بشهادة المؤسسات الدولية.. اقتصاد مصر يثبت صلابته ويتحدى الأزمات العالمية.. القاهرة تتفوق اقتصاديا على نظرائها فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.. و"فيتش" ترفع سقف النمو لـ5.1%.. والتقارير الدولية ترسم مستقبلا مشرقا

في ظل ما يشهده العالم من تحولات اقتصادية كبرى واضطرابات في سلاسل الإمداد وأسواق الطاقة، تبقى الاقتصادات الناشئة أمام اختبار حقيقي لقدرتها على الصمود والمناورة وتحقيق النمو المستدام، ومن بين هذه الاقتصادات ويبرز الاقتصاد المصري كنموذج محل اهتمام المؤسسات الدولية، بما يشهده من تحركات إصلاحية وهيكلية شاملة تتسق مع متطلبات المرحلة وتستهدف تحقيق توازن دقيق بين تحقيق معدلات نمو مرتفعة من جهة، والحفاظ على الاستقرار المالي والاجتماعي من جهة أخرى.

لقد أثبتت مصر، خلال السنوات الأخيرة، قدرتها على إدارة الأزمات وتجاوز التحديات الاقتصادية العالمية، إنطلاقا من تداعيات جائحة كورونا، مروراً الأزمة الروسية–الأوكرانية، وصولاً إلى اضطرابات البحر الأحمر، دون أن تتخلى عن استراتيجيتها الطموحة لتحقيق التنمية المستدامة.

وجاءت الإشادة الصريحة من المؤسسات الدولية كمؤشر واضح على جدية الإصلاحات وفعالية السياسات الاقتصادية التي تنتهجها الدولة، حيث يحظى الاقتصاد المصري في المرحلة الراهنة بتقدير متزايد من المؤسسات الدولية.

وفي هذا السياق، تكتسب خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية لعام 2025/2026 أهمية بالغة، حيث تستند في رؤيتها إلى تحولات داخلية وخارجية دقيقة، وتعكس تقديراتها تقاطعات موضوعية مع ما أصدرته مؤسسات دولية كبرى مثل فيتش، البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي من مراجعات إيجابية لأداء الاقتصاد المصري، ولم تقتصر هذه التقديرات على أرقام النمو فحسب، بل امتدت لتشمل مؤشرات الاستقرار النقدي، وتحسن بيئة الاستثمار، وتنامي الصادرات غير البترولية، فضلا عن العودة التدريجية للثقة في العملة المحلية.

وبينما تشير التقديرات الدولية إلى معدلات نمو تفوق تلك المتوقعة في عدد من الاقتصادات المتقدمة والنامية، فإن مصر تؤسس بذلك لمكانة متقدمة إقليميا ودوليا، مدعومة بنهج إصلاحي واضح المعالم، وتكامل مؤسسي بين أدوات السياسات المالية والنقدية، واستثمار فاعل في البنية التحتية والموارد البشرية.

وجاءت وثيقة خطة التنمية لتسلط الضوء على مكانة الاقتصاد المصري في التقارير الدولية، وتستعرض التقديرات المختلفة لمعدلات النمو، كما تحلل مصادر هذا النمو وأبعاده، في ضوء ما ورد بخطة التنمية الوطنية، وما تضمنته من رؤى استراتيجية مدروسة تعكس فهما عميقا للواقع وأبعاد المستقبل.

وتكشف خطة التنمية، عن أن تقديرات المؤسسات الدولية تأتي داعمة لتقديرات الخطة بتصاعد النمو الاقتصادي في العام 2025/2026، حيث تتوقع مؤسسة فيتش للتصنيف الائتماني رفعت تقديراتها لنمو الناتج المحلي الإجمالي لمصر إلى 5.1% خلال عام 2025/2026، بعد أن كانت التقديرات السابقة تشير إلى 4.7%، فضلا عن توقعاتها بألا تشهد قيمة الجنيه المصري مزيداً من الانخفاض مع ميل سعر الصرف للاستقرار خلال ذات العام المالي.

ويُعزى هذا التحسن إلى مجموعة من العوامل الإيجابية، من أبرزها تحسن الحركة الملاحية بالبحر الأحمر، واستعادة إيرادات قناة السويس لتوازنها التصاعدي، وانخفاض تكلفة الاقتراض الخارجي، إلى جانب تنامي الصادرات غير البترولية وارتفاع وتيرة الاستثمارات، خاصة الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

وكذلك، تفيد تقديرات مؤسسات التمويل الدولية ووكالات التصنيف الائتماني الأخرى توقع نمو الاقتصاد المصري بمعدلات تتراوح بين 4.2 % (البنك الدولي)، %5,1 (مؤسسة فيتش)، كما أن تقديرات الخطة تأتي في مركز وسط بين هذه التقديرات الدولية، حيث يُقدّر مُعدل النمو في عام 2025/2026 ، بنحو 4.5%.

ووفقا لخطة التنمية، فأنه بالمقارنة بمعدلات النمو المناظرة في الاقتصادات المتقدمة والناشئة والنامية، يُلاحظ تمايز الاقتصاد المصري في عامي 2025/2026،  على التوالي قياسًا بالاقتصادات الأخرى، ويُستثنى من ذلك دولة الصين.

وبالمقارنة بدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ، تُفيد بيانات البنك الدولي الصادرة في أبريل 2025، ارتفاع معدل النمو الاقتصادي لمصر قياسا ببعض الدول المصدرة للبترول البحرين والكويت وسلطنة عمان ، وبعض الدول المستوردة للنفط (تونس والمغرب والأردن)

وفيما يتعلق بصندوق النقد الدولي، فتؤكد خطة التنمية الاقتصادية أنه قام بمراجعة تقديراته أيضا، رافعا معدل النمو إلى 4.3% في تقريره الصادر في أبريل 2025، وهو ما يضع مصر في موقع متقدم على مستوى الدول منطقة السرق الاوسط وعلي مستوي  الناشئة والنامية، ولا تتقدمها إلا دول معدودة كالهند والفلبين وقطر والأمارات، وإندونيسيا والأرجنتين.

وتبين المقارنة الدولية تميز أداء الاقتصاد المصري مقارنة بدول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، سواء المصدّرة للنفط مثل البحرين والكويت وعُمان، أو المستوردة له مثل تونس والمغرب والأردن، وهو ما تؤكده بيانات البنك الدولي.

وحسب وثيقة خطة التنمية، فأن تحليل مصادر النمو الاقتصادي يُظهر مساهمة إيجابية لكافة محركات النمو، حيث يُسهم الإنفاق الاستثماري بنسبة 37.3%، وصافي التغير في الصادرات بنسبة 3.3%، بينما يُشكل الإنفاق الاستهلاكي النهائي المحرك الأكبر بنسبة 59.4%، ما يدل على تنوع وتوازن مصادر النمو.

الجدير بالذكر، أن ما تشهده مصر من إشادة دولية يعكس نجاح السياسات الاقتصادية والقدرة على جذب الاستثمارات وتحقيق الاستقرار النقدي، وهو ما يُعزز الثقة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة ويدفع نحو مزيد من التقدم خلال السنوات القادمة.