المجاعة فى غزة تثير المواقف الأوروبية ضد إسرائيل والولايات المتحدة.. بريطانيا وألمانيا تطالبان بإنهاء الكارثة الإنسانية.. فرنسا تعتزم الاعتراف بفلسطين.. وإسبانيا تتحرك بمساعدات مرتقبة وتصف الوضع بـ"العار"

فى ظل وضع إنسانى كارثى يزداد قتامة يومًا بعد يوم، تتصاعد التحركات الأوروبية السياسية والإنسانية لمواجهة المجاعة المتفشية فى قطاع غزة، حيث يهدد شبح الجوع مئات الآلاف، لا سيما من الأطفال والنساء، فى وقت تفرض فيه إسرائيل قيودًا خانقة على دخول المساعدات الإنسانية، وسط صمت دولى متردد.
وأعلنت الحكومة الإسبانية عبر وزير الخارجية خوسيه مانويل ألباريس أنها تستعد لإرسال مساعدات إنسانية عاجلة إلى غزة، عقب موافقة إسرائيل على هدنة إنسانية مؤقتة وفتح ممرات آمنة. وأكد ألباريس أن الوكالة الإسبانية للتعاون الإنمائى الدولى (AECID) مستعدة لتوفير كل ما يلزم من دعم غذائى وطبى، واصفًا الوضع الإنسانى فى القطاع بـ"العار الجماعي". وقال: "يموت الناس جوعًا يوميًا، و100 ألف طفل و40 ألف رضيع معرضون لخطر الموت، يجب على إسرائيل السماح بمرور دائم وغير مشروط للمساعدات الإنسانية".
وأعلن الوزير أن مدريد ستستغل مشاركتها فى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع المقبل للدفع باتجاه الاعتراف بالدولة الفلسطينية، تماشيًا مع مواقف دول أوروبية، أبرزها فرنسا، التى أعلنت نيتها الاعتراف بفلسطين رسميًا فى الأمم المتحدة خلال سبتمبر المقبل.
ويأتى هذا الحراك فى سياق تصاعد الأصوات الأوروبية المطالبة بإنهاء المأساة الإنسانية، حيث أصدرت مجموعة الدول الأوروبية الثلاث (E3 – فرنسا وألمانيا وبريطانيا – بيانًا مشتركًا شدد على "الوضع المزري" فى غزة. وفى محادثة هاتفية، دعا قادة الدول الثلاث إلى وقف إطلاق نار فورى ورفع القيود الإسرائيلية المفروضة على دخول المساعدات.
وأكد رئيس الوزراء البريطانى كير ستارمر أن بلاده بدأت التعاون مع دول الجوار، مثل الأردن، لإيصال مساعدات جوية وإجلاء الأطفال المصابين، مشددًا على ضرورة تحويل الهدنة المؤقتة إلى سلام دائم بمشاركة إقليمية ودولية.
وفى مشهد يعكس حجم الكارثة، أشارت تقارير صادرة عن برنامج الغذاء العالمى إلى أن ثلث سكان غزة لا يحصلون على طعام كافٍ، بينما يحتاج نحو 90 ألف طفل وامرأة لعلاج عاجل من سوء التغذية. ووفق مصادر طبية، توفى ما لا يقل عن 50 شخصًا – غالبيتهم من الأطفال – بسبب الجوع فقط فى الأسابيع الأخيرة، فى حين توفى 12 طفلًا فقط لنفس الأسباب خلال الخمسة أشهر الأولى من العام.
ونشرت صحيفة لا ديموقراطا الإسبانية نشرت تقريرًا حذرًا قالت فيه أن الأوضاع فى غزة "غير مقبولة على الإطلاق"، مشيرة إلى تضاعف حالات سوء التغذية الحاد بين الأطفال أربع مرات خلال شهرين، وثلاث مرات إضافية خلال أسبوعين فقط، بحسب منظمة أطباء بلا حدود. ونقلت عن منسقة الطوارئ فى غزة قولها: "ما نراه يفوق الوصف، شعب يُجبر على الجوع تحت القصف، والناس يتصارعون على فتات الطعام".
من جهتها، أكدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن حتى طواقمها بدأت تعانى من نقص الماء والغذاء، فيما وصفت رئيستها ميريانا سبولياريتش الوضع قائلة: "أى تردد سياسى الآن سيسجل كعار على ضمير الإنسانية".
وأشار مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) إلى أن النساء والأطفال وكبار السن والمرضى هم الأكثر تضررًا، موضحًا أنه من أصل 15 محاولة لإدخال مساعدات، سُمح بخمس فقط، فيما يهدد نقص الوقود بتوقف محطات المياه والمطابخ المجتمعية.
ويؤكد تصاعد الحراك الأوروبى والدولى أن الوضع فى غزة بلغ مرحلة حرجة، تتطلب تحركًا فوريًا وإنهاء حالة الشلل السياسى. فكل يوم تأخير يعنى مزيدًا من الأرواح التى تُزهق جوعًا، ووصمة أكبر على جبين العالم.

Trending Plus