اتفاق تجارى مع ترامب يشعل الجدل والانقسام الأوروبى.. رسوم جمركية بـ15% والتزامات بمليارات الدولارات.. فرنسا وألمانيا وإسبانيا تنتقده وتصفه بـ الرضوخ لواشنطن.. تحذيرات من ضرب الاقتصاد وصناعة السيارات والكيماويات

أثار اتفاق تجارى جديد بين الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب ، و قادة الاتحاد الاوروبى، جدلا واسعا بعد مفاوضات مكثفة استمرت لأسابيع، ففي الوقت الذى رحبت فيه بعض الدول بهذا الاتفاق التجارى لأنه يهدف إلى تجنب اندلاع حرب تجارية شاملة بين الطرفين، انتقده دول آخرى ترى أنه يعكس الرضوخ لواشنطن.
وأعربت فرنسا وألمانيا وإسبانيا، عن استياءها من بنود الاتفاق ووصفوه بأنه غير متوازنة وتمثل تنازلات كبيرة أمام ضغوط واشنطن.
اتفاق تحت الضغط: رسوم جمركية بـ15% والتزامات بمليارات الدولارات
وينص الاتفاق الجديد على فرض رسوم جمركية بنسبة 15% على عدد من السلع الأوروبية المصدرة إلى السوق الأمريكية ، وقد اعتبر هذا الرقم تسوية بين المقترح الأوروبى بإلغاء الرسوم ، والتهديد الأمريكي برفعها إلى 30%، كما التزم الاتحاد الأوروبي في الاتفاق بـ: شراء طاقة أمريكية بقيمة 750 مليار دولار، وضخ استثمارات إضافية بقيمة 600 مليار دولار.
انتقادات أوروبية: استسلام تجارى وسياسى
اعتبرت الحكومة الفرنسية أن الاتفاق يمثل رضوخا سياسيا ، وفال رئيس الوزراء فرانسوا بايرو إن أوروبا تخلت عن سيادتها الاقتصادية لصالح واشنطن واصفا يوم توقيع الاتفاق بأنه يوم أسود فى تاريخ الاتحاد.
ومن جانبه وصف وزير التجارة الفرنسي، الاتفاق بأنه "فرصة ضائعة"، داعيًا إلى مفاوضات تقنية جديدة لإعادة التوازن بين الطرفين.
كما انتقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يوم الأربعاء اتفاقية التجارة الأخيرة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، مؤكدًا أن الاتحاد الأوروبي لم يحظَ بالاحترام الكافي أو "الخوف" في مواجهة ضغوط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وفي ألمانيا، حذّر المستشار فريدريش ميرز من أن الرسوم الجمركية قد تُسبب ضررًا اقتصاديًا كبيرًا، خاصة لقطاعات صناعة السيارات والكيماويات، التي تعتمد بشكل كبير على السوق الأمريكية، ورغم تحفظاته، أكد ميرز أن الاتفاق "يمنع تصعيدًا تجاريًا كان سيُضر بالاقتصاد الألماني بشدة".
أما فى إسبانيا ، فعبر رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز عن دعمه عبر المتحمس للاتفاق مشيدا بموقف المفوضية الأوروبية ولكنه أيضا أكد على وجود تحفظات كبيرة على تفاصيل الاتفاق.
ووجه رئيس الوزراء المجرى ، فيكتور أوربان ، انتقادا لاذاعا للاتفاق مؤكدا أنه أسوأ من الصفقة التي أبرمتها بريطانيا مع الولايات المتحدة فى مايو الماضى.
وفي تصريح ساخر، قال أوربان في بث مباشر، لم يبرم ترامب اتفاقا مع فون دير لاين ، بل ابتلعها على الإفطار".
المفوضية الأوروبية تدافع: "أفضل من حرب تجارية"
وفى مواجهة تلك الانتقادات ، أكدت المفوضية الأوروبية أن الاتفاق جاء لتجنب مواجهة تجارية مكلفة، وقال المفوض الأوروبى لشئون التجارة ، ماروس سيفكوفيتش "أنا واثق بنسبة 100% أن هذا الاتفاق أفضل من الإنزلاق إلى حرب تجارية مع الولايات المتحدة الأمريكية".
تحذير من أضرار اقتصادية وأبرز القطاعات المتضررة
تعتبر السيارات أول القطاعات المتضررة من هذا الاتفاق ، والأدوية والنبيذ والكحوليات ، وأيضا المنتجات الفاخرة.
وأعربت صناعات بارزة مثل السيارات والنبيذ والنفط عن اسفها لعدم التواصل إلى اتفاق أكثر انصافا، محذرة من تداعيات الرسوم الجمركية على صادرتها ، ففي ألمانيا ، عبرت شركات صناعة السيارات عن قلقها من أن تلك الرسوم سترتد فى النهاية على المستهلك الأمريكي من خلال ارتفاع الأسعار.
ويبدى مزارعو الكروم فى إيطاليا مخاوفهم من التأثير السلبى على المبيعات ، بينما أعرب قطاع الشمبانيا الفرنسي من تفاؤل حذر فى ظل الأثار المتوقعة على المدى المتوسط.
ورغم الانتقادات، اعتبرت بعض التحليلات أن الاتفاق حال دون اندلاع حرب تجارية واسعة النطاق ، خاصة فى ظل موافقة الاتحاد الأوروبى على شراء معدات عسكرية بقيمة 600 مليار دولار كجزء من ترتيب التهدئة مع واشنطن.
ومن ناحية آخرى ، فقد حظر مركز دراسات السياسات الأوروبية من أن هذه الهدنة التجارية لا ترضى الجميع ، فى ظل تزايد الأصوات داخل الاتحاد الأوروبى المطالبة بإصلاحات عاجلة لحماية المنتجات الأوروبية وتخفيف الأعباء على القطاعات المتضررة.
من جانبه، أعلن الرئيس التنفيذي للاتحاد الأوروبي"رفضه المطلق" للاتفاق بصيغته الحالية، مشيرًا إلى أن المفاوضات لم تُراعِ مصالح جميع الدول الأعضاء، ولا القطاعات الاقتصادية الأكثر حساسية.
في الوقت ذاته، تتزايد الضغوط على المفوضية الأوروبية لفتح باب المفاوضات مجددًا، أملاً في تحقيق اتفاق أكثر توازنًا وعدالة يضمن مصالح المنتجين الأوروبيين ويحول دون تفاقم التوترات الاقتصادية عبر الأطلسي.

Trending Plus