أكرم القصاص يكتب: مصر وغزة وأوروبا.. حملات وصفقات تجار الحرب وخدم الاحتلال!

كل من يعرف القضية الفلسطينية، يعرف مكان ومكانة مصر، وما قدمته وتقدمه، وكيف يمكن أن تصبح الأوضاع فى هذه الحرب أسوأ، وكيف تصدت مصر من البداية لمخططات التهجير والتصفية، وواجهت التداعيات بتوازن وتحركات فى كل الدوائر الظاهرة والمتقاطعة، وصولا إلى تغييرات فى مواقف دول وتكتلات مختلفة، وما كان يمكن أن يجرى حال غياب قطب يتحرك بمعرفة وعلم وخبرة مع كل أطراف الوضع، بعيدا عن التهويمات والتصورات السطحية والعبثية.
والواقع أن مصر هى الدولة الوحيدة التى ليست لها مصالح فى دعم القضية الفلسطينية، سوى ضمان حقوق الشعب الفلسطينى، ووقف الحرب، مصر ليست لديها أهداف تفاوضية تستغل الحرب لتحقيق نقاط، ولا هى دولة صغيرة لها طموحات، ولا دولة تسعى لنفوذ وتتقاطع فى تعاون مع الاحتلال وتصارعه فى العلن، وبالتالى هذا الموقف يبدو على العكس من مصالح وتقاطعات الأطراف الإقليمية، بجانب كونه موقفا واضحا حاسما فى مواجهة مناورات الاحتلال وطموحات نتنياهو وحكومته المتطرفة.
وربما لكل هذا، فإن الموقف المصرى يثير غضب الأطراف المتربحة والمزايدة والمتاجرة بالقضية، ولهذا تواجه الدولة المصرية حملات موسمية، تحاول لىَّ عنق الحقيقة، وتوظف كل أساليب الدعاية، والأكاذيب والشائعات، لترويج أباطيل، وتشوش على موقف واضح وحاسم وحقيقى، وسط تجارة متنوعة بالداخل القضية وخارجها. وهى أساليب عبثية وحملات صبيانية تتركز داخل تنظيم الإخوان ظنا أنه يمكن إحياء التنظيم الإرهابى بالتحالف وخدمة الاحتلال، وبعد أن فشل الإخوان فى التحالف مع «داعش» وأخواتها، حاولوا ركوب القضية وصولا إلى الاحتلال ودعما له، حتى ولو كانوا يحاولون إبداء العكس، وترويج اهتمامهم بالقضية الفلسطينية، بينما هم مطايا للقوى والمنظمات والأجهزة الإقليمية والدولية.
ومن هنا يمكن تفهم حملات الهجوم والأكاذيب التى يروج لها التنظيم، ضد الجهود المصرية فى لحظات حرجة تتحرك فيها مصر لوقف الحرب وتضغط لإدخال المساعدات وتتواصل مع كل الدوائر الكبرى فى العالم لشرح وتوضيح ما يخفى وهو جهد يتم على مدى أكثر من 19 شهرا ونجح فى تغيير الصورة النمطية والدعم الأعمى الذى قدمته بعض الدول الاوربية للاحتلال، بعد 7 أكتوبر 2023، واليوم بدأ الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون فى تنفيذ وعوده التى أعلنها أثناء وفى أعقاب زيارته لمصر، عندما أعلن أن فرنسا تدرس الاعتراف بالدولة الفلسطينية فى الصيف.
وفى 22 يوليو أصدرت 28 دولة، من بينها بريطانيا واليابان وعدد من الدول الأوروبية، بيانا مشتركا أكدت فيه إن الحرب فى غزة «يجب أن تنتهى الآن»، فى أحدث مؤشر على تصاعد لهجة حلفاء إسرائيل فى ظل تزايد عزلتها الدولية، وقال وزراء خارجية الدول، التى شملت أيضا أستراليا وكندا، إن «معاناة المدنيين فى غزة بلغت مستويات جديدة من العمق»، وأدانوا «التقتير المتواصل للمساعدات والقتل غير الإنسانى للمدنيين، بمن فيهم الأطفال، أثناء محاولتهم تلبية احتياجاتهم الأساسية من الماء والغذاء».
ووصف البيان الوفيات لأكثر من 800 فلسطينى أثناء محاولاتهم الحصول على المساعدات، بأنها «مروعة»، ومن المفارقات أن وزارة الخارجية الإسرائيلية رفضت البيان، واصفة إياه بأنه «منفصل عن الواقع، ويرسل رسالة خاطئة إلى «حماس»، واتهمت «حماس» بإطالة أمد الحرب من خلال رفضها قبول اقتراح تدعمه إسرائيل لوقف مؤقت لإطلاق النار، وتبادل الأسرى، وقد أصدرت بريطانيا وفرنسا وألمانيا، 25 يوليو 2025، بيانا مشتركا دعت فيه إلى وقف فورى للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، محذّرة من تفاقم الكارثة الإنسانية، ومؤكدة على ضرورة احترام القانون الدولى الإنسانى. وقال البيان إن «الكارثة الإنسانية التى نشهدها فى غزة يجب أن تتوقف الآن»، مشددا على أن الدول الثلاث مستعدة لاتخاذ مزيد من الإجراءات لدعم وقف فورى لإطلاق النار، وأعربت الدول الأوروبية الثلاث عن رفضها الشديد لأى محاولات لفرض السيادة الإسرائيلية على الأراضى الفلسطينية المحتلة، مؤكدة أن مثل هذه الخطوات تقوّض فرص حل الدولتين.
وفى حين يحاول الاحتلال مواجهة البيانات والتحركات الدولية يتحرك تنظيم الإخوان، فى مواجهة مصر ويروج شائعات ويفبرك فيديوهات، كل هدفها تخفيف الضغط على الاحتلال الإسرائيلى، من هنا يمكن تفهم التحركات الأخيرة والحملات التى تستهدف الدور المصرى، فى وقت تنجح فيه مصر فى إدخال المساعدات، وتضغط لتوزيعها بشكل أكثر تنوعا لتصل إلى الجوعى، وهذا الجهد الواضح والحاسم يحرك تجار الحرب فى إسرائيل أو فى الإقليم لتوظيف القضية لمصالحهم ومفاوضاتهم، بصرف النظر عن مصالح سكان غزة وأصحاب القضية.


Trending Plus