فى غياب أمريكى.. مؤتمر "حل الدولتين" ينطلق من نيويورك.. ماكرون يتعهد بالاعتراف بفلسطين ومصر تشارك فى التحضيرات لضمان عدم تهميش القضية.. وواشنطن ترفض الحرج لإسرائيل وتحذر من التحركات الدولية دون تنسيق معها

ينطلق غدًا الاثنين في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، المؤتمر الوزاري لحل الدولتين، برئاسة وزيري الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، والسعودي الأمير فيصل بن فرحان، كمقدمة مهمة لعقد مؤتمر دولي، في باريس، أو في نيويورك على هامش الاجتماعات رفيعة المستوى للدورة السنوية الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة في النصف الثاني من سبتمبر المقبل، في ظل جهود متواصلة لنيل دولة فلسطين اعترافاً من دول أوروبية رئيسية، وأبرزها فرنسا، ضمن خطة تشمل خطوات أخرى لإحلال السلام بين الدول العربية وإسرائيل.
ويشارك في المؤتمر وزراء خارجية وممثلي أكثر من 100 دولة، في محاولة لإعادة إحياء المسار السياسي لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وسط تصاعد الغضب العالمي من استمرار الحرب في قطاع غزة والمجاعة التي تهدد حياة المدنيين.
المؤتمر، الذي يستمر لمدة يومين، يأتي بدعوة مشتركة من فرنسا والسعودية، ويحمل دلالة رمزية وسياسية كبرى كونه يعقد على أرض الأمم المتحدة، بما يمنحه صبغة دولية رسمية، ويضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته تجاه إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967.
كان الاجتماع قد أجل سابقًا في يونيو بعد أن شنت إسرائيل ضربات على إيران، واستمرت الحرب بين إسرائيل وإيران 12 يومًا، و توصل الجانبان إلى وقف لإطلاق النار، بوساطة إدارة ترامب، في 24 يونيو، وضربت الولايات المتحدة ثلاثة مواقع نووية في إيران في 21 يونيو.
وكانت إدارة ترامب قد انتقدت المؤتمر في وقت سابق، وحثت الحلفاء على عدم الحضور، وحذرت من أن الدول التي تحضر قد تواجه عواقب من واشنطن.
وجاء في برقية دبلوماسية أميركية داخلية اطلعت عليها رويترز "نحن نحث الحكومات على عدم المشاركة في المؤتمر الذي نعتبره مضادا للإنتاجية للجهود الجارية لإنقاذ الأرواح من أجل إنهاء الحرب في غزة وتحرير الرهائن" .
وأضاف المسؤولون الأمريكيون في البرقية أن "الولايات المتحدة تعارض أي خطوات من شأنها الاعتراف من جانب واحد بدولة فلسطينية مفترضة، وهو ما يضيف عقبات قانونية وسياسية كبيرة أمام الحل النهائي للصراع وقد يجبر إسرائيل أثناء الحرب، وبالتالي يدعم أعدائها".
وقالت البرقية، نحث الحكومات على عدم المشاركة في المؤتمر، الذي نعتبره غير مجد للجهود المبذولة لإنقاذ الأرواح وإنهاء الحرب في غزة وتحرير الرهائن.
وأضافت البرقية: تعارض الولايات المتحدة أي خطوات من شأنها الاعتراف من جانب واحد بدولة فلسطينية مفترضة، مما سيضيف عراقيل قانونية وسياسية كبيرة أمام الحل النهائي للصراع ويضغط على إسرائيل في أثناء حرب، وبالتالي يدعم أعداءها.
كما أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أن الولايات المتحدة لن تشارك في مؤتمر الأمم المتحدة المقرر عقده الأسبوع المقبل بهدف تعزيز الجهود الرامية إلى التوصل إلى حل الدولتين بين إسرائيل وفلسطين.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية تومي بيجوت خلال إفادة صحفية يوم الخميس إنه ليس لديه ما يضيفه" بشأن القمة المقرر عقدها في مدينة نيويورك يومي 28 و29 يوليو باستثناء القول إننا لن نكون حاضرين في هذا المؤتمر".
ودعمت الولايات المتحدة لعقود حل الدولتين بين الإسرائيليين والفلسطينيين، والذي من شأنه أن ينشئ دولة للفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة إلى جانب إسرائيل.
وكان ترامب في ولايته الأولى غير متحمس نسبيا لحل الدولتين، الذي يعد ركيزة راسخة في السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، ولم يبد الرئيس الجمهوري أي إشارة تذكر إلى موقفه من هذه القضية في ولايته الثانية.
لكن السفير الأمريكي لدى إسرائيل مايك هاكابي، وهو مؤيد قوي لإسرائيل منذ زمن، قال يوم الثلاثاء إنه لا يعتقد بأن قيام دولة فلسطينية مستقلة لا يزال هدفا للسياسة الخارجية الأمريكية.
على الجانب الآخر، تتبنى فرنسا موقفًا أكثر جرأة، حيث قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنه سيعلن قرار الاعتراف رسميا بدولة فلسطين أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل.
وأضاف ماكرون، عبر منصتي إكس وإنستجرام، أن فرنسا قررت أن تعترف بفلسطين وفاء بالتزامها التاريخي بتحقيق السلام العادل والدائم في الشرق الأوسط، مؤكداً أن الحاجة الملحة اليوم هي إنهاء الحرب في غزة وإنقاذ المدنيين.
وقال ماكرون خلال لقاء مع سفراء بلاده: "لا يمكن أن يكون هناك أمن لإسرائيل دون عدالة للفلسطينيين، حل الدولتين هو الطريق الوحيد للسلام".
ومن المتوقع أن يصدر عن المؤتمر بيان ختامي يدعم إقامة الدولة الفلسطينية، مع الإشارة إلى ضرورة اتخاذ خطوات عملية على الأرض، قد تبدأ من خلال اعترافات متتالية من عدة دول أوروبية بدولة فلسطين، في تحرك منسق يُحتمل الإعلان عنه في سبتمبر المقبل خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وتلعب مصر دورًا محوريًا في المؤتمر، حيث شاركت في التحضير لأعماله، وحرصت على تضمين عدد من القضايا الأساسية في جدول أعماله، أبرزها: وقف العدوان الإسرائيلي على غزة، ضمان وصول المساعدات الإنسانية، ودعم إعادة هيكلة مؤسسات الحكم الفلسطيني لتكون مؤهلة لإدارة الدولة المستقلة مستقبلًا.
ورغم غياب أمريكا، إلا أن المؤتمر يحظى بزخم دبلوماسي واسع، وينظر إليه كمقدمة لقمة دولية موسعة في سبتمبر المقبل، على هامش اجتماعات الجمعية العامة، قد تشكل خلالها آلية دولية جديدة لمتابعة تنفيذ خطوات إقامة الدولة الفلسطينية، وضمان عدم تهميش القضية الفلسطينية في أي ترتيبات إقليمية مقبلة.
وبينما يظل المستقبل السياسي للمنطقة معلقًا على مدى قدرة الأطراف الدولية على التفاهم، تبقى القضية الفلسطينية بعد عقود من الجمود على طاولة العالم من جديد، بفضل مبادرات تقودها قوى إقليمية ودولية، ورغبة شعبية جارفة في إنهاء الاحتلال ورفع الظلم عن الشعب الفلسطيني.

Trending Plus