"إدارة الوقت مِفتاح بناء الإنسانِ الناجح".. موضوع خطبة الجمعة اليوم

خطبة الجمعة
خطبة الجمعة
كتب لؤى على

حددت وزارة الاوقاف موضوع خطبة الجمعة اليوم بعنوان "إدارة الوقت مِفتاح بناء الإنسانِ الناجح"، وجاء نص الخطبة كالآتى:

الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، أحمدُه حمدَ الشاكرِ المعتبرِ، وأشهد أن لا إلهَ إلا اللهُ الواحدُ القهارُ، العزيزُ الغفارُ، سبحـانه هدى العقولَ ببدائعِ حكمِهِ، ووَسِعَ الخلائقَ بجلائلِ نعمِهِ، أقامَ الكونَ بعظمةِ تجليهِ، وأنزلَ الهُدى على أنبيائِهِ ومرسلِيهِ، وأشهدُ أنَّ سيدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه، شرحَ صدرَه، ورفعَ قدرَه، وشرّفنا به، وجعلَنا أمّتَه، اللهمّ صلِّ وسلمْ وباركْ عليه، وعلى آله وأصحابِه، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ، وبعدُ:

فللنجاحِ جسرٌ ومسارٌ، ألا وهو الوقتُ، ذاك الجوهرُ الذي لا يُقَدرُ بالدرهمِ ولا الدينارِ، وإذا مَرَّ لا يعودُ، ولا يُشترى، ولا يدارُ، فهل آن الأوانُ لندركَ قدرَهُ؟ ونحسنَ صرفَهُ؟ ونضيءَ به المسارَ؟!

أيها الكرامُ، اعلموا أن الوقتَ رأسُ مالِ العمرِ، ومِفتاحُ النجاحِ والفلاحِ، الوقتُ وما أدراكم ما الوقتُ! يقولُ اللهُ جلّ جلاله: {وَٱلۡعَصۡرِ * إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَفِي خُسۡرٍ}، فأقسمَ ربُّنا بالوقتِ نفسِه، إشارةً إلى عظمِ شأنِه، ثم حذّرنَا من خسرانِه، فالعاقلُ من وعى، والرشيدُ من استثمرَ، قال النبيُّ المشرّفُ المعظّمُ ﷺ: «نِعمتانِ مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناسِ: الصحةُ والفراغُ».

أيها الحبيبُ اللبيبُ: الوقتُ سيفٌ ذو حدين، إما أن تبنيَه، أو يهدمَك، إما أن توجهَه، أو يضلّكَ طريقًا، ويضيعَكَ زمانًا، يقول الإمامُ الحسنُ البصريُّ رحمَه الله: "ابنَ آدمَ، إنما أنتَ أيامٌ، كلما ذهبَ يومٌ، ذهبَ بعضُك"، فمن ضَيَّعَ وقتَه، فقدْ ضيعَ نفسَه، ومن أحسنَ إدارةَ وقتِه، فقدْ أحسنَ إدارةَ حياتِهِ.

أيها المكرمُ: اعلمْ أنَّه لا نجاحَ بلا تنظيمٍ، ولا تَمَيُّزَ بلا ترتيبٍ، فكم من مواهبَ دُفنتْ؛ لأن أصحابَها لم يتقنوا إدارةَ أوقاتِهم، وكمْ من قلوبٍ طَمَحَتْ، وأحلامٍ لمعتْ ثم انطفأتْ؛ لأنَّ الوقتَ ضاعَ في اللهوِ واللغوِ والتسويفِ، والإنسانُ الناجحُ لا ينتظرُ الوقتَ المناسبَ، بل يصنعُه، فيا أيها الحبيبُ، سَطِّرْ في دفترِ يومِك ما تحبُّ أن تلقى اللهَ به، واحذرْ من ساعاتِ الفراغِ القاتلةِ، فرُبَّ دقيقةٍ تُحيي قلبًا أو تُميتُ عمرًا!

أيها المكرمُ: ها هو الرسولُ الكريمُ ﷺ النموذجُ الأعظمُ في إدارةِ الوقتِ، فتأملْ معي يومَه المباركَ، كيفَ كان يوزّعُ وقتَه بين العبادةِ، والتعليمِ، والقيادةِ، والأهلِ، والمجتمعِ، لم تكنْ لحظةٌ تمرُّ في حياتِه إلا وهو في طاعةٍ أو خدمةٍ أو بناءٍ، قالتْ أمُّ المؤمنينَ عائشةُ رضي اللهُ عنها: "كانَ رسولُ اللهِ ﷺ في مهنةِ أهلِه، فإذا حضرتِ الصلاةُ، خرجَ إلى الصلاةِ"، فحتى الوقتُ داخلَ البيتِ كانَ محسوبًا بحسابِ المسؤوليةِ والمحبةِ.

أيها النبيلُ: ألا تعلمُ أن لإدارةِ الوقتِ ثمارًا يانعةً؟! إن منها النجاحَ في العملِ، والترقي في الدنيا، والسكينةَ النفسيةَ، والانضباطَ في الحياةِ، وصفاءَ الذهنِ، وزيادةَ التركيزِ والإبداعَ، ونيلَ رضا اللهِ تعالى، وتحقيقَ العبوديةِ الكاملةِ له في كلِّ لحظةٍ، يقولُ سيدُنا عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ رضي اللهُ عنه: "ما ندمْتُ على شيءٍ نَدمِي على يومٍ غربت شمسُه، نقصَ فيه أجلِي، ولم يزددْ فيه عملي".

ويا أيها الكرامُ: علّموا أبناءَكُم إدارةَ الوقتِ من الصغرِ، واملؤوا أوقاتَكُم بالقرآنِ والذكرِ والعلمِ والعملِ الصالحِ، واقطعوا عنكمُ السهرَ فيما لا يفيدُ، والضياعَ في فضاءِ الشاشاتِ، وضعوا لأنفسِكُم أهدافًا وخططًا، واحفظُوا أعمارَكم؛ فإنها لا تعودُ، وما من نعمةٍ يُسألُ عنها العبدُ يومَ القيامةِ إلا وكان  عمرُه  أولَها،  قال صاحبُ الجَنابِ الأنورِ والجبينِ الأزهرِ ﷺ: «لَا تَزُولُ ‌قَدَمَا ‌عَبْدٍ ‌يَوْمَ ‌الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ: عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ جَسَدِهِ فِيمَا أَبْلَاهُ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا وَضَعَهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ»، فحاسبوا أنفسَكم قبل أن تحاسبُوا، واغتنموا أوقاتَكم قبل أن تندمُوا.

*****

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على خاتمِ الأنبياءِ والمرسلين، سيدِنا محمدٍ (صلى الله عليه وسلم)، وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعين، وبعد:

فيا منْ حضرَ، وأقبلَ على الذكرِ، واستبشرَ، هذا حديثٌ عن عالَمٍ جديدٍ قدِ انتشرَ، عن فضاءِ التواصلِ وما فيه من خطرٍ أو ظَفَرٍ، عن الكلمةِ التي تُنْشَرُ فتؤجّجُ نارًا أو تُزْهِرُ، عن صورةٍ تحركُ فتنةً أو تزرعُ الفكرَ والنظرَ، فيا سامعَ الخطبةِ، تدبرْ، لك في ضوابطِ الشرعِ نورٌ وبشرٌ وسترٌ، وفي اتباعِ الهدى عزٌ وفخرٌ.

أيها الكريمُ، إن من أخطرِ الوسائلِ التي دخلتْ حياةَ الناسِ في العصرِ الحديثِ، مواقعَ التواصلِ الاجتماعيّ، التي تحولتْ من مجردِ أدواتٍ تكنولوجيةٍ، إلى محاريبَ للرأيِ، ومنابرَ للكلمةِ، ومزارعَ للأفكارِ! ولئن كانت هذهِ المواقعُ نعمةً في أصلِها، فإنَّها قدْ تكونُ نقمةً في سوءِ استخدامِها! فمنَ الناسِ من اتّخذَها وسيلةً للخيرِ والنفعِ والتواصلِ البَنَّاءِ، ومنهم من جعلها ساحةً للغِيبةِ، والنميمةِ، والفتنِ، والتشهيرِ، والكذبِ، وإضاعةِ الوقتِ! ولذا، لابدَ من معرفةِ الضوابطِ الشرعيةِ للتعاملِ مع مواقعِ التواصلِ، والتي تتمثلُ في الصدقِ فيما يكتبُ وينشرُ، فقد قال الله تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ ٱلصَّٰدِقِينَ}، وقال الحبيب المشفع ﷺ: «كفى بالمرءِ كذبًا أن يحدثَ بكلِّ ما سمعَ»، فإياك أن تنقلَ خبرًا بلا تبينٍ، أو تشاركَ منشورًا قبلَ التثبتِ، فرُبَّ شائعةٍ أهلكتْ أمةً، وربَّ كذبةٍ فتحتْ أبوابَ الدماءِ والدموعِ.

أيها النبيلُ، إياكَ أن تقضيَ يومَكَ على مواقعِ التواصلِ في الغِيبةِ والسخريةِ والطعنِ في الناسِ؛ قال الله تعالى في محكم التنزيلِ: {وَلَا يَغۡتَب بَّعۡضُكُم بَعۡضًاۚ}، وقال أيضًا: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا يَسۡخَرۡ قَوۡمٞ مِّن قَوۡمٍ }؛ فطهروا ألسنَتَكُم وأقلامَكُم من التنمّرِ والتهكمِ والتطفلِ، والسبِّ والتشويهِ .

اللهم طهّرْ أقلامَنَا، واحفظْ ألسنتَنَا، وباركْ في أوقاتِنَا.

 

 

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

ليفربول يبدأ رحلة الدفاع عن لقب الدوري الإنجليزي ضد بورنموث الليلة

24 عاما على أصحاب ولا بيزنس.. إضافة الانتفاضة الفلسطينية بعد التأثر بالحلم العربى

المؤبد وغرامة تصل 5 ملايين جنيه عقوبة إغراق المخلفات الخطرة فى البحر

منتخب الشباب يلاقي المغرب في الودية الثانية اليوم استعدادا للمونديال

وزارة الصحة تخصص آلية لاستعلام عن قرارات العلاج على نفقة الدولة.. وتكشف قائمة الأمراض الأكثر طلبا لقرارات العلاج المجانى.. تسهيل الحصول على كارت الخدمات المتكاملة.. وتؤكد: مناظرة 5000 مواطن عبر الفيديو كونفرانس


معلومات عن مباراة الأهلى وفاركو اليوم الجمعة فى الدورى المصرى

حصاد تاريخي من الألقاب لـ فابيان رويز مع باريس سان جيرمان ومنتخب إسبانيا

حمدي فتحي في اختبار صعب مع الوكرة ضد العربي في الدوري القطري

مواعيد قطارات خط القاهرة أسوان والإسكندرية والعكس اليوم الجمعة 15-8-2025

جدول ترتيب هدافى الدورى الممتاز.. عبد الرحيم دغموم ينفرد


سنة دون مبرر.. غلق الوحدة السكنية يوجب إخلاءها فى قانون الإيجار القديم

بيان الفصائل الفلسطينية: نقدر الجهود المصرية الكبيرة بقيادة الرئيس السيسى

علاء زينهم: عادل إمام كان يفتخر بقصة كفاحي وعملي في شركة تأمين وسائق تاكسي

رجل يلاحق زوجته بسبب تحايلها بمستندات مزورة للزج به فى السجن.. التفاصيل

محمد الشناوي مرشح لحراسة عرين الأهلي أمام فاركو غداً في الدوري

مواعيد عرض "بتوقيت 2028" ثانى حكايات مسلسل ما تراه ليس كما يبدو

استقبال جماهيري حافل لتوماس مولر في كندا.. صور

تعادل سلبي بين بيراميدز والإسماعيلى فى الشوط الأول بدوري Nile

نجوم الفن يدعمون كريم محمود عبد العزيز وزوجته بعد نفيه شائعة الانفصال

كواليس مران الزمالك استعدادا لمواجهة المقاولون في الدورى

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى