هل يمكن زيارة متاحف مصر افتراضيا؟.. «السياحة والآثار» بدأت بجولة افتراضية فى مقبرة رمسيس السادس.. خبراء: رقمنة الآثار تعرضها للسرقة الثقافية.. وآخرون: الإتاحة الرقمية تحمى الأصل وتثرى الوعى الجماهيرى

- مدير متحف مكتبة الإسكندرية: الرقمنة استثمار فى المستقبل.. تتيح نسخة رقمية دقيقة لأى طارئ.. ويؤكد: أصبحت ضرورة لا رفاهية
فى عصر تتحول فيه كل مظاهر الحياة إلى رقمية، من التسوق والتعليم إلى الفن والثقافة، يظل سؤال كبير يطرح نفسه: هل تستطيع المتاحف، وهى معاقل الزمن والتاريخ، أن تلحق بالثورة الرقمية؟ وهل يمكن لذاكرة الأمم أن تنجو من الاندثار عبر شاشة؟
المتاحف تُعد ذاكرة الشعوب، تحفظ آثارهم، ومقتنياتهم، وملامح حضارتهم، لكن فى العقود الأخيرة، ومع تراجع زيارات المتاحف التقليدية، لاسيما بعد جائحة كورونا، بدأ الحديث يتصاعد عن «رقمنة المتاحف»، أى تحويل مقتنياتها وطرق عرضها إلى نسخ رقمية يمكن الوصول إليها عبر الإنترنت أو من خلال تطبيقات ذكية.
فى مصر، وهى من أغنى دول العالم بالآثار، بدأت بعض المبادرات فى هذا الاتجاه، لكن هل يكفى ما تحقق؟ وهل نمتلك البنية التحتية التى تسمح بجعل متاحفنا فى متناول العالم كله؟
لقد اتجهت بعض المتاحف الكبرى فى العالم نحو الواقع الافتراضى (VR)، مثل متحف اللوفر ومتحف المتروبوليتان، ما يتيح للزائر التجول داخل المتحف من بيته، وتكبير كل قطعة أثرية، والاستماع لشرح حولها بلغات مختلفة.
.jpg)
افتتاح الدرج العظيم بالمتحف المصرى
وبدأت فى مصر، وزارة السياحة والآثار قبل سنوات مشروعات تجريبية، منها عرض جولة افتراضية داخل مقبرة «رمسيس السادس»، ومتحف الحضارة ومقبرة «نيفر تم حات»، لكن ربما لا يكفى هذا التحول للتجربة من العينة إلى المسار العام.
ولا يخلو التحول الرقمى فى المتاحف من الجدل، فبعض الخبراء يرون أن رقمنة الآثار قد تُعرّضها للسرقة الثقافية أو القرصنة الرقمية، بينما يرى آخرون أن الإتاحة الرقمية تحمى الأصل، وتُثرى الوعى الجماهيرى.
ومع تراجع السياحة التقليدية، تبرز فكرة «السياحة الثقافية الرقمية»، وهى أن يصبح بإمكان أى شخص فى العالم أن يزور المتحف المصرى أو معبد الكرنك أو قصر الأمير محمد على بضغطة زر، سواء لأغراض البحث أو التعلم أو حتى السياحة المدفوعة افتراضيًا.
ويقول عالم الآثار الدكتور حسن عبدالبصير، مدير متحف مكتبة الإسكندرية: إن «الرقمنة أصبحت ضرورة لا رفاهية، خاصة عندما نتحدث عن المتاحف وحفظ التراث الثقافى، فى عالم سريع الإيقاع ومتغير، حيث تمثل رقمنة المتاحف نقلة نوعية تفتح أبوابًا جديدة للوصول إلى الآثار والمعرفة، وتجعلها متاحة أمام الجمهور فى أى مكان وزمان، عبر الهواتف الذكية أو الشاشات أو تقنيات الواقع الافتراضى والمعزز.
ولفت الى أن الرقمنة تساعد على خلق تجربة مختلفة للزائر، فهى لا تحل محل الزيارة المادية للمتحف، لكنها تضيف بعدًا جديدًا أكثر تفاعلًا وثراءً، وتخاطب الأجيال الشابة بلغة العصر التى يفهمونها ويتفاعلون معها، كما تتيح فرصًا للبحث العلمى والتعليم، وتسهم فى الترويج للسياحة الثقافية المصرية عالميًا بوسائل حديثة ومبتكرة.

أما عن المخاوف من القرصنة الرقمية وسرقة الصور أو النماذج ثلاثية الأبعاد، فأكد أنها مشروعة، لكنها لا يجب أن تُعطل مشروع الرقمنة، الخطر الحقيقى ليس فى الرقمنة نفسها، بل فى غياب الحماية الرقمية وسوء الإدارة، باستخدام تقنيات متطورة لحماية البيانات، وتحديد حقوق الاستخدام؛ يمكن تقليل المخاطر بدرجة كبيرة، بل على العكس، الرقمنة تتيح لنا الحفاظ على الأصل وتقليل تعرّض القطع الأثرية للتلف نتيجة التداول أو الإضاءة أو العوامل البيئية، وتضمن وجود نسخ رقمية دقيقة لأى طارئ.
وأشار إلى أن «الرقمنة هى استثمار فى المستقبل، وجسر بين الماضى العريق والحاضر المتطور، وطريق إلى بناء وعى جماهيرى واسع ومستنير، والمطلوب هو التوازن بين الحفاظ على الأثر فى صورته الأصلية، وبين إتاحته رقميًا بطريقة محترفة وآمنة ومحترِمة للقيمة التاريخية».
فيما أكد الدكتور خالد شريف مساعد وزير السياحة والآثار السابق للتحول الرقمى وسياحة اليخوت وتطوير المواقع الأثرية، أنه لا توجد مشاريع حالية لرقمنة المتاحف المصرية فمن الأنسب للقطاع السياحى أن تكون هناك سياحة معتمدة على زيارات فعلية وليست افتراضية فمرودها الاقتصادى يعود مصلحته على المجتمع ككل فى مطاعم مواصلات وفنادق ومرشديين سياحيين وغيرها.
كما لفت إلى أنه من غير المُحبذ أن نهتم بالزيارات الافتراضية التى تجعل السائح يشاهد المتحف بشكل كامل وهو فى منزله دون زيارة مصر، ولكن يمكن أن يتم تطوير بعض التطبيقات التى تتيح زيارات افتراضية محدودة، مثل مشاهدة أهم القطع الأثرية بمتحف معين أو عرض قطعة واحدة فى الشهر، بما يشكل حافزًا تشويقيًا يحفز السائح ويشجعه على السفر وزيارة المتحف بشكل فعلى، وهناك نوع آخر تمت تجربته بمتحفى الحضارة والتحرير، يعتمد على أن يكون هناك تطبيق للواقع المعزز يعمل فقط داخل المتحف، ويتيح للسائح رؤية الشكل الكامل للقطعة الأثرية فى تطبيق قائم على الانستجرام، وأيضًا تم عمل تجربتين احداهما فى المتحف المصرى، وأخرى فى متحف الحضارة قائمة على الواقع المعزز، وليس الواقع الافتراضى.
.jpg)
افتتاح الدرج العظيم بالمتحف المصرى

Trending Plus