خالد دومة يكتب: فى عيون الغرب

إن ما يسمعه الغرب أو يقرأه أو يراه منا صورة نمطية قديمة يتناقلها الكتاب وتتوارثها الأخيلة من أننا أمم أشبه بوجوه بشر ونفوس متوحشة تملأ الأهواء والغرائز عقولهم وقلوبهم، ولا مكان في الرأس لعقل يفكر ويرسم لنفسه منهجا إنسانيا يليق به، إن أنيابهم لا تنفك تبحث عن فرائس تشحذ بها نفوسها المتعطشة للدم فإن لم يجدوا من يقاتلونه ويحاربونه حارب بعضهم بعضا وأقتتلوا فيما بينهم ورفعوا أسلحتهم ووجهوها إلى رءوسهم ولو أتحدوا فيما بينهم وسعوا لمحاربة الآخرين ممن ليسوا على شريعتهم وعقائدهم فحياتهم قائمة على رؤية الدم يسيل يروي ظمأ نفوسهم المريضة، وما يُرى عليهم في معايشهم من انحلال وفساد حجة قائمة على فساد نفوسهم، وفقر قلوبهم، وخواء عقولهم من التفكير السليم إذ يدعون أفضليتهم وهم أرازل، يعيشون عالة على نتاج الغرب، ويهاجمونه ويسبونه ويلقون في وجهه بعصا الحقد، وضغينة تؤجج، ويتوارثونها فيما بينهم.
ويعلمون أبناءهم إياها فينشأ حاقدا على الغرب، ناقما على علومه التي يتلقاها فاتحا له ذراعيه مغلقا قلبه لها فإذا اتجهت أنظار الغرب إلينا صدق ما يخطه أقلام كتابهم فنقف بآياد مقطوعة ننتظر من يذود عنا ويدافع ونحن جامدون فالإعلام وأغلب المسيطرين عليه من اليهود وأذنابهم يجدون أيضا في نقل الصورة المعتادة من وحشيتنا فيقبلها الغرب مصدقا لما يقرأ أو يسمع فالحروب بينهم والاستبداد والطغيان هي قواعد أصلية في حياتنا كأننا نؤكد ما يرموننا به، نساعدهم على هدمنا فلم نحاول أن تكن لنا يد ندافع بها عن أنفسنا نصحح خطأ مقصود أو غير مقصود وراءه نية حسنة أو سيئة.
إن الحقيقة ضائعة وسط خضم هائل من رواسب قديمة خلفتها السنوات وتركت أثرا سيئا كبيرا في عقولهم فوجب أن نشد المئزر ونشمر سواعدنا ليعرفنا الغرب كما نحن وعلى الواقع وأن منا كما منهم الناجح والراسب، الحكيم والغافل، وأننا لسنا خلوا من الحسن، كما أنكم لستهم خلوا من السيئ، وأننا يجب أن ننشئ جبهة لتحارب بالقلم, وتنقل حقائق وألا يوقفها ذلك الصرح الضخم من الذراع الصهيوني الذي يمتلك ناصية الموقف فيرفع من يشاء، ويدعو بإسمه، ويُنحي الأطهار ومن يقولون الحق، لا يخشون لآئمة لائم دون أن نشتري الضمائر والنفوس العارية التي تكتسي بالنفاق وتبيع نفوسهم لمن يدفع لهم أكثر وأن أساليب الخسة وأن كانت قوية بالمال والسلطان فغالبا ما تتكشف عنها الحجب فهل في وسعنا أن نفعل أو نقاوم ليد تمتد بالسلام إلى البشر من كل نحلة وعقيدة ودين فليس الأمر صعبا في ظل ما نشاهده من تلك الثورات التي تساعد الإنسان على كشف هويته الحقيقة، ونقل صور، ورد وتفنيد لما يذاع، وما تراه عيونهم وتطلع عليه عقولهم، ثم نتركهم يختارون على بصيرة وعلم دون لجاجة أو اختراع، فليس ما نحلم به خيال إنما يحتاج إلى إيمان راسخ صلب بأنفسنا أولا، وإنه ليس أدرى منا بالحديث عنا سوانا، نحتاج إلى تلك القوة لتكون لنا دافع،فالطريق طويل لا شك، ولكنه سهل في نقض الأوضاع القائمة التي تظهر للعيان وتلقي في روعه بشاعة الشرق المغلوب على أمره, والمقتول بسيف الدعاية المزيفة، والأقوال المخترعة، أن نحرر عقولهم من المنطق القديم، ليحكموا على بينة وهم مفتحي الأعين، فهل نحن قادرون على تحقيقه أم ننتظر من الغربيين من يعدل في الحكم، ويقول كلمة حق، وهم قليلون ننتظر المصادفة لعلها تأتي بما عجزنا عنه.

Trending Plus