هبة مصطفى تكتب: بين الشرق والغرب.. من يقود فكر الإنسان؟

هبة مصطفى
هبة مصطفى

عزيزي القارئ، احذر حين تُصبح العادات أغلالًا، والعقل مفتاحًا للتحرّر. فالعادات والتقاليد ليست مجرد سلوكيات نمارسها يوميًا، بل هي مرآة تعكس تاريخ الشعوب وذاكرتها الجمعية. منها ما يُشكّل هويتنا ويُعزّز انتماءنا، ومنها ما يتحوّل – دون أن نشعر – إلى قيود تُكبّل الفكر وتُعيق مسيرة التقدّم.


فالعقل في مواجهة الموروث… معركة لا بد منها وهناك فرق كبير بين الأصالة والجمود.
ففي المجتمعات العربية، يُنظر إلى العادات على أنها جزءٌ مقدّس من الهوية، لا يجوز المساس به. بينما في الغرب، تُعتبر التقاليد خاضعة للمراجعة والتغيير، ويُنظر إليها باعتبارها أدوات تُخدم الإنسان، لا أوثانًا تُعبد.وقد عبّر أحد المفكرين الغربيين عن ذلك بقوله:
ليس كل ما ورثناه مقدّسًا… بعض الموروث يُورّث القيود لا القيم.”هذا القول يُسلّط الضوء على الفرق الجوهري بين من يُقدّس العادة، ومن يراها خيارًا قابلًا للنقد.


وللاسف الشديد نجد ان الكثير من التقاليد تُعيق أحلام الشباب في الكثير من البلدان العربية، حيث نصطدم يوميًا بعادات لا تخدم حاضرنا ولا مستقبلنا، بل تُكبّل إرادة الأفراد وتهدم أحلام الشباب.ويتجلّى ذلك في المغالاة في المهور، ما أدّى إلى عزوف كثيرين عن الزواج التحيز ضد المرأة في بعض المهن أو المناصب، لأسباب “اجتماعية” لا تستند إلى منطق.والاهتمام بالمظاهر والألقاب على حساب الكفاءة والجوهر.وقد لخّص الأديب نجيب محفوظ هذه الحالة بقوله:كثير من العادات ليست سوى أوهام موروثة تُكبّل العقل وتُعطّل الحياة.”


في المقابل، نجد في المجتمعات الغربية حرصًا على ترسيخ حرية الفرد في التجربة والتعبير والاختيار، ضمن إطار المسؤولية.فالحرية هناك ليست فوضى أو تسيّبًا، بل أداة لتطوير الذات والمجتمع.فالفرد ليس تابعًا للمجتمع، بل شريك في تشكيله.


ويُقيَّم الناس بناءً على ما يُنتجون، لا على مظهرهم أو خلفياتهم.وهنا يحضرنا قول أنيس منصور"العيب ليس في المظهر، بل في أن نختزل الإنسان فيه.”


وعلي الرغم من ذلك لا ننكر… لدينا موروث نفخر به
ولا يمكننا إنكار وجود تقاليد عربية نبيلة تستحق الحفاظ والافتخار بها، كالكرم العربي الأصيل وصلة الرحم والاحترام والتقدير للكبار الحياء الشرقي الجميل والتماسك الأسري والتكافل الاجتماعي وغيرها من سلوكيات تحي بها الانفس وقد عبّر الملك فيصل بن عبد العزيز عن هذا التوازن قائلًا:"نتمسك بأصالتنا، ولكننا نأخذ من الحضارة الحديثة ما ينفعنا، دون أن نتخلى عن ديننا وعاداتنا النبيلة.”


عزيزي القاري ونظرا لحرص علي منظومة العمل وتطورها نجد ان العادات في بيئة العمل يتجلّى تأثير ها حيث تتدخّل في أبسط التفاصيل، من شكل اللباس “المقبول” وطريقة الحديث مع الزملاء والمدير وكذلك تقييم الكفاءة بناءً على الانطباع، لا على الأداء الفعلي ويُعبّر الدكتور إبراهيم الفقي عن ذلك بقوله: الناس تحكم على الكتاب من غلافه، لكن المضمون هو ما يصنع القيمة.”


لماذا سبق الغرب فكريًا؟تساؤل مشروع يطرحه كثير من الشباب:لماذا سبق الغربُ الشرقَ فكريًا؟
والإجابة تكمن في مجموعة من العوامل الجوهرية، منها:فصل الدين عن الدولة وحرية التعبير والفكر ضمن منظومة قانونية واضحة ونظام تعليمي  يُشجّع على التحليل لا الحفظ والاعتراف بالخطأ والتعامل مع الفشل كفرصة للتعلّم واتاحة فرص متكافئة للجميع دون تمييز طبقي أو اجتماعي وفي الوقت نفسه، لم يتخلَّ الغرب عن القيم الأساسية، بل طوّرها لتواكب الزمن.


كلمة أخيرة…العادات والتقاليد سيف ذو حدّين؛ إن أحسَنّا استخدامها، أصبحت زادًا وهوية، وإن تمسّكنا بما يُعطّل عقولنا، تحوّلت إلى أغلال تمنعنا من التقدّم.وعلينا أن نُعلّم أبناءنا أن يُشغّلوا عقولهم، لا أن يُغلقوها.وسلك طريق الانفتاح العلمي والعملي والاجتماعي دون انبهار أو تقليد أعمى.لما بخالف ماتربينا عليه وأن يُنقّوا الموروث، لا أن يعبدوه حرصا علي اضاءه مستقبل لا يُطفئ.فالإنسان ابن بيئته، لكنه ليس عبدًا لها… يستطيع أن يُغيّرها إن أراد.ولا ننسى ما قيل:"الأمم التي تنسى تقاليدها، تفقد هويتها.”فلنحفظ موروثاتنا لا كجماد، بل كروح حيّة نحملها معنا إلى الابد

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

ريبيرو في حيرة بسبب مركز الجناح الأيسر في الأهلي.. اعرف التفاصيل

رقم قياسي لـ مصر في حضور الجماهير بمونديال ناشئي اليد رغم وداع البطولة.. صور

إعفاء طلاب الثالث الإعدادى بالعامين الدراسيين 2026 و2027 من أعمال السنة

وزير التعليم يعلن تطبيق أعمال السنة على الصف الثالث الإعدادى

طرح أغنية "بنطلون جينز" بصوت محمد رحيم بعد 9 أشهر من رحيله


زعيم حزب إسرائيلى يعلن المشاركة فى إضراب ضد حكومة نتنياهو الأحد المقبل

قرار جمهوري بترقية عدد من مستشارى هيئة قضايا الدولة.. تعرف على الأسماء

اتحاد السلة يعلن مد فترة قيد الأندية لمدة 24 ساعة إضافية

كريم محمود عبد العزيز ينشر صورة مع زوجته ويتغزل فيها: بحبك

الأرصاد تحدد موعد انكسار الموجة الحارة وتحذر من أمطار رعدية.. فيديو


ستاد السويس الجديد يستضيف أولى مواجهات المصري بالكونفدرالية

وزيرا الخارجية والرى: نرفض كل إجراء أحادى يخالف القانون بحوض النيل الشرقى

الكويت تدين بشدة تصريحات رئيس وزراء إسرائيل بشأن اقتطاع أقاليم من دول عربية

ضبط سائق سيارة فارهة حاول الهرب بعد ارتكابه حادثا مروريا بكوبرى أكتوبر.. فيديو

اليو ديانج يقترب من العودة لتشكيل الأهلي الأساسي في مباراة فاركو

ريال مدريد يقدم ماستانتونو لوسائل الإعلام.. صور

النيابة تستدعى مصور حادث مطاردة سيارة فتيات طريق الواحات لسؤاله حول الواقعة

مطاردة فتيات طريق الواحات.. كيف تحمى نفسك من مضايقات الطرق

موعد مباراة الزمالك والمقاولون العرب فى الدورى والقنوات الناقلة

زيلينسكى: الحكومة أجرت 30 محادثة مع شركائها قبل قمة ألاسكا

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى