بسبب غزة.. ضغوط متزايدة على المستشار الألمانى لمعاقبة إسرائيل.. عزلة أوروبية تهدد برلين بعد رفض تعليق مشاركة تل أبيب بـ"هورايزون أوروبا".. الأحزاب الداخلية تشكك فى الدعم غير المشروط لنتنياهو.. وميرز يطلب التريث

تتزايد الضغوط الداخلية والخارجية على المستشار الألماني فريدريش ميرز، وسط تفاقم المجاعة في قطاع غزة، لدفعه نحو التخلي عن دعمه القوي لإسرائيل، والسماح للاتحاد الأوروبي باتخاذ خطوات عقابية ضد حكومة بنيامين نتنياهو، التي تواجه اتهامات دولية متصاعدة بارتكاب انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي.
وكانت المفوضية الأوروبية قد اقترحت هذا الأسبوع تعليق أجزاء من اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، مشيرة إلى أن سياسات الحكومة الإسرائيلية تسببت في كارثة إنسانية تهدد سكان غزة بالكامل تقريبًا.
الاقتراح الذي تم تداوله بين سفراء دول الاتحاد الأوروبي، يدعو لتعليق جزئي لمشاركة إسرائيل في برنامج "هورايزون أوروبا"، أكبر برامج الاتحاد في مجال الأبحاث والابتكار، إلا أن ألمانيا وثلاث دول أخرى حالت دون تمريره خلال اجتماع السفراء.
ورغم دعم متزايد من العديد من دول الاتحاد الأوروبي للخطوة المقترحة، فإن ألمانيا رفضت حتى الآن الموافقة عليها، مما وضع ميرز في عزلة واضحة بين كبار زعماء أوروبا، خاصة بعد إعلان كل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر عزمهما الاعتراف بدولة فلسطينية، ومطالبتهما نتنياهو بوقف العمليات العسكرية والسماح بوصول المساعدات الإنسانية لغزة.
حتى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، أقر هذا الأسبوع بوجود "مجاعة حقيقية" في القطاع، في تحول لافت في خطاب الداعمين التقليديين لإسرائيل.
وقال ميرز إنه سينتظر نتائج زيارة وزير خارجيته يوهان فادفول إلى إسرائيل، والمقررة اليوم الخميس، قبل اتخاذ قرار بشأن الخطوات المقبلة، مؤكدًا أنه قد يسعى لتنسيق موقف ألمانيا مع فرنسا والمملكة المتحدة من خلال زيارة مشتركة لتقصي الحقائق، وهو ما قد يؤجل الحسم حتى الأسبوع المقبل.
وقال ميرز: "نحتفظ بطبيعة الحال بحقنا في إجراء المزيد من المناقشات واتخاذ قرارات أخرى. ونفترض أن الحكومة الإسرائيلية مستعدة تمامًا للاعتراف بضرورة اتخاذ إجراء ما الآن".
على الصعيد الداخلي، يواجه ميرز ضغوطًا من داخل الائتلاف الحاكم نفسه، إذ بدأ الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وشخصيات معارضة في التشكيك في سياسة الدعم غير المشروط لإسرائيل.
وأكدت النائبة عن الحزب، ديريا تورك-ناشبور، أنه من المقرر عقد مشاورات حكومية عقب زيارة وزير الخارجية، قائلة: "أود أن نتخذ قرارات بشأن إجراءات أكثر واقعية"، وأضافت: "التنسيق الأوروبي يعني أيضًا عدم عرقلة إجراءات بروكسل".
وكان الحزب الاشتراكي الديمقراطي قد دعا رسميًا في يونيو الماضي، الحكومة الألمانية، إلى عدم تعطيل التعليق الجزئي لاتفاقية الشراكة الأوروبية مع إسرائيل.
كما أكد مصدر دبلوماسي أوروبي لصحيفة "بوليتيكو"، أن الضغوط على ألمانيا قد تأتي من الداخل أكثر من الخارج، مؤكدًا أن "حتى حزب ميرز المسيحي الديمقراطي لم يعد قادرًا على تبرير أفعال إسرائيل أو التستر عليها.
وتعيد إيطاليا، التي وقفت إلى جانب ألمانيا في معارضة خطة المفوضية، النظر هي الأخرى في موقفها، وأوضح المصدر أن المباحثات ما زالت جارية بين الجانبين الإيطالي والإسرائيلي.
في السياق ذاته، بدأت بعض الدول الأوروبية تطالب المفوضية باتخاذ خطوات أكثر صرامة، تشمل تعليق العلاقات التجارية الرئيسية مع إسرائيل، وفرض حظر محتمل على استيراد منتجات من الأراضي المحتلة.
من ناحية أخرى، قال متحدث باسم وزير الخارجية الهولندي كاسبار فيلدكامب، إن بلاده قررت الدعوة لتعليق الفصل التجاري من اتفاقية الشراكة الأوروبية مع إسرائيل، بسبب "غياب التقدم" في المفاوضات حول إيصال المساعدات لغزة.
وبالإضافة إلى ذلك، أصبحت هولندا ثاني دولة بعد السويد تفرض عقوبات على أعضاء في الحكومة الإسرائيلية، بمنع وزيرين من حكومة نتنياهو من دخول أراضيها.
وقال فيلدكامب في مؤتمر صحفي: "نحن نرى أن الخطوات في بروكسل بطيئة للغاية"، مضيفًا أن بلاده تعتبر هذه الإجراءات "خطوة كبيرة"، نظرًا لعلاقتها التاريخية مع إسرائيل. إلا أنه استبعد في الوقت ذاته الاعتراف الأحادي بالدولة الفلسطينية، مشيرًا إلى "غياب عملية سياسية حقيقية".
وفي فرنسا والمملكة المتحدة، يرتقب الاعتراف رسميًا بدولة فلسطين في سبتمبر المقبل خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة.
مسؤول إيطالي قال إن الاعتراف الفوري بدولة فلسطينية سيكون "لفتة سياسية"، لكن التطورات الميدانية، وخاصة استمرار الغارات الإسرائيلية، قد تدفع حتى الحكومة الإيطالية إلى تغيير موقفها.
أما في بلجيكا، فلا يزال الجدل قائمًا داخل الائتلاف الحاكم بشأن الاعتراف بفلسطين، بينما تضغط المعارضة للحاق بالموقف الفرنسي.
من جهة أخرى، اتخذت إسبانيا وأيرلندا وسلوفينيا بالفعل خطوة الاعتراف، في إشارة واضحة إلى تصدع الموقف الأوروبي الموحد مع تفاقم الحرب على غزة.
وحتى داخل المفوضية الأوروبية، ظهرت انقسامات علنية، فقد صرحت نائبة رئيس المفوضية، تيريزا ريبيرا، بأن الرئيسة أورسولا فون دير لاين تقاعست عن اتخاذ موقف أكثر صرامة، رغم مناشداتها الأسبوعية.
وقالت ريبيرا في مقابلة إذاعية إن المفوضية "تعكس الحساسيات الوطنية"، معتبرة أن ذلك يتنافى مع دورها المؤسسي كممثل لمصالح الاتحاد ككل.
كما انتقدت منظمات دولية عجز الاتحاد الأوروبي عن اتخاذ خطوات عملية، حيث قالت بشرى الخالدي، مسؤولة السياسات في منظمة أوكسفام بالأراضي الفلسطينية، لصحيفة "بوليتيكو": عجز الاتحاد الأوروبي عن الاتفاق حتى على أصغر خطوة ممكنة... أمر مضحك في مواجهة حجم المعاناة.
وأضافت: "تقول بعض الدول إنها بحاجة إلى مزيد من الوقت، لكن هذا يعني مزيدًا من الوقت لمزيد من الموت في غزة".

Trending Plus