حرب أهلية داخل كرة القدم العالمية بسبب ضغط المباريات

يشهد عالم كرة القدم فى الوقت الحالي أزمة متصاعدة بسبب ازدحام التقويم الكروي بشكل غير مسبوق، حيث تتصاعد الخلافات بين مختلف الجهات المسؤولة عن اللعبة من اتحادات ونقابات وأندية ودوريات محلية ودولية بسبب تضارب المواعيد وكثرة البطولات المستحدثة. فيما يجد اللاعبون أنفسهم وسط عاصفة من الضغوط التي تهدد صحتهم ومستقبلهم المهني.
ويعد هذا الخلاف واحدًا من أكبر التحديات التي تواجه كرة القدم الحديثة، بحسب تقرير صحفية "آس" الإسبانية، إذ تتزايد الأصوات المحذرة من وصول التقويم الكروي إلى مرحلة الإنهاك التام نتيجة تضاعف عدد المباريات بشكل غير مسبوق، وهو ما أثار جدلاً واسعًا في الأشهر الأخيرة حتى بات يوصف بأنه بداية لحرب أهلية داخل كرة القدم العالمية.
النقابات الممثلة للاعبين بدأت ترفع نبرة خطابها بشكل غير مسبوق، موجهة انتقادات لاذعة للمؤسسات التى تدير اللعبة عالميًا، فيما تحاول هذه المؤسسات الدفاع عن مصالحها الاقتصادية التي تجنيها من تنظيم البطولات، بينما تتمسك الدوريات المحلية بمواقفها وترفض التنازل عن مواعيد مبارياتها، منتقدة البطولات المستحدثة التي تضيف المزيد من الأعباء على الأندية واللاعبين.
بطولة كأس العالم للأندية الأخيرة أثارت أزمة كبرى بالنسبة للكثيرين، فقد وصفها الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" بالبطولة الناجحة واحتفى بها قطاع واسع من الجماهير لما قدمته من متعة كروية، إلا أنها فى المقابل دفعت العديد من الأندية لخوض عدد قياسي من المباريات في موسم واحد.
نقابة اللاعبين العالمية "FIFPro"، التي تضم نحو 70 نقابة تمثل حوالي 65 ألف لاعب محترف حول العالم، وجهت انتقادات شديدة اللهجة لـ"فيفا"، مؤكدة أن كرة القدم تسير نحو نموذج يهدد صحة اللاعبين ويهمش من هم أساس اللعبة الحقيقي.
وتعود جذور المشكلة إلى سنوات عدة مضت، حيث يطالب ممثلو اللاعبين بإجراء إصلاحات حقيقية تضمن فترات راحة مناسبة، فيما تقول "فيفا" إنها لم تقف مكتوفة الأيدي وإنها عقدت اجتماعات مع عدة نقابات، خلال بطولة كأس العالم للأندية الماضية، وخلصت إلى ضرورة اتخاذ حزمة من الإجراءات التي تهدف إلى حماية صحة اللاعبين.
ومن بين هذه الإجراءات التي تعهدت بها المؤسسة الكروية الأولى في العالم فرض فترة راحة إلزامية لا تقل عن 72 ساعة بين المباريات، وإجازة لا تقل عن 21 يومًا بين المواسم، وزيادة تمثيل اللاعبين ونقاباتهم في الهيئات التي تتخذ القرارات.
ومع ذلك، لا توجد لوائح واضحة وملزمة سواء على المستوى المحلي أو الدولي في هذا الشأن، إذ تقتصر في كثير من الأحيان على توصيات أو أعراف غير مكتوبة لا يتم الالتزام بها بشكل صارم، هذه المطالب وما يصاحبها من تعنت من الجهات المنظمة تسببت في نزاعات متكررة خلال الفترة الأخيرة.
أما خافيير تيباس رئيس رابطة الدوري الإسباني فكان من أبرز المنتقدين لفكرة استحداث بطولات جديدة مثل كأس العالم للأندية، لكنه في المقابل لم يبدِ مرونة في تغيير مواعيد مباريات الدوري الإسباني.
ويرى تيباس بحسب التقرير أن السؤال يجب أن يوجه إلى "فيفا" و"يويفا" عن سبب عدم تعديل مواعيد بطولاتهما الدولية والقارية بما يضمن راحة اللاعبين، بدلاً من أن تكون البطولات المحلية هي الجهة الوحيدة التي تقدم تنازلات في هذا الصدد.
وفي هذا السياق، طلب ريال مدريد تأجيل انطلاق موسمه في الدوري الإسباني من 19 أغسطس بحجة أن الفترة الفاصلة بين مباراته الأخيرة في كأس العالم للأندية التي أقيمت في 9 يوليو وبداية الدوري لا تمنح اللاعبين فترة الإجازة الدنيا وهي 21 يومًا، إضافة إلى فترة إعداد كافية قبل موسم طويل.
إلا أن النادي الملكي ليس الأكثر تضررًا؛ إذ أن باريس سان جيرمان، الذي خاض نهائي كأس العالم للأندية في 13 يوليو، سيخوض مباراة كأس السوبر الأوروبي في 13 أغسطس، بينما سيبدأ منافسه في النهائي تشيلسي مشواره في الدوري الإنجليزي الممتاز في 17 أغسطس، في إشارة واضحة إلى أن البطولات المحلية لا ترغب في التنازل عن مواعيدها.
ويؤدي هذا الوضع إلى خوض الأندية عددًا هائلًا من المباريات سنويًا، فقد أكدت "فيفا" العام الماضي، مستندة إلى تقرير صادر عن مرصد كرة القدم، أن الأندية لم تكن تخوض عددًا أكبر من المباريات عما كانت عليه في السابق.
وضربت مثالًا بريال مدريد الذي لم يكن قد تجاوز الرقم القياسي للمباريات الرسمية في موسم 2000-2001 والذي بلغ 66 مباراة في موسم شهد مرحلتين من دور المجموعات بدوري الأبطال وبداية مبكرة في كأس الملك من دور الـ64 بمباريات ذهاب وإياب.
غير أن النادي الملكي تمكن هذا الموسم من كسر ذلك الرقم القياسي بخوضه 68 مباراة في سبع بطولات مختلفة هي الدوري الإسباني وكأس الملك والسوبر الإسباني ودوري أبطال أوروبا والسوبر الأوروبي وكأس الإنتركونتيننتال وكأس العالم للأندية، وكان يمكنه الوصول إلى 72 مباراة لو بلغ نهائي دوري الأبطال.
هذه المؤشرات المقلقة تعزز مواقف النقابات التي أصبحت أكثر قلقًا وتصعيدًا في خطابها نتيجة شعورها بالتجاهل من قبل الجهات المنظمة، وهو ما قد يدفع كرة القدم الحديثة إلى حافة الانهيار إذا لم يتم التوصل إلى حلول جذرية لهذه الأزمة المتفاقمة.

Trending Plus