مصر وفلسطين.. موقف بلا بديل وتوازن وسط مناورات الاحتلال وتوابعه

كل متابع للموقف المصرى تجاه القضية الفلسطينية والحرب على غزة، يدرك أن مصر لم تتصد فقط للعدوان سياسيا ودبلوماسيا وأمنيا، لكنها أيضا كانت منتبهة إلى أن المواجهة هذه المرة تختلف عن المرات السابقة بشكل جذرى، ومنذ اللحظات الأولى لطوفان الأقصى 7 أكتوبر، كانت مصر حاسمة فى إعلان موقفها بناء على معطيات، وليس خيالات أو مزايدات، مصر لم تبحث عن تصفيق أو تداعب خيالات وشعارات مريضة، وانخرطت منذ اللحظات الأولى فى مواجهة متعددة الاتجاهات، وبعد أيام من عملية 7 أكتوبر، من واقع خبرة ومسؤولية.
موقف مصر واضح بإصرارها على رفض تصفية القضية الفلسطينية، خاضت مصر أكثر من حرب داخل هذه الحرب، وحذر الرئيس عبدالفتاح السيسى من التهجير أو التصفية، ولم تكن ظهرت المخططات، وحرصت مصر على فتح معبر رفح ودخول المساعدات الإنسانية وتحويل العريش لمركز لوجستى، لتلقى ودخول المساعدات بكميات كبيرة، وقدمت مصر وحدها شعبيا ورسميا أكثر من ثلاثة أرباع المساعدات الغذائية والطبية.
واجهت مصر أكاذيب الاحتلال الذى دمر وأغلق المعبر من الجانب الفلسطينى، وبدأ يتحرك نحو التهجير، وهو ما انتبهت إليه مصر وأعلنت موقفا حاسما وخطوطا حمراء، انطلاقا من مسؤولية تاريخية، وتصدت لأكاذيب الاحتلال والمنصات المعادية لمصر، والتى كانت تردد طرح الاحتلال لتنفيذ التهجير، وتزعم الدعوة لفتح الحدود لأسباب إنسانية، بينما هم يتبنون وجهة نظر الاحتلال، ومن هنا ربما يكون من المفيد ظهور مزايدات مثل القافلة التى تزعم اختراق الحصار بينما تسعى لفوضى وتشويش وصرف الأنظار عن الهدف الرئيسى.
كل من يعرف مصر وقيادتها وقواتها المسلحة، يعرف أنها قادرة على اتخاذ مواقفها بشكل مستقل، وأنها لا تخضع للتهديد أو التلويح أو المزايدة، وتتحرك نحو أهداف واضحة، لا تهدف منها سوى المصالح الفلسطينية وإنهاء الاحتلال ومسارات حل الدولتين وقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، ولهذا واجهت مصر ولا تزال خطط التهجير من خلال عقد الفعاليات، أولاها مؤتمر القاهرة، بعد أيام من الحرب، وصولا إلى قمة بغداد والبحرين، وقمة القاهرة الطارئة، والتى قدمت مخططا كاملا لإعادة الإعمار والتعافى فى وجود سكان غزة، وهى خطة عربية وإسلامية حظيت بدعم أوروبى ومن دول العالم روسيا والصين، بل إن الموقف الأوروبى تغير بشكل جذرى خلال الشهور الماضية، بفضل التحركات المصرية، للخارجية ومؤسسات المعلومات وبرعاية وتوجيه مباشر من الرئيس عبدالفتاح السيسى ومؤسسة الرئاسة.
الدولة المصرية نجحت فى تحقيق توازن دقيق بين الحفاظ على أمنها القومى والتزاماتها التاريخية والإنسانية تجاه الشعب الفلسطينى، فى قطاع غزة، والضفة، وهنا اتسمت التحركات المصرية بتوازن ودقة، بالرغم من انحياز مصر الواضح للقضية والحق الفلسطينى، استراتيجيا وسياسيا ورسميا وشعبيا، والاختلاف مع الاحتلال والتصدى لمخططاته، وإبراز موقف مستقل ضد التهجير بمواجهة الرئيس ترامب والإدارة الأمريكية، بالرغم من العلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، فقد احتفظت مصر بدور الوسيط الموضوعى، انطلاقا من موقف مبدئى ليس فيه مناورات لتفاوض أو تلاعب بمصالح، وقادت القاهرة تحركات دبلوماسية واسعة، بدءا من قمة القاهرة للسلام، ومرورا بعدة قمم عربية ودولية، ونجحت فى حشد موقف دولى داعم للحل السياسى العادل، ما جعلها محل ثقة دولية وإقليمية، بل نجحت فى تغيير مواقف وصلت إلى إعلان الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون بعد زيارته لمصر اتجاه فرنسا للاعتراف بالدولة الفلسطينية، مع إسبانيا ودول كثيرة بأوروبا وأمريكا اللاتينية.
وتتحرك مصر من خلال توازن العلاقات المصرية مع أطراف إقليمية ودولية كبرى، ساعد على استمرار الوساطة المصرية، مع الاحتفاظ بالمواقف المبدئية، حيث إنها الطرف الأكثر وعيا بتعقيدات الصراع، وتقاطعات وتشابكات أطراف إقليمية ودولية، ولهذا هو موقف بلا بديل.

مقال أكرم القصاص

مصر وفلسطين
مناورات الاحتلال
مصر
فلسطين
القضية الفلسطينية
الحرب على غزة
طوفان الأقصى
الرئيس عبدالفتاح السيسى
دخول المساعدات الإنسانية
معبر رفح
القدس الشرقية
قيام الدولة الفلسطينية
حل الدولتين
روسيا
الصين
قمة القاهرة للسلام
الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون
إسبانيا
قمة بغداد
قمة البحرين
قمة القاهرة الطارئة
الرئيس ترامب
أكرم القصاص
Trending Plus