انطلاق موسم جنى "الذهب الأبيض" في الفيوم أول أغسطس.. المحافظة لها تاريخ طويل في إنتاج المحصول الاستراتيجي.. وتوفير أماكن تخزين مناسبة لتسهيل عملية نقل الأقطان من الحقول إلى المحالج

مع اقتراب فصل الخريف، تتجه الأنظار نحو حقول القطن المصرية، التى بدأت أزهارها البيضاء فى التفتح، معلنةً عن العد التنازلى لبدء موسم جنى القطن لعام 2025، حيث هذا الموسم حدثًا محوريًا ليس فقط للمزارعين، بل للاقتصاد الوطنى بأكمله، حيث يعرف القطن بـ "الذهب الأبيض" لمساهمته التاريخية والاقتصادية.
تبدو التوقعات لهذا العام مبشرة، مع جهود مكثفة لضمان جودة المحصول وكميته، مدفوعة بآمال متجددة فى استعادة القطن المصرى لمكانته المرموقة عالميًا.
و تستعد حقول محافظة الفيوم لاستقبال أحد أهم مواسمها الزراعية، حيث ينطلق حصاد القطن رسميًا فى الأول من أغسطس المقبل، وسط توقعات بموسم وفير يغذى آمال التعافى لـ"الذهب الأبيض" فى المحافظة.
و تعد الفيوم من المحافظات الرائدة فى زراعة القطن، ولها تاريخ طويل فى إنتاج هذا المحصول الاستراتيجى، مع اقتراب الموعد، تشتد وتيرة الاستعدادات فى حقول الفيوم، ويعمل المزارعون على قدم وساق لضمان جاهزية المحصول لعملية القطف، والتى تعد مرحلة حاسمة تؤثر بشكل مباشر على جودة الألياف.
و تشمل هذه التجهيزات التأكد من نضج اللوزات بشكل كامل، وخلو الحقول من أى شوائب أو حشائش قد تختلط بالقطن أثناء الجنى.
ويعد اختيار الأول من أغسطس موعدًا مثاليًا، حيث يسمح للمحصول بالوصول إلى أعلى درجات النضج، مما يضمن الحصول على ألياف قطنية قوية وذات جودة عالية، وهو ما يميز القطن المصرى فى الأسواق العالمية.
و يعلق مزارعو الفيوم آمالًا عريضة على هذا الموسم، متطلعين إلى أسعار عادلة ومجزية تُعوض جهدهم وتكاليف زراعة المحصول. جدير بالذكر أن القطن ليس مجرد محصول زراعى فى الفيوم، بل هو جزء من التراث الاقتصادى والاجتماعى للمحافظة، ورافد أساسى للدخل لآلاف الأسر.
وعلى امتداد الدلتا والوجه القبلى، يعكف المزارعون على وضع اللمسات الأخيرة قبل بدء عملية الجنى، يتم إزالة أى حشائش أو شوائب قد تؤثر على جودة القطن، وهو اهتمام ليس وليد الصدفة، بل هو نتاج وعى متزايد بأهمية الجودة فى تسويق القطن وتحقيق أعلى العوائد.
و يعدد اختيار توقيت الجنى من الأمور الحاسمة، حيث يحرص المزارعون على بدء العملية بعد تفتح اللوز بشكل كامل لضمان الحصول على ألياف ناضجة وقوية.
و هناك توجه ملحوظ نحو تدريب العمالة على الطرق المثلى للجنى اليدوى، والذى لا يزال يُفضل فى العديد من المناطق للحفاظ على نقاء الألياف، وفى المساحات الأكبر، يتوقع زيادة فى استخدام الآلات الحديثة لجنى القطن، مما يساهم فى سرعة الإنجاز وتقليل التكاليف على المدى الطويل.
و ليست الحقول وحدها من تستعد، فالمحالج، وهى القلب النابض لعملية ما بعد الجنى، تعمل على قدم وساق، جرى عمليات صيانة شاملة للآلات والمعدات لضمان كفاءة عملية الحلج وفصل الألياف عن البذور، فكلما كانت عملية الحلج أكثر دقة، زادت قيمة القطن الخام وجاهزيته لعمليات الغزل والنسيج.
على الجانب الآخر، تتأهب المحالج فى جميع أنحاء الجمهورية، لاستقبال الكميات المتوقعة من القطن الخام، وتُجرى عمليات صيانة وفحص شاملة لجميع الآلات والمعدات لضمان كفاءة عملية الحلج وفصل الألياف عن البذور بأعلى دقة ممكنة، فكلما كانت عملية الحلج نظيفة وفعالة، زادت القيمة السوقية للقطن وزادت قدرته على المنافسة.
ويتوقع أن تكون المحالج مجهزة لاستقبال كميات كبيرة من القطن هذا الموسم، وهو ما يعكس التفاؤل بزيادة المساحات المزروعة والإنتاجية المتوقعة.
لا تقتصر الاستعدادات على الجانب الميكانيكى فحسب، بل تمتد لتشمل الجانب اللوجستى، من توفير أماكن تخزين مناسبة إلى تسهيل عملية نقل القطن من الحقول إلى المحالج بسلاسة.
أكد معهد بحوث القطن على أتم الاستعداد لاستقبال المحصول، مع التنسيق الكامل لتسهيل عملية نقل القطن من الحقول إلى المحالج، وضمان سير العملية بسلاسة ويسر، تجنبًا لأى تكدسات أو تأخيرات قد تؤثر على جودة المحصول.
و يحمل موسم جنى القطن 2025 معه آمالًا عريضة فى تحقيق عائدات مجزية للمزارعين، وتوفير كميات كافية من الخام للصناعات المحلية والدولية، فجودة القطن المصرى، خاصة طويل التيلة، تجعله سلعة مرغوبة عالميًا، مما يفتح الأبواب أمام فرص تصديرية واعدة، ومع ذلك، لا يخلو الأمر من بعض التحديات المتوقعة.
و يبقى التغير المناخى وتقلبات الطقس من العوامل التى قد تؤثر على المحصول، مما يتطلب مرونة فى التعامل مع هذه الظروف.
كما أن ضمان تسويق المحصول بأسعار عادلة ومجزية للمزارعين يظل تحديًا مستمرًا يتطلب تضافر الجهود من جميع الأطراف المعنية.
و يمثل موسم جنى القطن 2025 أكثر من مجرد حدث زراعى، إنه تجسيد لإرث طويل من زراعة "الذهب الأبيض" فى مصر، ومع كل لوزة قطن تُجنى، تتجدد الآمال فى مستقبل مزدهر لهذا المحصول الاستراتيجى، الذى لطالما كان رافدًا مهمًا للاقتصاد الوطنى ومصدرًا للفخر بجودة المنتج المصرى عالميًا.

Trending Plus