الفاشر السودانية تحت الحصار.. ناشطون يكشفون: انعدام شبه كامل للمواد الغذائية.. اختفاء نحو 88% من السلع الأساسية و38% من الأطفال يعانون سوء التغذية الحاد.. والآلاف يعتمدون على علف الحيوانات للبقاء على قيد الحياة

تعاني مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور السودانية، من أوضاع إنسانية كارثية، من انعدام السلع الغذائية بشكل شبه كامل، بسبب الحصار الذى تفرضه قوات الدعم السريع على المدينة، وعدم السماح بدخول المساعدات للمدينة التى تعاني الحصار من شهور، وهو ما أدي لانتشار المجاعة فى المدينة ومخيمات النزوح بها، مع استمرار الأعمال العسكرية.
وكشف ناشطون، عن انعدام شبه كامل للمواد الغذائية في الفاشر بولاية شمال دارفور، بسبب الحصار المشدد عليها من قبل الدعم السريع، وأشار الناشطون، إلى اختفاء السلع الأساسية والهامة من الأسواق فى المدينة.
واختفت سلع رئيسية، بما في ذلك السكر والبصل والأرز والملح، وسط تناقص حاد في مخزون الدخن والذرة الرفيعة والأدوية المنقذة للحياة في الفاشر.
ومن جهته قال مجلس تنسيق غرف طوارئ شمال دارفور، في بيان رسمى :"تقديراتنا الميدانية في الفاشر تُشير إلى انعدام شبه كامل للمواد الغذائية الأساسية بنسبة تصل إلى 88%".
وكشف مجلس غرف طوارئ شمال دارفور، أن الأزمة التي تُعاني منها مدينة الفاشر تجاوزت مرحلة التحذير إلى مرحلة المأساة الإنسانية الحقيقية.
وكالمعتاد تعاني النساء الأطفال المعاناة الأكبر فى الحروب، إذ يعانون من الجوع بشكل مروّع، كما أن مشاهد الهزال وسوء التغذية الحاد أصبحت مألوفة في المخيمات والمجتمعات المضيفة، وفقا للبيان.
وكانت الأمم المتحدة، قد نشرت تقريرا لها فى بداية يوليو الجاري، وكشف التقرير أن 38% من الأطفال دون سن الخامسة في مواقع النزوح في الفاشر يعانون من سوء التغذية الحاد، منهم 11% يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم.
وقال مجلس تنسيق غرف طوارئ شمال دارفور فى بيانه :"نؤكد بأسى بالغ أننا نشهد حالات وفاة بسبب الجوع وسوء التغذية، وهي خسارة لا يمكن تعويضها ولا يجوز السكوت عنها".
وأفاد بأن الوضع في الفاشر يتطلب تدخّلًا فوريًّا على مدار الساعة، حيث إن كل تأخير يعني مزيدًا من المعاناة وفقدانًا للأرواح البريئة.
وحمل الجهات المعنية والمنظمات الإنسانية مسئولية أخلاقية وإنسانية عاجلة للاستجابة الفورية للمناشدة واتخاذ خطوات ملموسة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أرواح قبل فوات الآوان.
ومن جهته أعلن محمد الرُفاعي، وهو ناشط طوعي يُشرف على واحدة من أكبر مراكز الإيواء وتجمعات النازحين في مدينة الفاشر، عن توقف المطابخ المجانية التي تقدم وجبة غذائية مجانًا لآلاف الجوعى بعد نفاد كل المخزون الغذائي.
وقال فى حديثه لسودان تربيون، إنه الجمعة، لم يتمكن من الحصول على المواد الغذائية في السوق بعد أن نفدت بشكل كامل، ولم يحصل سوى على كميات قليلة من "الأمباز" تم طبخه وتوزيعه للمحاصرين.
وبات "الأمباز"، وهو بقايا الفول السوداني والسمسم بعد استخراج الزيت ويُستخدم علفًا للحيوانات، الطعام الذي يعتمد عليه آلاف الأشخاص في مدينة الفاشر ومخيم أبو شوك للبقاء على قيد الحياة، حيث باتت معاصر الزيوت في المخيم تشهد ازدحامًا من النازحين.
وارتفعت أسعار السلع المتبقية بشكل مبالغ فيه نتيجة الحصار، إذ كشف أحد التجار فى سوق نيفاشا الواقع فى مخيم أبو شوك للنازحين، أن جوال الدخن"نوع من أنواع الحبوب" جرى بيعه صباح السبت بواقع 4.2 مليون جنيه سوداني ــ حوالي 1750 دولارًا.
وتوقع انعدامًا كاملًا للدخن، الذي يُعد الغذاء الرئيسي لسكان مدينة الفاشر، خلال أيام نظرًا لتناقص المعروض في الأسواق بصورة تدريجية، حيث إن الكمية التي عُرضت خلال الثلاثة أيام الماضية لا تتجاوز خمس جوالات.
وسوق نيفاشا، يعد السوق الوحيد داخل الفاشر الذي لايزال يعمل بنسبة 50٪، ومع ذلك ظل الموقع يتعرض للاستهداف المدفعي من قبل قوات الدعم السريع بشكل يومي، نتج عنه مقتل عشرات المدنيين وتدمير الجزء الأكبر من المرفق.
وفى نفس السياق، قالت غرفة طوارئ مخيم أبو شوك إن السلع الغذائية وخدمات الصحة انعدمت في المخيم الواقع شمال الفاشر.
وأضافت: "الموت البطيء يكشّر أنيابه للمواطنين العزّل في المخيم الذي تنتشر فيه حالات سوء التغذية بكميات هائلة".
وأشارت إلى أن معدل الوفيات في المخيم خلال الأسبوع بلغ أربع حالات أسبوعيًا، وسط صعوبة في الوصول إلى المياه بسبب انعدام الوقود لتشغيل الآبار.
وتفرض ميليشيا الدعم السريع، حصارا مشددا على الفاشر، وتنشر مئات المقاتلين فى الطرق المؤدية للمدينة، لمنع وصول السلع والإغاثة والأدوية، كما شيدت حول المدينة خنادق عميقة لتشديد الحصار الذي تفرضه منذ أبريل 2024.

Trending Plus