مونيكا حنا: علم المصريات نشأ فى سياق استعمارى

كشفت مونيكا حنا، الباحثة في علم المصريات، عن الدوافع التي قادتها لتأليف كتابها "مستقبل علم المصريات"، مشيرة إلى أن هذا التخصص ظل لسنوات منشغلًا بالماضي، بينما أرادت أن تفتح باب التفكير في مستقبله، مؤكدة أن خلفيتها الأكاديمية ونقدها الذاتي لما تعلمته دفعاها إلى التساؤل حول طبيعة هذا العلم وضرورة تغييره.
وتحدثت مونيكا حنا، في لقائها مع الإعلامية منى الشاذلي، ببرنامج "معكم" المذاع عبر قناة ON، عن تجاربها الشخصية في الحفائر ودراسات ما بعد الدكتوراه، والتي ساعدتها على تكوين آراء لم يكن مسموحًا لها بالتعبير عنها سابقًا، فنوّهت إلى فضل الدكتور خالد فهمي في تعليمها آليات العمل داخل دار الوثائق القومية، والتي وصفتها بـ"الكنز"، مؤكدة أن اطلاعها على وثائق غير منشورة من مصلحة الآثار القديمة ساعدها على فهم طريقة عمل المؤسسة الأثرية، ما شكّل أساسًا لفصول كتابها.
في جزء آخر من الحوار، سلطت منى الشاذلي الضوء على ما وصفته بـ"الخناقة الكبيرة" التي دارت حول كنوز مصر بين الإنجليز والفرنسيين والألمان، دون أن تكون مصر طرفًا حقيقيًا فيها، وأكدت مونيكا حنا أن علم المصريات نشأ من تجارة الآثار، على عكس مجالات مثل الأنثروبولوجيا، حيث بدأت البعثات في جمع القطع الأثرية لصالح المتاحف الأوروبية، مثل لندن وباريس وبرلين وتورينو.
وأشارت إلى أن البحث عن "الكنز" الأثري بدأه قناصل محمد علي الثلاثة: هنري سولت، وداتانازي، وبرناردينو دروفيتي، ما شكّل الأساس لميلاد علم المصريات الأوروبي.
كما تحدثت عن التهميش الذي واجهه علماء الآثار المصريون في بداية نشأة العلم، مستشهدة بأحمد كمال باشا، أول عالم آثار مصري، الذي منعه أوجست مارييت من دخول متحف بولاق لتعلم اللغة الهيروغليفية. وذكرت أن مارييت كان يخشى أن تفقد البعثات الفرنسية مكانتها إن برع المصريون في هذا العلم.
واستعرضت مونيكا حنا محاولات لاحقة لجيل من العلماء المصريين، مثل سليم حسن وأحمد فخري، لإعادة تشكيل المجال، لكنها أكدت أن الإنتاج المعرفي ظل حتى بعد 1952 محصورًا إلى حد كبير في يد المؤسسات الغربية.
وأكدت مونيكا حنا أن فكرة فصل مصر الحديثة عن مصر القديمة هي رواية استعمارية، منتقدة الادعاء بأن الأجانب وحدهم هم من فهموا الحضارة المصرية، بينما تعامل معها المصريون كمصدر حجارة، لافته إلى أن الأجانب كانوا كذلك يسعون وراء الكنوز لبيعها.
كما شددت على أن محاولات فك رموز الهيروغليفية لم تبدأ مع الغرب، بل تعود إلى علماء عرب مثل ذو النون المصري، الذي أطلق على الهيروغليفية اسم "لغة الطير"، وأضافت أن العلماء العرب أدركوا أن اللغة القبطية تمثل المرحلة الأخيرة من اللغة المصرية القديمة، وهو ما لم يكن اكتشافًا غربيًا، بل جزءًا من محاولات عربية لفهم التاريخ من خلال الحاضر، وهو ما اعتبرته مقاربة حديثة لتأريخ الماضي.

Trending Plus