بعد إدراجها ضمن التراث الثقافى من منظمة اليونسكو.. "اليوم السابع" يحاور دكتورة جامعية عن تاريخ صناعة آلة السمسمية.. وتؤكد: تركت وظيفتى للحفاظ على الآلة وطموحى إنشاء مصنع لتصبح حرفة مستدامة يعمل بها الشباب

للسمسمية عشق لا ينقطع بين الصغير والكبير والرجل والمرأة .. ففي بورسعيد تركت سيدة بورسعيدية وظيفتها كأستاذه جامعية من أجل الحفاظ علي التراث الشعبي للآلة التي أصبحت الفلكلور الشعبي الذي يميز المحافظة بين المحافظات المصرية بل والمنطقة العربية .

وتعد آلة السمسمية واحدة من أقدم الآلات الموسيقية التراثية في مصر، خاصة في مدن القناة مثل بورسعيد، الإسماعيلية، والسويس، وتحمل هذه الآلة بين أوتارها أصوات التاريخ، حيث كانت تُستخدم في الأهازيج الوطنية والمناسبات الشعبية، وعلى مدار العقود، استمرت السمسمية كجزء من الفنون الشعبية، حتى وصلت إلى مرحلة الاعتراف بها دوليًا بعد إدراجها ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي لمنظمة اليونسكو.

تاريخ آلة السمسمية: من القنال إلى العالمية

ترجع جذور آلة السمسمية إلى أيام حفر قناة السويس، حيث استخدمها العمال والموسيقيون كوسيلة للتعبير والتسلية، وكان العازفون الأوائل مثل عبدالله بربر يعزفون على آلة شبيهة بالسمسمية في تلك الفترة، والتي كانت تُصنع من مواد بسيطة مثل خوص النخيل وجلد الحيوانات.

ومع مرور السنوات، تطورت السمسمية وأصبحت رمزًا للنضال والمقاومة الشعبية، خاصة خلال حرب 1956 وحرب 1973، حيث استخدمت الأغاني التي تُعزف على السمسمية كأداة لتعزيز الروح الوطنية بين أفراد المقاومة الشعبية في مدن القناة.

وفي العصر الحديث، لم تعد السمسمية مجرد أداة موسيقية شعبية، بل أصبحت مادة دراسية يتم تدريسها في بعض الكليات مثل كلية التربية النوعية، جنبًا إلى جنب مع آلات أخرى مثل العود، الجيتار، والكمان.

الدكتورة أسماء حمودة من أستاذة جامعية إلى صانعة للسمسمية

قالت الدكتورة أسماء حمودة سابقاً وصانعة السمسمية حالياً: تركت عملي بالجامعة من أجل السمسمية، وبدأت علاقتي بالسمسمية عندما كنت طفلة بعمر 7 سنوات، حيث كنت أشارك في الرقص الشعبي، ولكن شغفي بصناعة الآلات بدأ في عمر 8 سنوات، وصنعت أول آلة سمسمية باستخدام طبق من جلد الأرنب، وخيوط، والأقفاص، وعندما عرضت آلتي في قصر الثقافة، لاقت إعجاب الجميع، ومن هنا بدأت رحلتي في صناعة السمسمية.

وعلى مدار أكثر من 25 عامًا، تعلمت صناعة السمسمية بشكل احترافي، فبدأت أتعامل مع المخارط، الآلات الصناعية، والصناعات الخشبية، وكنت أسافر إلى دمياط والقاهرة وطنطا للحصول على المواد اللازمة، وأتعامل مع الخراطين والنحاتين حتى تمكنت من تصنيع الآلة بالكامل بيدي.

كيف يتم تصنيع السمسمية

تمر صناعة السمسمية بعدة مراحل، تبدأ باختيار الخشب المناسب، الذي يتم قطعه وتشكيله بدقة في المخرطة، ثم يتم تثبيت المفاتيح، وشد الجلد على الطبق، وأخيرًا تركيب الأوتار، وتختلف أنواع السمسمية حسب عدد الأوتار، حيث تتراوح بين 5 أوتار وحتى 21 وترًا، وهناك أنواع خشبية وأخرى مصنوعة من الجلد أو المعادن.

وأكدت الدكتورة أسماء حمودة، تم تسجيل آلة السمسمية كتراث ثقافي غير مادي في منظمة اليونسكو خطوة تاريخية، مما يمثل اعترافًا دوليًا بأهمية هذه الآلة في الثقافة المصرية، وهذا القرار له تأثيرات كبيرة على مستقبل السمسمية، حيث يعني ذلك:

الحفاظ على التراث: إدراجها في قائمة اليونسكو يضمن توثيقها وحمايتها من الاندثار، وتشجيع الأجيال القادمة على تعلم صناعتها وعزفها.

الانتشار العالمي: بعد هذا الاعتراف، أصبحت السمسمية مادة دراسية في بعض الجامعات والمعاهد، كما ازداد الطلب عليها في الأسواق الدولية، حيث بدأت دول مثل فرنسا، اليونان، والسعودية في استيرادها.

 دعم صانعي السمسمية: يمكن أن يفتح هذا الاعتراف الباب أمام تمويلات حكومية ودولية لدعم الحرفيين، وإنشاء ورش عمل ومتاحف للحفاظ على هذا الفن التراثي.

 إدراجها في المهرجانات العالمية: بعد الاعتراف بها، يمكن أن يتم تقديم عروض موسيقية للسمسمية في مهرجانات دولية، مما يعزز مكانتها في الموسيقى الشعبية العالمية، وذلك يحدث ولكنه سيشهد تطوير .

وأشارت إلى أن آله السمسمية تواجه بعض الحديات والطموحات المستقبلية، مثل:
قلة الحرفيين المهرة: مع مرور الزمن، تراجع عدد الحرفيين القادرين على تصنيع السمسمية يدويًا.

ندرة المواد الخام: بعض الخامات مثل الأخشاب والجلود الطبيعية أصبحت أكثر تكلفة وأقل توافرًا.

ضعف التسويق الدولي: على الرغم من الاعتراف بها في اليونسكو، لا تزال هناك حاجة لجهود أكبر في تسويق السمسمية عالميًا.

وأضافت الدكتورة أسماء: أطمح إلى إنشاء مصنع متخصص لصناعة السمسمية، بحيث تصبح حرفة مستدامة يعمل بها الشباب، ويتم تصديرها إلى الأسواق العالمية، كما أنني أهدف إلى تعليم الأجيال الجديدة فن صناعة السمسمية، حتى لا يندثر هذا التراث العريق.