حين تذوب العداوة فى خطاب متوازٍ: قراءة فى العبث السياسى أمام سفارة مصر بتل أبيب.. تماهى الأيديولوجيا بين الفصائل ونتنياهو يطعن فلسطين بيد أهلها.. ويقدم طوق النجاة لإسرائيل في لحظة سقوطها عالميا لخدمة "الجماعة"

غزة
غزة
بيشوى رمزى

عندما تتماهى الأيديولوجيا قد تذوب العداوة.. بل وقد تتحول إلى تحالف ضمني، هكذا يمكننا أن نصف المشهد العبثي أمام السفارة المصرية في تل أبيب، عندما خرجت ما تسمى بـ"الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني"، في تظاهرة للمطالبة بفتح معبر رفح، لتقدم خدمة صريحة إلى بنيامين نتنياهو وحكومته، ذات العقيدة اليمينية المتطرفة، في ضوء التزامن بينها وبين الضغوط الدولية الكبيرة التي يتعرض لها الاحتلال، على خلفية ما يرتكب من انتهاكات إنسانية بالغة، تتراوح بين قصف الأبرياء في مختلف أنحاء قطاع غزة، أدى إلى مقتل الآلاف من سكانه، بينما يواجه الأحياء منهم سلاح التجويع، جراء تقييد دخول المساعدات الإنسانية.

ولعل توقيت التحرك، والذي يمثل طوق النجاة لحكومة نتنياهو، لا يساهم فقط في تخفيف الضغوط على الاحتلال في لحظة سقوطه الأخلاقي أمام العالم، وإنما يهدف في الأساس إلى تحويل سهام الإدانة والانتقاد إلى مصر، والتي تعد الداعم الأكبر للقضية الفلسطينية، والحارس الأول لحقوق أهلها في بناء دولتهم المستقلة، والتي لعبت الدور الأبرز فيما تحقق من مكاسب كبيرة، منذ أحداث السابع من أكتوبر، وعلى رأسها سلسلة الاعترافات المتواترة بالدولة، من قلب الغرب الأوروبي، في إنجاز تجاوز لغة الخطابات الرسمية لأول مرة منذ إثارة حل الدولتين في المحافل الدولية، قبل عقود، وهو ما أضفى الزخم مجددا للقضية برمتها، على عكس إرادة إسرائيل، والتي حاولت طمسها في العديد من المراحل خلال السنوات الماضية، بينما كانت دعوات التهجير وفصل الضفة عن غزة هي أحدث حلقاتها.

التماهي المصلحي بين إسرائيل والحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني، والتي تعد أحد أفرع جماعة الإخوان، تجلى في احتفاء تل أبيب بالتظاهرة، وهو ما بدا في العديد من التقارير الإخبارية المنشورة على المواقع والمذاعة على القنوات العبرية، في ظل ما تساهم به تلك التظاهرات من تشويه في صورة مصر، وبالتالي تقويض مواجهتها الشرسة ضد مخططات الاحتلال والتي تهدف في الأساس إلى تصفية القضية وحرمان الفلسطينيين من حقهم الأصيل في بناء دولتهم، وهو الهدف الرئيسي والإنجاز الذي يسعى نتنياهو إلى تحقيقه لتخليد اسمه في سجلات بلاده، ليمحو به وصمات العار والفساد التي تلاحقه.


التوافق الضمني بين سياسات حكومة نتنياهو، والفصائل في غزة، تجلى في العديد من المشاهد، ربما كانت المظاهرات الأخيرة أحدث حلقاتها، هو ما أدركه الإسرائيليون والفلسطينيون أنفسهم، فتحركوا للتظاهر ضدهما سواء في تل أبيب أو غزة.

والمفارقة الملفتة في هذا الإطار، تتجلى في أحد المشاهد التي خرج فيها إسرائيليون، ومن ذوي الرهائن المحتجزين في غزة للتظاهر في نفس المكان، أمام السفارة المصرية، ولكن ليس احتجاجا، وإنما طلبا للنجدة، بعدما شهدوا بأنفسهم بنزاهة الدور الذي تلعبه القاهرة، والقائم في الأساس على احترام الإنسان وحقوقه، بغض النظر عن الدين أو الجنس أو حتى علاقات السياسة، وأما عن الإشادات الفلسطينية من قلب غزة.. فحدث ولا حرج، بعدما تصدرت مصر المشهد الإنساني بفتح المعابر، وتقديم أكبر كم من المساعدات لسكان القطاع، ناهيك عن تحويل أراضيها في رفح إلى نقطة التقاء، تلتقي فيها المساعدات القادمة من مختلف مناطق العالم، تمهيدا لنقلها للسكان المحاصرين.

التماهي الأيديولوجي بين نتنياهو والفصائل، والذي لا ينفي العداء بينهما، يمكن استخلاصه عبر قراءة متأنية للتعنت الكبير من الجانبين في العديد من المشاهد، برزت أولا في العملية التفاوضية، سواء من الجانب الإسرائيلي، فيما يتعلق بوقف إطلاق النار خلال المرحلة الأولى من العدوان، أو تمرير المساعدات الإنسانية، ناهيك عن عدم الاستجابة لصوت الشارع في الداخل، بينما يبقى الجانب الآخر متعنتا هو الآخر في بعض القضايا، ربما أبرزها يرتبط بالرضوخ لنداء العقل عبر الانضواء تحت لواء السلطة الفلسطينية، ومنظمة التحرير باعتبارها المظلة الشرعية للشعب الفلسطيني، وهو أيضا يمثل مطلبا شعبيا لسكان غزة، ترجمته المظاهرات التي شهدها القطاع، في بعض مراحل العدوان الحالي، للمطالبة بإنهاء حكم حماس ووقف الحرب ناهيك عن كونه مطلبا جماعيا، سواء على الصعيد الدولي أو الإقليمي.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى