مصر تكسب الرهان.. اقتصاد قوى رغم الأزمات.. والمنتجات الزراعية تغزو الأسواق الأوروبية والأسيوية.. والربط الكهربائى مع أوروبا يجعل القاهرة مركزًا إقليميًا للطاقة.. وقطاع الاتصالات والتكنولوجيا أصبح محركًا للنمو

رغم ما خلفته التحديات الدولية من ضغوط متزايدة على الاقتصاد المصري، سواء على صعيد التجارة الخارجية أو تدفقات رؤوس الأموال، إلا أن هذه المتغيرات كشفت – في ذات الوقت – عن مجموعة من الفرص الواعدة التي يمكن توظيفها بفعالية، اعتمادا على ما تمتلكه مصر من مزايا نسبية، وقدرات تنافسية، وموقع استراتيجي يجعلها نقطة ارتكاز إقليمي في مجالات متعددة.

وتتجلى هذه الفرص في عدد من المسارات المتكاملة، التي يمكن البناء عليها لتحقيق نقلة نوعية في الأداء الاقتصادي.

وفي هذا الصدد، تأتي وثيقة خطة التنمية الاجتماعية والاقتصادية للعام المالي 2025/2026، الضوء علي أهم النقاط والتي تعكس قدرة الاقتصاد المصري على تحويل التحديات الخارجية إلى روافع للنمو المستدام، شريطة المضي قدما في الإصلاحات الهيكلية، ودعم الشراكة مع القطاع الخاص، وتعزيز التنافسية على المستويين الإقليمي والدولي.

1 -  تحفيز الصادرات الزراعية نحو أسواق واعدة
تأتي الأسواق الأوروبية – لاسيما ألمانيا وإيطاليا – إلى جانب بعض دول أمريكا اللاتينية وفيتنام، في مقدمة الدول التي أبدت اهتماما متزايدا بالمنتجات الزراعية المصرية، خصوصا الخضروات والفاكهة الطازجة، ويتيح ذلك فرصة حقيقية لتعزيز نفاذ الصادرات المصرية إلى تلك الأسواق، وزيادة العائد من العملة الأجنبية، في ظل التوجه العالمي نحو تنويع مصادر الغذاء والاستيراد من دول تمتلك قدرات تصديرية مرنة وموثوقة.

2- توسيع قاعدة الاستثمار في قطاع الطاقة التقليدية

في ضوء تسوية مستحقات الشركاء الأجانب في قطاع البترول والغاز الطبيعي، شهد القطاع عودة قوية لنشاط الاستكشاف وتطوير الحقول القائمة، مع فتح آفاق جديدة للتنقيب في مناطق الامتياز.

وتشير خطة التنمية، إلي أن هذا التوجه يعزز من فرص التوسع في تشغيل محطات الإسالة (دمياط وإدكو)، وزيادة السعات التخزينية، فضلا عن التخطيط لإنشاء أسطول وطني لنقل الغاز المسال، مما يمكّن مصر من التوسع في أسواق جديدة، وترسيخ دورها كمصدر موثوق للطاقة.

3- تمكين مصر كمركز إقليمي لتداول الطاقة

يمثل مشروع الربط الكهربائي الثلاثي بين مصر واليونان وقبرص – ضمن مبادرة الربط بين أوروبا وإفريقيا – نقطة انطلاق استراتيجية لنقل الطاقة الكهربائية من مصر إلى القارة الأوروبية، بقدرة تصل إلى 3000 ميجاوات.

ويُضاف إلى ذلك مشروعات الربط مع الأردن والمملكة العربية السعودية، التي تعزز التعاون العربي المشترك، وتدعم موقع مصر كبوابة محورية لتجارة الطاقة إقليميا ودوليا، مستفيدة من بنيتها التحتية المتطورة وشبكاتها الإقليمية الواسعة.

4- نمو تحويلات المصريين بالخارج كرافد للنقد الأجنبي
في ظل ارتفاع أسعار النفط عالميا، وازدياد العائدات المالية في دول الخليج، من المتوقع أن تستمر تحويلات المصريين بالخارج في النمو، لاسيما مع التوسع في تقديم حوافز للمغتربين، وتحرير سعر الصرف، مما يعزز قدرة الدولة على الاستفادة من هذه الموارد في دعم ميزان المدفوعات والاستقرار النقدي.

5- تحسن مناخ الاستثمار وديناميكية القطاع الخاص
يُشكل التحسن التدريجي في بيئة الاستثمار عاملا مهمًا في جذب رؤوس الأموال الأجنبية، خاصة مع اتجاه الدولة نحو التخارج من بعض الأنشطة الاقتصادية غير الاستراتيجية، وإتاحة المجال أمام القطاع الخاص، في إطار تنفيذ وثيقة "سياسة ملكية الدولة".
كما تساهم الحوافز والتسهيلات الممنوحة في تشجيع الاستثمار طويل الأجل، سواء المباشر أو غير المباشر، عبر الأسواق المالية.

6- الاقتصاد الأخضر والطاقة النظيفة كمجال مستقبلي واعد
تضع مصر على أجندتها التحول نحو الاقتصاد الأخضر، من خلال التوسع في مشروعات الطاقة المتجددة، كالمحطات الشمسية ومزارع الرياح، إلى جانب الاستثمار في الهيدروجين الأخضر، وتصنيع السيارات الكهربائية والمكونات التكنولوجية الحيوية مثل أشباه الموصلات وخلايا الطاقة الشمسية.
وتُعد المنطقة الاقتصادية لقناة السويس منصة استراتيجية لتوطين هذه الصناعات المستقبلية، وتصديرها للأسواق العالمية.

7- قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات كمحرك للنمو
يواصل قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات تسجيل معدلات نمو سنوية تفوق 15%، بفضل اتساع نطاق الأعمال، وزيادة أعداد الشركات العاملة، وارتفاع الطلب على خدمات التعهيد (Outsourcing) والاستشارات التقنية. ويُعزز هذا القطاع من فرص تنويع مصادر الدخل القومي، وخلق فرص عمل نوعية، ورفع كفاءة الاقتصاد الرقمي.