المواطن، وتقديم صور الدعم، التي تسهل له سبل المعيشة، وتفتح له مسارات التنمية في صورتها المستدامة.
التسويق السياسي يعمل على استقطاب الرأي العام؛ من أجل أن يعزز النظرة الإيجابية للبرامج المتقدم بها الناخبين في دوائرهم، أو على القوائم المنتسبين إليها؛ ومن ثم تستهدف كسب الثقة المتبادلة بين طرفي المعادلة؛ حيث يطمئن الجمهور بأن هناك من يحمل أجندته، ويعي مشكلاته، ويدرك تحدياته، وسوف يعمل على تقديم ما يلزم؛ كي يخفف العبء عن أبناء هذا المجتمع المناضل، وفي المقابل يحاول كل مرشح أن يقدم خططه المستقبلية، من خلال إدارة للتسويق، تقوم على حرفية التناول والعرض، وتعتمد على الانطلاق من الواقع، وعرض الاستراتيجيات، التي تشمل الرؤى الطموحة، نحو الانطلاق للمستقبل المشرق، الذي يحمل تطلعات، وأحلام، وآمال الجمهور.
فلسفة التسويق السياسي، لا تقف عند الرضا الجمهوري في صورته المؤقتة؛ لكن يقوم على المصداقية في التناول، بكل مرحلة تم عرضها بشكل احترافي، وهنا نود الإشارة إلى أن التناول المعلوماتي للبرامج الانتخابية، يجب أن يصف بدقة الإجراءات، التي تتبع من أجل تحقيق الهدف المعلن عنه، حتى لا تصبح محتويات البرامج فارغة من المضمون، أو تعد مجرد وعود يصعب تنفيذها في المستقبل على أرض الواقع، كما أن المواطن البسيط يود أن يدرك، أو يتصور الخطوات الإجرائية، التي سوف تنفذ، ومن ثم يقيم أداء من سيتولى المسئولية في المستقبل القريب، وهنا يخضع للمحاسبية من قبل ناخبيه، الذين منحوه ثقتهم، وقدموا له أصواتهم طواعية، وفق قناعة ما تم التسويق له.
نزاهة العرض، والالتزام باللوائح، والقوانين، والتعليمات، المنظمة للعملية الانتخابية، سر نجاح التسويق السياسي للمرشح، كما أن الناخب يثق في صحة الإجراءات المتخذة، ويستشعر أن ثمت واقعية لماهية تكافؤ الفرص، وهنا يصبح الاختيار مغلف بالحرية، التي تجعل من يدلي بصوته يدقق مليًا في سائر البرامج الانتخابية، التي تعرض عليه بشتى الوسائل، سواءً أكانت على الأرض، أم على المنصات والمواقع الرقمية، والمقصد من ذلك ميزان الواقع مع المأمول في ضوء القابلية للتحقيق؛ لنخرج من عباءة الوعود، التي يصعب تحقيقها، وتصبح بمثابة طيف الخيال.
تفعيل المشاركة الجماهيرية في الانتخابات البرلمانية، تقوم على بث الطمأنينة لدى الناخب، بأن يتعرف على السير الذاتية للمرشحين على الساحة، ويتمكن من مطالعة البرامج بمنتهي السهولة، ويستكشف ملامح تلبية الاحتياجات والمطالب المشروعة، في خضم البرامج المقدمة من الجميع؛ كي يضع معايير الاختيار الخاصة به، ولا يعبأ بمن يمتلك مقومات الترويج المتسارع لبرنامجه في ضوء إمكانياته الخاصة، وهنا نرى أن سياسة التسويق السياسي، تقوم على ديمقراطية الاختيار، التي منحت لنا من قبل جمهوريتنا الجديدة.
اعتقد أن سياسة التسويق السياسي للانتخابات البرلمانية، ينبغي أن تقوم على وظيفية قيمنا النبيلة؛ حيث تمسكنا بالمصداقية، والشفافية، وحب الوطن، وفق ماهية الولاء والانتماء، والعمل من أجل رفع رايته، وتحقيق غاياته العليا، والتكاتف بغية استكمال مراحل البناء والإعمار؛ كي تنهض بلادنا، وتبحر سفينتها تجاه تنمية، تنعكس ثمراتها اليانعة على جيل الحاضر والمستقبل، وتستمر مسيرة الرقي والازدهار على الدوام.
نأمل أن يستند التسويق السياسي للانتخابات البرلمانية، على غايات الإخلاص في القول والعمل، ولا يقوم على ماهية الكلمات الرنانة، والوعود صعبة التحقيق؛ ومن ثم يتوجب أن نبتعد عن فلسفة التشدق بمواثيق، لا يمكن أن نفي بها، في ظل تحديات محلية، وإقليمية، وعالمية؛ ومن ثم نساير الواقع المعاش؛ كي نتجاوز التحديات، ونستكمل بناء جمهوريتنا الجديدة، ونحمي مقدراتها الغالية.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.
_____
أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر

Trending Plus