أحمد إبراهيم الشريف يكتب: زياد الرحباني.. "هدير البوسطة" المحب للوطن.. كيف تحول رحيل الموسيقار اللبناني الكبير لـ مرثية للنفس.. ولماذا شعرنا بالخطر؟

زياد الرحباني.. "هدير البوسطة" المحب للوطن
زياد الرحباني.. "هدير البوسطة" المحب للوطن

عادة ما أقع في حب الصادقين في حياتهم، في فنهم، في مواقفهم، في رؤيتهم للحياة، وقد كان الموسيقار الكبير زياد الرحباني، الذي رحل فجأة على الرغم من كونه في التاسعة والستين من عمره، رحل مخلفا من ورائه بحرا من الحزن، ومحيطا من الفن، وحياة من محبة الوطن.

أحب الناس زياد الرحباني لكنهم لم يفهموه تماما، وقد قرأت في مكان ما أن أكثر شخص فهم زياد رحباني هو زياد نفسه، وعن نفسي كنت أتعجب منه أحيانا، من مدى صدقه عندما يغني عن الخوف والجوع، وهو ابن العائلة الأشهر في لبنان، كيف يتصرف كأنه الفقير الذي ذاق الخوف والجوع، لكن هكذا هو الفنان دائما.

في كامل هندامه
في كامل هندامه

 

متعدد المواهب


يعرف الناس زياد الرحباني الموسيقى (الملحن والمطرب)، وكثير اكتشفوا بعد موته أن معظم الأغاني التي يحبونها  للفنانة الكبيرة فيروز هي من تلحين ابنها زياد، كما أن تجاربه مع كثير من الفنانين دالة على موهبته ورؤية.
بدأ زياد الإبداع الموسيقي مبكرا منذ كان في الـ 17 من عمره، وغنت له فيروز  "سألوني الناس" من كلمات عمه مصور الرحباني، وكانت موجهة إلى الأب عاصي الرحباني المريض في ذلك الوقت، وتلا ذلك العديد من الإبداع لكل أغنية قصة وخلف كل قصة ألم.

قبلة على خد زياد
قبلة على خد زياد

 

هناك جانب مهم من حياة زياد يتمثل في علاقه بالمسرح، مع كل ما يتطلبه ذلك من تفاني وعمل جدا وإيمان بالقضية، وقدم في ذلك العديد من المسرحيات منها:
سهرية 1973، نزل السرور 1974، بالنسبة لبكرا شو؟ 1978، فيلم أميركي طويل 1980، شي فاشل 1983، بخصوص الكرامة والشعب العنيد 1993، لولا فسحة الامل 1994، ناقش في هذه المسرحيات بطريقة موسيقية وساخرة كل القضايا التي مر بها الوطن من حروب طائفية وأزمات مرت بها لبنان في تاريخها الطويل.
كما ألف ديوانا بعنوان "صديقي الله" هو عمل شعري يعكس رؤيته الخاصة للحياة والدين والإنسان، وهو معروف بأسلوبه العميق والمليء بالتأملات الفلسفية.

وهنا نتوقف مع قصيدة أمي من هذا الديوان الذى كتبه زياد الرحبانى في سن صغيرة جدا يقول في قصيدة أمي التي تعبر عما يجيش في صدره من مشاعر جمعته بوالدته الفنانة الكبيرة فيروز:

اسأل أمي:
إلى أين يأخذك هذا الشال الأبيض؟ / و تقول أمي: إلى الكروم / و أعود و أسألها: أمي هل أذهب معك؟
و تقول لي: سنذهب معا، خذ السلة/ و أنا لا فرحة لي أكبر من أن أحمل السلة / و أخذت السلة و مشينا/ السماء سكرت من لونها الأزرق/ و لبست لونا رماديا / و سألت أمي: أين الكروم / قالت: هناك / و كل ما ليس هنا، يكون هناك

لماذا زياد الرحباني؟


لم يكن زياد الرحباني مجرد فنان بل هو ابن زمنه، لقد انطلق في وقت تعاني فيه لبنان من حروب طائفية واحتلال إسرائيلي، كما أن نشأته في بيت فني يحول العام إلى فن، لذا كانت حساسيته زائدة، وكان إحساسه الدور واضح وملح، وبسبب حسه السياسي الذي ظل مصحوبا به حتى النهاية راح يعيد تقديم الأشياء، راح يسخر من الأفكار أو يعيد تعريفها، وقد صادف ذلك قلوبا متعطشة في شباب العالم العربي، الذي سرعان ما رأى نفسه في زياد رحباني، الذي يقول ما يودون هم قوله.

فيروز تودع زياد
فيروز تودع زياد

الحزن المقيم


كان الموت كامنا دائما في أغاني زياد الرحباني، فقد كان الفراق حاضرا، على أساس أن الفراق هو  الوجه الآخر للحياة، ومع ذلك لم يكن فراقه سهلا، فقد أدخلنا زياد الرحباني في حالة خطرة مع أنفسنا، فمع موته شعرنا بالحزن الشديد، فرثيا أنفسنا عندما رثيناه، فقد كان شاهدا على حياتنا، كان مرآة لما نحب أن نراه في حياتنا من صدق وإخلاص ومن دور فني يجمع بين  الواجب والجمال معا، ويكفيه أنه عاش حياته كما أحب وترك لنا تراثا خالدا.

نعش زياد
نعش زياد

 

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

أستون فيلا يتصدر الأندية الأوروبية الأكثر استفادة من السعودية فى الانتقالات

بدء اختبارات "FIFA TDS" بالتعاون بين الاتحادين الدولى والمصري لكرة القدم

خروج محطة محولات جزيرة الذهب بالكامل مرة أخرى وانقطاع الكهرباء عن الجيزة

طلاب كلية التكنولوجيا والتعليم بجامعة بنى سويف ينفذون مشروع نظام أوتوماتيكي لإدارة صوامع تخزين وتفريغ االحبوب الزراعيه باستخدام plc.. الطلاب: يقلل الفاقد الناتج عن التدخل البشري ويوفر الوقت والجهد.. صور

ألكسندر إيزاك بين حلم ريال مدريد وواقعية ليفربول وخيار البقاء فى نيوكاسل


رئيس فلسطين يثمن موقف الرئيس السيسي من وقف الحرب وإدخال المساعدات لغزة

تنسيق المرحلة الأولى 2025.. إتاحة موقع التنسيق الإلكترونى لتسجيل الرغبات

كواليس نجوم مسلسل كتالوج بطولة محمد فراج وريهام عبد الغفور.. صور

العراق يعيش أجواء ملتهبة.. الحرارة تصل إلى 53 درجة مئوية في مدينة البصرة

الزمالك يعلن رسمياً التعاقد مع المغربى عبد الحميد معالى


أحمد رزق عن تكريمه فى مهرجان الإسكندرية السينمائى: حلم من أحلام الطفوله

أحمد جمال ونسمة عبد العزيز يحييان ثانى ليالى مهرجان صيف الأوبرا اليوم

200 ألف جنيه عقوبة إخفاء أو سحب الكرات أثناء مباريات الدوري

الزمالك يكثف المفاوضات مع بتروجت لضم حامد حمدان

التعليم العالى تعلن فتح باب التقدم لرئاسة 5 جامعات أهلية .. تفاصيل

نائب رئيس برشلونة يستعد للسفر إلى السعودية لقيادة النصر

مهرجان الإسكندرية السينمائى يُكرم الفنانة الكبيرة فردوس عبد الحميد

انفراد.. الكهرباء تضيف دائرتين لـ"جزيرة الذهب" لعدم تكرار أزمة الانقطاعات

المئات يؤدون صلاة الجنازة على مدير أمن الوادي الجديد

مطالبات بإعلان اليوم "حداد رسمى" فى لبنان بسبب رحيل زياد الرحبانى

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى