العدوان يدمر الاقتصاد والفقر يصل لحد المجاعة.. البطالة فى غزة تتجاوز 80%.. 600 ألف متعطل بفلسطين.. 178 ألف عامل فقدوا وظائفهم داخل الخط الأخضر.. وإسرائيل ترفض تحويل أموال التقاعد للعمال الفلسطينيين منذ 54 عاما

كتبت آية دعبس
السبت، 05 يوليو 2025 11:00 ص
- 898 حاجزا عسكريا تخنق سوق العمل في الضفة الغربية
يشهد قطاع غزة أزمة اقتصادية خانقة، حيث تجاوزت معدلات البطالة 80% خلال العام 2024، في ارتفاع حاد عن 45% المسجلة قبل أحداث 7 أكتوبر 2023، بما يعكس الانهيار الكبير في القطاعات الاقتصادية العاملة في القطاع جراء الحصار والعدوان المستمر، هذه الأرقام الصادمة تكشف عن كارثة حقيقية يواجهها الاقتصاد الفلسطيني، حيث أصبح الفقر واقعا مريرا يعيشه مئات آلاف العمال الذين خسروا مصادر رزقهم تحت وطأة القصف والحصار.
قفزت معدلات البطالة في الأراضي الفلسطينية بشكل عام إلى 51% خلال 2024، بواقع 35% في الضفة الغربية و80% في قطاع غزة، مقارنة ب31% في العام 2023، وتشير الإحصائيات إلى وجود أكثر من 600 ألف متعطل عن العمل في الأراضي الفلسطينية، في وضع اقتصادي يوصف بأنه الأسوأ منذ عقود، وقد انخفضت أيضا نسبة المشاركة في القوى العاملة في فلسطين خلال 2024 لتصل إلى 40% مقارنة مع 44% في 2023، بينما وصلت في قطاع غزة إلى 36% بعد أن كانت 40% في العام السابق.
خسر الاقتصاد الفلسطيني نصف مليون فرصة عمل، منها 200 ألف داخل الخط الأخضر و300 ألف في سوق العمل المحلي، وهو ما يمثل نكسة لاقتصاد كان يعتمد بشكل كبير على العمالة الفلسطينية في إسرائيل، وكان عدد العمال الفلسطينيين قبل 7 أكتوبر يبلغ نحو 1.16 مليون عامل، منهم 868 ألف في الضفة الغربية و292 ألف في قطاع غزة، بينما شكل العمال الفلسطينيون العاملون داخل الخط الأخضر نحو 178 ألف عامل، ما يمثل حوالي 20% من إجمالي القوة العاملة الفلسطينية.
تتفاوت التحديات التي يواجهها سوق العمل الفلسطيني بين المناطق المختلفة، ففي قطاع غزة تحولت المصانع إلى ركام وتوقفت عجلة الحياة، مما أدى لارتفاع مستويات الفقر لتصل حد المجاعة، في حين تواجه الضفة الغربية تحديات مختلفة تتمثل في وجود 898 حاجزا عسكريا يعيق حرية الحركة والتنقل، إضافة لعدم القدرة على استغلال المناطق المصنفة (C) وفق اتفاقية أوسلو والتي تخضع للسيطرة الإسرائيلية، أما القدس فتعاني من العزلة بسبب جدار الفصل العنصري وانتشار المستوطنات، مما ساهم في ارتفاع معدلات البطالة وتفاقم الأوضاع الاقتصادية.
في محاولة لمواجهة هذه الأزمة الخانقة، تم إطلاق عدة برامج طارئة لدعم العمال المتضررين، حيث تم تخصيص 70 مليون شيكل كمحفظة مالية لبرنامج "بادر" التمويلي لعمال الخط الأخضر، يقدم قروضا حسنة بفائدة صفرية بحد أقصى 60 ألف شيكل لكل عامل وفترة سداد 4 سنوات، كما تم منح عمال الخط الأخضر المتعطلين تأمينا صحيا مجانيا، إضافة لتنفيذ مشاريع التشغيل المؤقت في قطاع الخدمات العامة والأشغال بالتعاون مع الحكومتين النرويجية والسويدية ومنظمة العمل الدولية، والتي استهدفت تشغيل مئات العمال في مختلف محافظات غزة.
وتواجه الجهود الفلسطينية لحماية حقوق العمال عقبات كبيرة بسبب الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة، حيث ترفض إسرائيل تحويل أموال التقاعد وتعويضات العمال المتراكمة منذ عام 1970، ولا تلتزم بدفع الحد الأدنى للأجور والذي يبلغ 6248 شيكل شهريا، كما يحرم العمال الفلسطينيون من بدل البطالة والحقوق الاجتماعية الأخرى، في انتهاك واضح للاتفاقات الدولية المتعلقة بحقوق العمال الأجانب. وتنتشر ظاهرة سماسرة التصاريح الذين يستغلون حاجة العمال ويبيعون تصاريح العمل في السوق السوداء بأكثر من ألف دولار شهريا.
في إطار المواجهة القانونية لهذه الانتهاكات، رفعت فلسطين شكوى رسمية لدى منظمة العمل الدولية في سبتمبر 2024 بالتعاون مع تسع نقابات عمالية دولية ضد الحكومة الإسرائيلية بسبب انتهاكها لاتفاقية حماية الأجور رقم 95 لعام 1949. ورغم أن توصيات منظمة العمل الدولية ليست ملزمة، إلا أنها تمهد الطريق أمام اللجوء لمحكمة العدل الدولية لرفع قضية ضد إسرائيل.
تسعى الحكومة الفلسطينية لإيجاد حلول مستدامة من خلال تبني استراتيجية التحول الرقمي وأجندة فلسطين الرقمية 2030، والتي تشمل رقمنة سوق العمل وتطوير منصات التشغيل واعتماد الذكاء الاصطناعي في تحليل احتياجات التوظيف، كما تعمل على إنشاء منصة ملاءمة الوظائف لتسهيل التشغيل المحلي والخارجي والعمل عن بعد، إضافة للسعي لتوقيع اتفاقيات مع الدول الشقيقة، خاصة الخليجية، لتوفير فرص عمل للعمالة الفلسطينية المتعطلة.
في الوقت نفسه، تعمل الحكومة على تحديث قانون العمل الفلسطيني رقم 7 لعام 2000، حيث تم التوافق على 80% من البنود الجديدة، والتي تشمل توسيع شمولية أحكام القانون وتوفير حماية أكبر للحقوق المكتسبة وحظر العمل الجبري والتحرش الجنسي والتمييز بكافة أشكاله، كما يتضمن القانون المعدل مواد تنظم الحق في الحرية النقابية ومحاربة ظاهرة عمالة الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم السادسة عشر عاما.

Trending Plus