العثور على قربان عسل عمره 2500 عام يحل لغزًا دام 70 عامًا فى إيطاليا

أكد علماء الآثار، أن بقايا لزجة داخل جرار برونزية عمرها 2500 عام من جنوب إيطاليا هي عسل عتيق، مما يُقدم دليلاً مباشراً على ممارسات طقسية في إحدى أهم مدن اليونان الكبرى، يُنهي هذا الاكتشاف جدلاً استمر لعقود، بدأ عند اكتشاف الجرار قبل نحو 70 عاماً.
اكتشاف في المدينة اليونانية القديمة
يأتي هذا الاكتشاف من بايستوم، وهي مستوطنة قديمة على الساحل التيراني أسسها المستعمرون اليونانيون من سيباريس حوالي عام 600 قبل الميلاد، وفقا لما نشره موقع"greekreporter".
كانت المدينة تُعرف آنذاك باسم "بوسيدونيا "باليونانية، وازدهرت لمدة قرنين من الزمان تحت السيطرة اليونانية وأصبحت مشهورة بمعابدها الدورية الضخمة المخصصة لهيرا وأثينا - بعض من أفضل المعابد اليونانية المحفوظة في العالم.

جرار برونزية تحتوى على بقايا عسل عمرها 2500 عام
استُعيدت الجرار عام 1954 من ضريح البطل، داخل الحرم المقدس للمدينة اليونانية القديمة، يُرجَّح أن الضريح كان يُكرِّم شخصية محلية أو مؤسسًا أسطوريًا؛ ويربطه بعض العلماء بإيسوس هيليس، المؤسس الأسطوري لسيباريس.
كانت عبادة الأبطال محورية في الديانة اليونانية، حيث كانت تترك قرابين من الطعام والشراب والعسل للموتى، ويُنظر إليها على أنها وسطاء بين البشر والإله.
دور العسل في الطقوس والحياة اليونانية
كان للعسل مكانة فريدة في الثقافة اليونانية، كان يُقدّر كغذاء، ويُستخدم في مستحضرات التجميل والطب، ويحمل دلالات رمزية للنقاء والخلود.
وصف الكُتّاب القدماء العسلَ مرارًا بأنه " غذاءٌ خارق "، وكان يُستخدم في القرابين المُقدّمة للآلهة والأبطال على حدٍ سواء حسب تصورهم، ويتناسب وجود جرار العسل في تمثال مالك الحزين مع هذا المشهد الطقسي الأوسع، والذي شمل في بيستوم أيضًا مذابح، وقضبانًا حديدية ملفوفة بالصوف، وطاولات خشبية وُجدت بجانب الأواني.
فشلت الاختبارات السابقة في حل اللغز
عندما اكتُشفت الجرار البرونزية لأول مرة، اشتبه علماء الآثار في احتوائها على عسل بناءً على شكلها وسياقها، إلا أن العديد من الاختبارات العلمية التي أُجريت على مدى العقود السبعة التالية لم تُسفر عن اكتشاف السكريات، مما ترك هذه النظرية دون إثبات، وقد تم وصف البقايا لفترة طويلة بأنها "مادة لزجة"، وكان الافتقار إلى النتائج سبباً في جعل الجرار واحدة من ألغاز بايستوم الدائمة.
التحليل الحديث يؤكد محتويات قرص العسل
قام فريق بقيادة لوسيانا دا كوستا كارفالو، الكيميائية بجامعة أكسفورد، بإعادة النظر في المسألة باستخدام مطياف الكتلة المتقدم، وقد أتاحت هذه الطريقة للباحثين تحديد جزيئات محددة داخل البقايا.
ولأول مرة، اكتشف الباحثون سكريات سداسية سليمة - السكريات السائدة في العسل - بالإضافة إلى غذاء ملكات النحل، وهو إفراز غني بالعناصر الغذائية تنتجه النحلات العاملة.
وقال كارفاليو في بيان: "ما أراه مثيرا للاهتمام هو أن الإغريق القدماء اعتقدوا أن العسل غذاء خارق"، مؤكدا على أهميته الثقافية والطقوسية.
أيونات النحاس حافظت على العسل القديم
كشفت الدراسة عن تفاصيل أخرى غير متوقعة مثل وجود أيونات النحاس في البقايا، هذه الأيونات قاتلة للبكتيريا، أي أنها تقضي عليها.
وأشار "كارفاليو" إلى أن هذه الخاصية ربما ساعدت في الحفاظ على السكريات لآلاف السنين، مما سمح لآثار العسل بالبقاء في الجرار على الرغم من ظروف الدفن.

Trending Plus