تدهور الأوضاع الإنسانية بالكونغو الديمقراطية.. نحو 35 ألف إصابة بالكوليرا فى 2025.. إغلاق 20 موقعا للنزوح فى "جوما" وترك 700 ألف شخص دون مأوى.. وتوثيق 10 آلاف حالة اغتصاب شهرى يناير وفبراير بينهم 45% من الأطفال

بعد شهور من تجدد الحرب في جمهورية الكونغو الديمقراطية، التي اندلعت في إقليم شرق الكونغو الغني بالمعادن، تتسارع حالة الطوارئ الصحية، خاصة مع تزايد حالات الاشتباه بالإصابة بالكوليرا، في ظل انهيار كبير للأوضاع الإنسانية في الكونغو التي يعاني مواطنيها من تدهور الأوضاع في ظل نقص التمويل لدعم العمليات الإنسانية.
فمنذ يناير الماضى، تم الإبلاغ عن أكثر من 35 ألف حالة يشتبه بإصابتها بالكوليرا وما لا يقل عن 852 حالة وفاة مرتبطة بها، بمعدل أكثر من أربع وفيات كل يوم وزيادة بنسبة 62% مقارنة بعام 2024.
وبعد سيطرة مقاتلي حركة 23 مارس، على جوما في يناير، أُمر المدنيون بالعودة إلى قراهم خلال 72 ساعة، ومنذ ذلك الحين، عاد أكثر من 3.16 مليون شخص ليجدوا منازلهم مدمرة، ونظام الإغاثة على وشك الانهيار.
ودمرت الأعمال العسكرية، شبكات المياه، بما فيها مرافق التخزين، تاركة العائلات تشرب من الجداول الملوثة والبحيرات الراكدة، وانهارت الخدمات الصحية الأساسية، وخرجت المستشفيات عن الخدمة وشهدت نقصا كبير في الأدوية، ودُمّرت أنظمة الصرف الصحي، في بعض المناطق الأكثر تضررًا، مثل ساكي ومينوفا، يتشارك 500 شخص الآن صنبور مياه واحد.
ومن جهته قال الدكتور ماننجي مانجوندو، مدير منظمة أوكسفام في جمهورية الكونغو الديمقراطية: "هذه حالة طوارئ صحية عامة شاملة، تعود العائلات إلى الخراب، بلا مأوى، بلا مراحيض، بلا مياه نظيفة، في مناطق عديدة، غمرت المياه المراحيض أو جُرِّدت من محتواها لاستخدامها كحطب للتدفئة، مما أجبر الناس على قضاء حاجتهم في العراء وتلويث مصدر المياه الوحيد المتاح، المستشفيات خالية من الأدوية، ولا نستطيع إيصال حتى أبسط المساعدات إلى المجتمعات المعزولة".
وفي منطقة أوفيرا بجنوب كيفو، تتفاقم حالات الإصابة بالكوليرا، حيث تُبلغ عن 100 حالة جديدة يوميًا، وتغمر مياه الفيضانات من بحيرة تنجانيقا المنازل، وتفيض المراحيض في البحيرة، حتى مع اضطرار العائلات لشرب مياهها.
لقد أدى الإغلاق القسري وتدمير أكثر من 20 موقعًا للنزوح في جوما وحدها إلى ترك 700 ألف شخص بدون مأوى آمن أو مياه نظيفة أو صرف صحي أساسي.
وفي روسايو ولوشاجال وبهيمبا، حيث كانت منظمة أوكسفام تدعم أكثر من 100 ألف شخص، تم تدمير مواقع بأكملها أو التخلي عنها، بما في ذلك البنية التحتية للمياه والصرف الصحي بقيمة تزيد عن 700 ألف دولار، مثل خطوط الأنابيب والمراحيض والخزانات.
رغم وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة، أدى انعدام الأمن وحواجز الطرق والاشتباكات المستمرة إلى قطع طرق الإمداد الحيوية، مما أدى إلى انقطاع وصول السكان إلى الغذاء والمياه النظيفة والأدوية الضرورية للحياة.
وتُضطر وكالات الإغاثة، مثل أوكسفام، الآن إلى اللجوء إلى رواندا، مما يعيق جهود الإغاثة بشدة، كما أُغلقت الحدود عبر بوروندي تمامًا.
وكشف بيان صادر عن أوكسفام، أن التخفيضات الحادة في المساعدات منذ بداية عام 2025 أثر سلبا على الاستجابة الإنسانية ودفعها إلى حافة الانهيار.
ولم تتسلم المنظمات الإنسانية، حتى الآن سوى جزء ضئيل من مبلغ 2.54 مليار دولار المطلوب هذا العام كمساعدات إنسانية في جمهورية الكونغو الديمقراطية، مما أجبر وكالات مثل أوكسفام على تقليص عملياتها الإنسانية أو تعليقها، حتى تحقيق الأمم المتحدة في جرائم حرب محتملة جُمّد بسبب نقص التمويل.
وقال بالومي لوتر، قائد فريق هندسة الصحة العامة في منظمة أوكسفام في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية: "يعاني الناس لأننا لا نستطيع الوصول إليهم، إنهم يشربون من مصادر مياه ملوثة، ونفتقر إلى الموارد اللازمة لتقديم حتى المساعدات الأساسية، في بعض القرى، تحتاج 15,000 أسرة إلى المساعدة، لكننا لا نستطيع دعم سوى 500 أسرة، نضطر إلى اتخاذ خيارات مستحيلة، تاركين الآلاف خلفنا".
وتتزايد خطورة الوضع بالنسبة للنساء والفتيات، فمنذ خفض تمويل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، فقد أكثر من 8200 شخص مصاب بفيروس نقص المناعة البشرية إمكانية الحصول على العلاج المضاد للفيروسات، وتختفي مجموعات الرعاية الطارئة بعد الاغتصاب، حتى مع الإبلاغ عن اغتصاب طفل كل نصف ساعة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وفقًا لليونيسف.
رغم انهيار نظام المساعدات، تواصل منظمة أوكسفام وشركاؤها تقديم مساعدات منقذة للحياة، من خلال بناء شبكات المياه، وبناء المراحيض، وتوزيع الصابون ومستلزمات النظافة، والأغذية، والبذور، إلا أن هناك حاجة ماسة إلى تمويل عاجل للوصول إلى 400 ألف شخص في المناطق المعرضة لخطر الكوليرا.
وما لا يقل عن 700 ألف شخص يقيمون في 20 مخيماً في جوما دون مأوى أو طعام أو ماء، وفقاً للمفوضية العليا للأمم المتحدة لشئون اللاجئين.
وبعد 26 أسبوعًا من حلول عام 2025، سجلت وزارة الصحة العامة والنظافة والرعاية الاجتماعية في جمهورية الكونغو الديمقراطية 33864 حالة إصابة بالكوليرا و757 حالة وفاة، وأضيفت إليها 2085 حالة إصابة و95 حالة وفاة في الأسبوع 27 .
وبلغ معدل الوفيات الوطنية المرتبطة بالكوليرا 1.36% في عام 2024 بينما بلغ 2.2% في أوائل يوليو 2025 ، وهو ما يمثل زيادة قدرها 62%.
وبحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية، فإن احتياجات الاستجابة الإنسانية لعام 2025 في جمهورية الكونغو الديمقراطية تبلغ 2.5 مليار دولار، ولكن لم يتم تلقي سوى 320 مليون دولار.
وبحسب أداة مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في جمهورية الكونغو الديمقراطية، هناك 2.09 مليون عائد في شمال كيفو، و657.11 ألف في جنوب كيفو، و413.3 ألف في إيتوري.
أفادت اليونيسف أن الأطفال قد يشكلون ما بين 35% و45% من حوالي 10,000 حالة اغتصاب وعنف جنسي في شهري يناير وفبراير 2025 وحدهما، أي ما يعادل اغتصاب أطفال كل نصف ساعة، وسجلت الأمم المتحدة 67,000 حالة اغتصاب خلال الأشهر الخمسة الماضية، أي ما يعادل حوالي 450 حالة يوميًا، أي ما يعادل حالة اغتصاب واحدة كل نصف ساعة.

Trending Plus