انقسامات الداخل الإسرائيلى تتصاعد.. انسحاب حزب"يهدوت هتوراه" يربك الائتلاف الحاكم.. أصوات تطالب بوقف الحرب ونتنياهو يواصل العناد.. زعيم المعارضة: الحرب فشلت ومظاهرات فى تل أبيب

وسط أزمة إنسانية متدهورة، تتصاعد الأصوات داخل المجتمع الإسرائيلي وبين قياداته السياسية لدعوة حكومة نتنياهو لإنهاء الحرب في غزة، هذه الدعوات تقابل مقاومة قوية من نتنياهو وتحالفاته اليمينية، وسط نفور متزايد من طريقة إدارة الصراع داخليًا وخارجيًا.
في ظل تصاعد الكلفة البشرية والسياسية والمالية للحرب الإسرائيلية على غزة، برزت في الأسابيع الأخيرة أصوات إسرائيلية قوية تدعو بشكل مباشر إلى إنهاء العمليات العسكرية، في وقت تزداد فيه حدة الخلافات داخل الحكومة الإسرائيلية، لا سيما مع تفكك الائتلاف الحاكم وخروج حلفاء رئيسيين من عباءة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وتتصدر المعارضة السياسية، هذه الدعوات حيث تلقى صدى داخل المؤسسة العسكرية، تعكس حجم الانقسام الداخلي المتصاعد بشأن أهداف الحرب وفاعليتها، خصوصًا في ظل غياب استراتيجية واضحة أو مخرج سياسي يحقق ما تسميه الحكومة "النصر الكامل".
ووصف زعيم المعارضة الاسرائيلى يائير لابيد، استمرار الحرب بأنه "فشل استراتيجي"، مؤكدًا أن إسرائيل باتت تدور في دائرة مفرغة ، وأن الرهائن ما زالوا في قبضة حماس، والجنود يسقطون دون إنجاز حقيقي، فيما تتعرض الدولة لعزلة متزايدة.
و طرح لابيد خارطة طريق لإنهاء الحرب تشمل وقف إطلاق نار مؤقت برعاية دولية، وصفقة تبادل شاملة للأسرى، يليها تشكيل إدارة انتقالية لغزة بقيادة عربية، على رأسها مصر، على أن تتعهد إسرائيل بعدم العودة إلى الحرب إلا دفاعًا عن النفس، وهي رؤية تلقى قبولًا في بعض الأوساط العسكرية، لكنها تقابل بتعنت حكومي.
ودعا يائير لابيد، زعيم المعارضة في الكنيست الإسرائيلي، الحكومة إلى إنهاء الحرب في غزة على الفور، واصفاً إياها بأنها ليست نصراً كاملاً؛ بل كارثة كاملة .
وقال لابيد مساء الاثنين: "إذا لم ننه الحرب الآن، فلن يعود الرهائن، وسنواصل فقدان أفضل مقاتلي الجيش الإسرائيلي، وستتفاقم الكارثة الإنسانية، وسينغلق العالم في وجه الإسرائيليين"، وفقاً لما ذكرته وكالة "أسوشييتد برس"الأمريكية.
كما نقلت وسائل إعلام إسرائيلية، تصريحات من مصادر عسكرية تشير إلى أن الجيش فقد "العنصر العملياتي" الواضح في غزة، وأنه أنهى معظم المهمات التي يمكن تنفيذها ميدانيًا، مع بقاء القرار السياسي هو العائق أمام الخروج من المأزق، حيث أشار رئيس الأركان الإسرائيلي في جلسات مغلقة إلى أن "الجيش ليس الأداة لحل أزمة سياسية"، مما يعني أن هناك إحساسًا داخل المؤسسة الأمنية بأن الحكومة تُطيل أمد الحرب لأغراض تتجاوز البعد العسكري.
ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال اليوم الاثنين عن مصدر مطلع أن رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير قال للحكومة إن مزيدا من العمليات في قطاع غزة سيهدد حياة الإسرائيليين المحتجزين، وقال المصدر إن زامير أبلغ الحكومة أنه يفضل صفقة لإطلاق سراح المحتجزين في غزة.
من جهتها، قالت إذاعة الجيش الإسرائيلي اليوم إن الجيش أبلغ القيادة السياسية أن من غير الممكن حاليا تحقيق هدفي الحرب معا، وأن الجيش يرى أنه يجب إعادة "المختطفين" الإسرائيليين في غزة أولا.
وفي تطور لافت، انسحب حزب "يهدوت هتوراه" من الائتلاف الحاكم مؤخرًا، احتجاجًا على رفض نتنياهو تقديم إعفاءات إضافية لطلاب المعاهد الدينية من الخدمة العسكرية، مما أفقد الحكومة الأغلبية البرلمانية، وفتح الباب أمام احتمالات انهيارها.
كما عبر وزراء سابقون وأعضاء في حزب "الليكود" نفسه عن تململهم من استمرار الحرب دون أفق سياسي، محذرين من أن تعنت نتنياهو قد يقود البلاد إلى كارثة استراتيجية داخلية وخارجية .
ورغم هذه الانقسامات، لا يزال نتنياهو يصر على مواصلة الحرب حتى "القضاء الكامل على حماس"، رافضًا المقترحات الدولية والعربية الداعية لوقف العمليات وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، وهو ما عرضه لانتقادات دولية لاذعة، خصوصًا بعد تصريحاته التي نفى فيها وجود مجاعة في غزة، رغم التقارير الأممية التي تشير إلى عكس ذلك.
في الداخل، لم تتوقف التظاهرات في تل أبيب ومناطق أخرى، حيث يقود أهالي الأسرى المحتجزين لدى حماس احتجاجات أسبوعية تطالب الحكومة بإبرام صفقة تبادل "مهما كلف الثمن"، مؤكدين أن "أبناءهم ليسوا أوراقًا سياسية في لعبة نتنياهو".
أما خارجيًا، فقد دعا الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والرئيس الفرنسي ماكرون إلى وقف الحرب الفوري، معتبرين أن استمرارها يقوض فرص التهدئة ويزيد من عزلة إسرائيل في المجتمع الدولي.

Trending Plus