أحرق سكان مستوطنة في العصر الحديدي منازلهم لإعادة بنائها.. طقوس أم تجديد؟

أعاد فريق من علماء الآثار، بناء تاريخ مسكن عمره 2500 عام في موقع سيرو دي سان فيسينتي في سالامانكا، كاشفين تفاصيل عن كيفية إحراق سكانه للمنزل وملؤه قبل إعادة بنائه، وتجمع الدراسة، المنشورة في مجلة علم الآثار الأنثروبولوجي ، بين تقنيات متقدمة لتحديد ما إذا كان الحريق عرضيًا، أو عملاً عنيفًا، أو جزءًا من طقوس التجديد، وفقا لما نشره موقع" labrujulaverde".
كان المسكن، ينتمي إلى مستوطنة من العصر الحديدي (بين 900 و400 قبل الميلاد)، اكتشف الباحثون أن داخله كان مغطى بطبقة من الرماد يصل سمكها إلى 4 سم، مع آثار فحم وأدوات حديدية وشظايا فخار محترق، وأكد التحليل أن درجة حرارة النار وصلت إلى 700 درجة مئوية ، وهي كافية لانهيار السقف، وتحوير جدران الطوب اللبن إلى اللون الأحمر، وإذابة أرضية الطين جزئيًا.
كانت النيران شديدة لدرجة أن المنزل تحول إلى فرن ، كما تشير الدراسة، بعد ذلك بوقت قصير، ملأ سكان المنزل بطبقات من الطوب المحترق والرماد، مكدسة بشكل ممنهج حتى بلغ ارتفاع الأرضية حوالي 60 سم ، بعض هذه الطوب من جدران المنزل نفسه، بينما ربما جُلب بعضها الآخر من مبانٍ أخرى في القرية.
لماذا نحرق ونملأ البيت؟
يدرس الباحثون عدة فرضيات حول الأسباب المحتملة التي أدت إلى احتراق المنزل، من المحتمل أن تكون القمامة والرماد قد تراكما في المناطق المشتركة بالقرية، مما استدعى رفع المنازل لتسهيل الوصول إلى مداخلها، وأوضحوا أن الحرق والردم بالطوب سمحا بتسوية الأرض وتجهيز المنزل لمرحلة بناء جديدة .
أو ربما، كما في العديد من الثقافات القديمة ، كان حرق منزل يُشير إلى نهاية عمره الافتراضي أو حياة سكانه، ويُشيرون إلى أنه قد يكون فعلًا رمزيًا، كأنه وداع مرحلة وبدء أخرى ، ويعزز وجود أشياء ثمينة (مثل سكين حديدية) في طبقة الرماد هذه الفكرة.
حتى حرق الطوب اللبن لتقويته وإعادة استخدامه، وهي ممارسة موثقة في مواقع أخرى، أمر ممكن ويشيرون إلى أنها كانت شكلاً من أشكال الاقتصاد الدائري في عصور ما قبل التاريخ .
للوصول إلى هذه الاستنتاجات، حلل الفريق مقاطع رقيقة من التربة تحت المجهر، مكتشفين قطعًا من الرماد والفحم والطوب اللبن، ثم درسوا كيف أثرت الحرارة على المعادن المغناطيسية للطوب اللبن، مؤكدين ارتفاع درجات الحرارة. وأخيرًا، رسموا خريطة لترتيب الطوب اللبن، واكتشفوا أن أكبرها وُضع أولًا بالقرب من الجدار، مما يدل على عمل منظم.
علاوة على ذلك، كشف الفحم المحفوظ أن السقف كان مصنوعًا من خشب الصنوبر والبلوط، وهما نوعان شائعان في المنطقة، ومن اللافت للنظر أن بعض القطع أظهرت ثقوبًا للحشرات، مما يشير إلى أن الهيكل كان قديمًا عند احتراقه.
نمط متكرر: نار تتجدد
ليس هذا المنزل الوحيد الذي احترق في سيرو دي سان فيسينتي، تُظهر منازل أخرى في الموقع تسلسلات مشابهة، حرائق أعقبها ملء بالطوب اللبن وأرضيات جديدة، وكلها تشير إلى تقاليد معمارية واسعة الانتشار في منطقة دويرو خلال العصر الحديدي.

Trending Plus