عزلة إسرائيل تتصاعد وضغوط دولية لإنهاء الحرب.. مخاوف من الرأى العام الغربى بعد تزايد الاعتداءات على من يرتدى"الكيباه".. هآرتس: مكانة تل أبيب تدهورت بـ"الفيفا" و"يوروفيجن".. ونتنياهو يبقى على الحرب ليبقى بالحكم

فى ظل تصاعد الغضب الدولى من العدوان الإسرائيلى المستمر على قطاع غزة، وتفاقم المجاعة، تتزايد عزلة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو على الصعيدين السياسى والدبلوماسى، وسط مؤشرات واضحة على تدهور صورة إسرائيل عالميًا، حسبما رصدت صحيفة "يديعوت أحرونوت".

وصف المحلل السياسى للصحيفة إيتمار آيخنر ما تمر به إسرائيل بأنه "تسونامى دبلوماسى" غير مسبوق، تمثّل فى موجات من الإدانات والمقاطعات والرفض الشعبى والسياسى لإسرائيل فى الخارج، نتيجة حرب الإبادة والتجويع التى تشنها تل أبيب ضد المدنيين فى قطاع غزة.

ووفقًا للتقرير ذاته، فإن الاعتداءات على الإسرائيليين خارج البلاد آخذة فى الازدياد، بما فى ذلك حوادث طرد من مطاعم فى أوروبا، وتعرض أفراد يحملون رموزًا دينية يهودية لاعتداءات جسدية ولفظية، إضافة إلى ملاحقات قانونية لجنود وضباط بتهم ارتكاب جرائم حرب.

وتشير الصحيفة إلى أن هناك تحولًا جذريًا فى المواقف الأوروبية تجاه إسرائيل، حيث أصبح مجرد ارتداء الكيباه اليهودية سببًا للاعتداء، وهى ظاهرة تنذر بتدهور أعمق فى العلاقة بين إسرائيل والرأى العام الغربي.

وامتدت تداعيات العزلة إلى المؤسسات الأوروبية، إذ اقترحت المفوضية الأوروبية تعليق بعض جوانب التعاون البحثى مع إسرائيل ضمن برنامج "هورايزون 2020"، وهو أكبر مشروع بحثى تابع للاتحاد الأوروبى، وهو ما اعتبرته مصادر دبلوماسية فى بروكسل بمثابة "كارثة محتملة" للأوساط الأكاديمية والعلمية الإسرائيلية، وفقًا لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل".

فى المقابل، تتزايد الانتقادات من داخل الجاليات اليهودية فى الغرب، وخاصة فى الولايات المتحدة، وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أن نتنياهو فقد ثقة قطاعات كبيرة من اليهود الأمريكيين، خصوصًا من ينتمون إلى التيار الإصلاحى والتقدمى، فيما يواجه الحزب الديمقراطى ضغوطًا من قاعدته لوقف الدعم غير المشروط لإسرائيل.

وتابعت "هآرتس" فى تحليل نشر مؤخرًا أن مكانة إسرائيل تدهورت فى منظمات دولية كبرى مثل الاتحاد الدولى لكرة القدم (الفيفا) ومسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن)، فضلًا عن تراجع واضح فى حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

وفى أوروبا، تتوالى التحركات نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية، حيث صرح الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون أنه يعمل مع شركاء أوروبيين لدفع هذا الملف قدمًا. من جانبه، وأشار تقرير فى "ذا غارديان" إلى أن رئيس الوزراء البريطانى كير ستارمر يعتزم دعم خطة سياسية جديدة تتضمن الاعتراف بدولة فلسطينية كجزء من أى اتفاق سلام دائم.

ووفقًا لما أوردته شبكة "ABC Australia"، تدرس كل من أستراليا ونيوزيلندا والبرتغال ومالطا اتخاذ خطوات مماثلة للاعتراف بالدولة الفلسطينية، فى مؤشر على تآكل الدعم الدبلوماسى التقليدى لإسرائيل.

وفى سياق الضغوط المباشرة على نتنياهو، أجرت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلونى اتصالًا هاتفيًا طالبت فيه بوقف فورى لإطلاق النار وفتح ممرات إنسانية عاجلة إلى غزة، بحسب ما نقلته صحيفة "لا ريبوبليكا" الإيطالية، وتزامنت هذه الدعوة مع احتجاجات متصاعدة داخل إيطاليا تطالب بدور أكبر لروما فى وقف المأساة الإنسانية الجارية.

وفى الولايات المتحدة، وصل المبعوث الرئاسى الخاص ستيف ويتكوف إلى تل أبيب حاملًا مقترحات جديدة لوقف إطلاق النار، تشمل هدنة مدتها 60 يومًا وإطلاق سراح أسرى فلسطينيين مقابل المحتجزين الإسرائيليين. ومع ذلك، نقلت صحيفة "يسرائيل هيوم" عن مصادر إسرائيلية قولها أن فرص نجاح المبادرة ضعيفة، بسبب رفض تل أبيب لبعض شروط حماس، مما يعمق فجوة الثقة.

من جانبها، وصفت صحيفتا "هآرتس" و"يسرائيل هيوم" الحرب الدائرة بأنها باتت أداة سياسية لبقاء نتنياهو وائتلافه اليمينى فى الحكم، فى ظل غياب رؤية استراتيجية واضحة، وانتقدت "هآرتس" بشدة القيادة العسكرية، مؤكدة أن استمرار الحرب بات يهدد حياة الجنود الإسرائيليين دون تحقيق أى إنجاز سياسي.

وفى ختام تقريرها، حذرت "يديعوت أحرونوت" من أن إسرائيل تواجه اليوم عزلة متزايدة قد تتحول إلى انهيار دبلوماسى شامل إذا لم تبادر إلى وقف الحرب وتقديم حلول سياسية جادة، وخلص المحلل إيتمار آيخنر إلى أن نتنياهو لم يعد يملك ترف المناورة، وأن مواصلة الحرب لم تعد تخدم سوى بقائه السياسي.